الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وسط تهديدات باستخدام النووي.. خطة الضم الروسية تبرر لـ بوتين تصعيد المواجهة

بدء استخدام النووي..
بدء استخدام النووي.. خطة الضم الروسية تبرر لبوتين التصعيد

أثار إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا، حالة من الجدل والتساؤلات حول أسباب تلك الخطوة وتداعياتها، والتوقعات بشأن ما سيحدث مستقبلا بعد الإجراء الذي تنتقده دول غربية.

وصادق بوتين، على ضم أربع مناطق أوكرانية خلال مراسم أقيمت في الكرملين ما أثار موجة إدانة دولية فيما تعهدت كييف مواصلة تحرير أراضيها.

وأعلنت روسيا ضم مناطق "دونيتسك ولوجانسك وزابوريجيا وخيرسون"، بعدما أجرت ما وصفته بـ"استفتاءات" في هذه المناطق المحتلة بأوكرانيا، بينما أكدت الحكومات الغربية وكييف أن "التصويت ينتهك القانون الدولي وكان قسريا".

ويسيطر الجيش الروسي الآن على معظم منطقتي "لوجانسك وخيرسون"، وحوالي نصف مقاطعتي "دونيتسك و وزابوريجيا"، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

ويمثل إعلان بوتين "أكبر ضم عسكري منذ الحرب العالمية الثانية"، وفقا لصحيفة "التايمز" البريطانية.

وتمثل المقاطعات الأربع التي أعلن بوتين عن ضمها لروسيا ما يعادل 15 في المائة من أراضي أوكرانيا، حسب "التايمز".

وتعني عمليات الضم أن روسيا، التي استولت بالفعل على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، تحتل حوالي 22 بالمئة من أراضي أوكرانيا ومن بينها أجزاء لا تسيطر عليها، وفقا لـ"رويترز".

وبعد إعلان بوتين فإن حوالي 40 ألف ميل مربع من شرق وجنوب أوكرانيا ستصبح جزءا من روسيا، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

عانت القوات الروسية من انتكاسات شديدة في ساحات القتال في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، ما دفع بوتين إطلاق تعبئة جماهيرية لجنود الاحتياط.

ويعني الضم المتعجل لأراض أوكرانية أن جبهات القتال ستمتد الآن عبر أراض أعلنت روسيا أنها تابعة لها، وقال بوتين إنه مستعد للدفاع عنها بالأسلحة النووية إذا اقتضى الأمر، وفقا لـ"رويترز".

وتمثل عملية الضم "جزءا محوريا من أهداف بوتين الحربية"، وتوفر فعليا لموسكو جسرا بريا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 ، والتي تضم أسطولها في البحر الأسود، وفقا لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"

وبعد عملية الضم، سوف يتضخم عدد سكان روسيا البالغ 147 مليونا بنحو خمسة ملايين إلى ستة ملايين شخص يمثلون سكان المناطق الأربع.

ويمكن استخدام ذلك الضم لـ"تجنيد الرجال الأوكرانيين في المناطق المحتلة" لمحاربة القوات الأوكرانية، مما يساعد على حل أزمة نقص الجنود بين صفوف الجيش الروسي ، حسب "نيويورك تايمز".

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين، الجمعة، إن "أي هجوم من جانب أوكرانيا على الأراضي المدمجة في الاتحاد الروسي سيعتبر هجوما على روسيا".

وبذلك يمهد الضم الطريق أمام الكرملين للتأكيد على أنه "يدافع ولا يهاجم" خلال الحرب في أوكرانيا، ما يبرر استخدام موسكو "أي وسيلة عسكرية ضرورية" بما في ذلك التلويح بالسلاح النووي، وفقا لتقرير "نيويورك تايمز".

وبعد عملية الضم فأن "أي محاولة من جانب أوكرانيا لاستعادة الأراضي سيتم تفسيرها على أنها هجوم على روسيا نفسها"، ما قد يتسبب في "رد روسي عنيف قد يصل لاستخدام الأسلحة النووية.

بعد أن وقع بوتين المعاهدات مع القادة الذين تم تنصيبهم من قبل روسيا في المناطق الأربع، من المتوقع أن يقوم المشرعون من مجلسي "الدوما والاتحاد"، بالتصديق عليها الأسبوع المقبل.

