هل يمكن أن تتحول الحياة فجأة من اللون الوردي إلى الأسود القاتم، وأن يشعر الإنسان بالخروج من الجنة إلى لهيب النار؟.. هذا ما يشعر به الإنسان عندما يتعرض للخداع من أقرب الناس إليه، مثلما حدث مع هاجر، الفتاة الجميلة التي ضحت بكل شيء في سبيل إقامة عش زوجية هادئ، قبل أن تكتشف أنها تحولت إلى مجرد أداة للحصول على المال.
هاجر مصممة على الخلع
بخطوات متعثرة دخلت سيدة في بداية الثلاثينات من عمرها إلى قاعة محكمة الأسرة بالزيتون، وطلبت بشكل حاسم وضع حد لمعاناتها بخلع زوجها، وبدأت تحكي قصتها بمرارة، قائلة: “اسمي هاجر، خريجة إحدى الجامعات الأجنبية، ورغم ذلك كنت أرفض الاختلاط في جميع مراحل حياتي، ولا أسمح للذكور بالتعامل معي إلا في أضيق الحدود، وهذا بسبب تربية والدتي لي بتزمت شديد، وكنت أرفض العلاقات الغرامية بين الشباب والفتيات بزعم الارتباط، وهو ما كان يراه الآخرون عُقد”.
وأضافت: لم أهتم كثيرا بآراء من يرون أني معقدة، خاصة أنني كنت مقتنعة بأن نصيبي لن يأخذه غيري.
حلم الفستان الأبيض
كمعظم الفتيات كنت أحلم بفتى أحلام أعيش معه أسعد أيام حياتي، وأمنحه ما لم أمنحه لسواه، وأروي معه ظمأ السنوات، وأرتدي الفستان الأبيض.
وتمسكت بشرط وحيد منذ صغري أحققه حين أكبر، وهو أن أكون الأولى في حياة من أرتبط به، مثلما سيكون الأول في حياتي.
قلبي دق بعد سنين عجاف
مرت سنوات الجامعة شبه بعضها، زميلاتي لا يتعدين أصابع اليد الواحدة، خاصة أنني مهتمة بدراستي فقط، وكنت مطمعا لعدد من الشباب نتيجة كوني من عائلة ثرية، وجميلة، ومحتشمة، عكس زميلات الجامعة اللاتي يرتدين الأزياء المكشوفة، وتصاحبن الشباب و"مقضيينها" خروج وفسح ورحلات.
في السنة النهائية دق قلبي بعنف، فقد وقعت عيني على الشاب الذي اعتقدت أنه فارس أحلامي، كان صديقا لبعض زميلاتي، وحاول التقرب مني بشدة، ورغم محاولاتي المستميتة لصده، إلا أنه كان مصمما وطلب مني مقابلة أهلي.
حلم السفر
تنهدت هاجر بقوة وهي تستكمل: لأني بنت خام وقعت كلمة أهلي على أذني كسحر، حيث شعرت أنه شاب جاد وملتزم ويطلب الحلال.
وافقت على الحديث معه في كافيتريا الجامعة، وعلمت أنه من أسرة متوسطة، ويدرس في جامعة حكومية بكلية التجارة، ويحلم بالسفر فور تخرجه لجمع المال واستكمال حياته بتكوين أسرة.
تحديت أهلي انتصارا لقلبي
وجدت نفسي أفكر فيه وفي حديثه، وطلبت من والدتي مقابلته أولا قبل تدخل والدي المنفصل عن والدتي، وبعد إلحاح مني وافقت أمي وقابلته.
بعد المقابلة أبلغتني أمي بالرفض، بحجة أنه شاب لا مستقبل له، وكل ما لديه مجرد حلم بالسفر، ولأول مرة أعارض والدتي الطبيبة المرموقة قوية الشخصية، وصممت على الزواج منه، وبدأت والدتي في التفكير في طريقة لتقديم العريس لوالدي رجل الأعمال، وكان السبيل الوحيد تعيينه في المستشفى الخاص الذي تملكه، ليكون لائقا أمام والدي.
رفض للمرة الثانية
بعد مقابلة هشام لوالدي، اتصل بي والدي في وجود هشام وأخبرني أنه “صايع بلا هدف” سوى أحلام لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنه على علم بتعيين والدتي له بمرتب كبير لضمان الموافقة.
خرج هشام من عند والدي وتحدث معي مؤكدا أنه شعر بالإهانة أمام والدي، الذي حقر من شأنه، فما كان مني إلا الضغط الشديد على والدي، والتهديد بالانتحار، ليوافق والدي على مضض، مشددا على أني سأندم مستقبلا.