وإذا اتبعت موسكو الخطوات نفسها عندما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014، فسوف يقدم بوتين مشروع قانون إلى البرلمان الروسي يقترح "توسيع حدود البلاد"، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

وبعد ذلك ستراجع المحكمة الدستورية الاقتراح ويصوت عليه كلا المجلسين، حسب الصحيفة.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى "إخلاص أعضاء البرلمان الروسي لبوتين"، متوقعة "عدم وجود معارضة لمقترح الكرملين"، وبعد ذلك سوف يوقع بوتين على قانون الانضمام والمطالبة بالأراضي الجديدة.

وقال محللون إن القيام بذلك سيؤدي إلى "إضفاء الطابع الروسي الكامل على المناطق التي تم الاستيلاء عليها ، مثلما حدث بعد أن استولت موسكو على شبه جزيرة القرم"، حسب "وول ستريت جورنال".

رفض الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، إعلان الضم الروسي لمناطق محتلة،  كاشفا أنه سيتقدم بطلب من أجل انضمام "عاجل" لبلاده الى حلف شمال الأطلسي "ناتو".

ويقول حلفاء أوكرانيا الغربيون إن "الاستفتاءات المفترضة التي تظهر دعم الاتحاد مع روسيا كانت خدعة، وتم إجبار بعض سكان المناطق المحتلة على التصويت تحت تهديد السلاح".

وأصدر زعماء دول الاتحاد الأوروبي بيانا أمس الجمعة أعلنوا فيه رفض وإدانة هذا "الضم غير القانوني"، واتهموا موسكو بتعريض "الأمن العالمي للخطر"، وشجب الناتو "الضم غير الشرعي"، وفقا لـ"فرانس برس".

كان خطاب بوتين هو "الأكثر عدائية خلال عقدين من حكمه"، وهو يمثل "تصعيدا دراماتيكي للحرب"، ما يزيد من فرصة الصدام المباشر مع الغرب، وفقا لـ"التايمز".

وتقضي عملية الضم على "أي فرصة للتوصل إلى تسوية تفاوضية بشأن الأراضي التي تم احتلالها"، وبموجب تعديل دستوري قدمه بوتين في عام 2020 ، فإن أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى التخلي عن الأراضي الروسية يعتبر "غير قانوني"، حسب الصحيفة.

ويؤكد نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أندرو إس فايس، أن الوضع سيبقي ساخنا في المناطق المحتلة التي تم ضمها، متوقعا "زيادة حركات التمرد ضد الروس خلال الفترة القادمة".

ويشير خبراء إلى أن عملية الضم "تزيد من حدة الأزمة" وقد تؤدي لاتساع نطاق "الحرب البرية الأوكرانية ضد روسيا"، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

أفردت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، مساحة لخطاب لبوتين، أمس الجمعة، خلال إعلانه ضم أراض أوكرانية إلى الاتحاد الروسي.

وقالت إن الرئيس الروسي وصف الولايات المتحدة وحلفاءها بـ“الشياطين“.

وأشار كذلك إلى استعداده لاستخدام السلاح النووي، في تصعيد كبير للحرب مع ”كييف“، التي تعهدت بالقتال من أجل استعادة الأراضي المحتلة.

وذكرت الصحيفة: ”ضم لوغانسك ومناطق من دونيتسيك، وخيرسون وزابوريجيا إلى سيطرة روسيا بعد سلسلة من الاستفتاءات المثيرة للجدل، يمثل عنصراً محورياً لأهداف الحرب التي وضعها القادة الروس“.

وأضافت: ”ضم هذه الأراضي يوفر لموسكو جسرا بريا إلى شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014، والتي تضم أسطول البحر الأسود“.

وتابعت: كانت السيطرة على القرم أول تحرك من نوعه تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى فرض عقوبات على روسيا، وقلب الفرضيات الأمنية القديمة حول قارة أوروبا“.

وأردف تقرير الصحيفة الأمريكية أن ”ضم هذه الأراضي الجديدة يؤدي إلى تصعيد خطير للحرب، بطريقة يمكن أن تجعل بوتين غير قادر على الخروج من الأزمة، مع بدء تحول الحرب البرية بصورة في غير صالح روسيا، وفقاً لمحللين“.