فرح أسطوري وشبكة وسيارة ببلاش
تم الزفاف في حفل أسطوري تكفل به والدي، واشترت أمي الشبكة المناسبة أمام الجميع، وحجزت تذاكر السفر لقضاء شهر عسل في جزر المالديف.
شعرت وأنا في حضن زوجي أنني حققت أحلامي، وبدأت في منحه كل شيء، وأغدق عليه أغلى الهدايا، واشتريت له سيارة بمجرد انتهاء شهر العسل، كهدية زواج.
عدت إلى المستشفى التي أصبحت مديرة لها مع والدتي، وكانت سعادتي لا توصف بسبب عملي مع زوجي في نفس المكان.
تغيير جذري
بعد أقل من 6 أشهر من الزواج، فوجئت بزوجي يطلب مني زيادة راتبه، على الرغم من عدم إنفاقه أي شيء في المنزل، وبالطبع استجبت له وبدأت أضع المبلغ الإضافي من مالي الخاص، ليعاود الطلب مرة أخرى بعد عدة أشهر، وهو ما رفضته، حيث طلب مبلغا يفوق ما يتقاضاه مدير مستشفى.
فوجئت بعد الرفض بزوجي يتحاشى الحديث معي، وأصبحت علاقتنا الحميمية شبه نادرة طوال ثلاثة أشهر، وكلما حاولت التحدث معه يختلق الأعذار بحجج واهية، وأصبح غيابه عن المنزل عادة.
زوجي حرامي ومزور
ذات يوم استدعتني والدتي بمكتبها، وطلبت مني تفسيرا لوجود شيك في البنك بسحب مبلغ كبير من حسابي، وأنها طلبت من مدير البنك إيقاف الصرف لحين التحقق من الأمر.
ورغم دهشتي في البداية، إلا أنني حاولت التماسك أمام والدتي، وأبلغتها ببحث الأمر مع زوجي مسئول الحسابات.
خرجت من مكتب والدتي والأرض تموج بي، واتصلت بالبنك، وطلبت من المدير إيقاف صرف أي شيكات، وأنني في الطريق إليه، وبالفعل وجدت شقيقة زوجي ومعها شيك يحمل توقيعا يشبه توقيعي، لأكتشف أن زوجي زور توقيعي، وأنه وضع مبلغا ضخما.
تلاعب في الحسابات وسمسرة
بالعودة إلى حسابات المستشفى، اكتشفت أن هناك تلاعبا كبيرا في بعض الحسابات، وأن زوجي يحصل على سمسرة وعمولات في تعاقدات كثيرة، وفوجئت أن والدتي تعلم وتجمع أدلة بالفعل تمهيدا لإجراء تحقيق قد يودي بزوجي للسجن.
وتحدثت مع والدتي، وحاولت إقناعها بالاكتفاء بفصله من العمل، وكان في ذهني أن أتحدث مع والدي لتعيينه في وظيفة تكون تحت رقابته، إلا أنني داخليا كنت محطمة ومصدومة في الشخص الذي أحببته وتحديت أهلي بشأنه.
زوجي يطلب مقابلا لمنحي حقي الشرعي
بعد علم زوجي بفصله من العمل، تحولت حياتي معه إلى جحيم، وأصبح التعامل المادي مسيطرا على حياتنا.
واعتاد زوجي على شرب الخمر الذي يحصل على ثمنه من مالي الخاص، ووصل به الأمر إلى طلب أموال مقابل إعطائي حقي الشرعي، وتحول الحمل الرقيق إلى كائن استغلالي بشع، وصارحني بأنه تزوج مني بعد أن جمع معلومات عني وعن عائلتي، وأنني وسيلة فقط لتحسين مستواه المادي وانتشال أسرته من الفقر وسداد ديونهم.
اسودت الدنيا أمام عيني، وشعرت أنه يرد استحقار والدي له في شخصي، أنا من أحببته ومنحته كل شيء وحولته من مجرد صايع مثلما وصفه والدي إلى شخص لديه سيارة شيك ورصيد محترم بالبنك.
وزفرت هاجر بقوة قائلة: لم يعد لهذا الشخص أي مكان في حياتي، يكفيه ما حصل عليه، ولن أرد له الكيل باتهامه بالسرقة بعد بكاء والدته لي وتوسلات والده، بل حضرت لطلب الخلع للنجاة بما تبقى لي من حياة، لعل الله يداوي ما سببه لي من آلام.
لا يفوتك