وزاد: ”تخطط الحكومة الروسية لإطلاق موجة من الاحتفالات بمناسبة إعلان بوتين ضم أراض أوكرانية إلى الاتحاد الروسي، وشهد الحفل الموسيقي الذي أقيم في الميدان الأحمر بالعاصمة الروسية موسكو الجمعة نفس أجواء الاحتفالات التي صاحبت ضم شبه جزيرة القرم قبل 8 سنوات“.

وأشار إلى أنه ”تم بثه على الهواء مباشرة، للتغطية على الانتكاسات التي تواجهها روسيا في ساحة المعركة“.

وتطرقت ”وول ستريت جورنال“ إلى استطلاعات الرأي، التي أشارت إلى أن التعبئة العسكرية لا تحظى بقبول كبير لدى الروس.

لكن محللين قالوا إن ”بوتين لديه خيارات قليلة بالنظر إلى حجم خسائر الجيش الروسي، ورغبة القوميين الروس في تعزيز التواجد العسكري على الخطوط الأمامية في أوكرانيا“.

ورأت أن ”نشر 300 ألف جندي روسي في ساحة المعركة، بعد الأمر الذي أصدره بوتين بالتعبئة العسكرية الجزئية، يضع المزيد من الضغوط على الاقتصاد الروسي، في الوقت الذي تحصل فيه أوكرانيا على مساعدات عسكرية واقتصادية من الغرب“.

في سياق متصل، رأت صحيفة ”جيروزاليم بوست“ الإسرائيلية، أن روسيا ترتكب في أوكرانيا نفس الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في فيتنام.

وقالت الصحيفة العبرية، في تحليل إخباري: ”أول خطأ ارتكبته روسيا يتمثل في القراءة السياسية للموقف من جانب قادتها، أو سوء قراءة أوكرانيا عندما قرروا خوض الحرب ضدها“.

وأضافت: ”الخطأ الثاني الذي ارتكبته روسيا يتمثل في التخطيط العسكري، وهو نفس خطأ أمريكا في فيتنام، حيث كان الهدف هو خوض حرب تقليدية يتفوق فيها الجيشان الروسي والأمريكي“.

وتابعت: ”لكن المدافعين عن الأرض هم الذين حددوا شخصية الحرب، حيث قرروا خوض حرب العصابات التي لم يكن الأمريكيون في السابق والروس حالياَ مدربين أو مسلحين لمواجهتها“.

وأشارت في تحليلها إلى أن ”الروس سقطوا في فخ حرب العصابات، وتعرضوا للحصار، حوصروا من قبل المقاتلين الذين أهانوا الآلاف من الدبابات الروسية، وتجنّبوا المواجهة العسكرية التقليدية“.

وأردف التحليل: ”إلى جانب الفشل الروسي في تلبية المطالب الأساسية للحرب التقليدية للمناورة الواسعة النطاق، واللوجستيات على مسافات طويلة“.

وقال إن ”قرار بوتين بالتعبئة العسكرية الجزئية التي تضم 300 ألف جندي كان خطأ أيضاً، حيث كان رد فعل مواطنيه على المرسوم متمثلاً في الهروب من روسيا، بنفس الطريقة التي هرب فيها الأمريكيون إلى كندا إبان حرب فيتنام“.

ولفت إلى أن ”الناس فقدوا حماسهم للحرب، التي أصبحت تجارة للسياسيين، بينما يموت الفقراء في ألسنة اللهب“.

من جهتها، قالت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية، إن أوروبا تعزز دفاعات مرافق الطاقة، في أعقاب تخريب أنبوب الغاز الطبيعي نورد ستريم في بحر البلطيق.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن ”دولا أوروبية عززت الدوريات العسكرية لحماية إمدادات الطاقة، في بحر الشمال وأمام سواحل إيطاليا، في أعقاب التخريب المزعوم لأنابيب نورد ستريم قرب الدنمارك“.

وتابعت: ”رئيس الوزراء النرويجي ”يوناس غار ستوره“ رحب بمساعدة بريطانيا وألمانيا وفرنسا التي تستهدف تعزيز الأمن، في الوقت الذي استعرضت فيه بلاده قوتها العسكرية من خلال تسيير طائرات إف 35 المقاتلة فوق المنصات النفطية، وإرسال زوارق وفرقاطات في دوريات قرب مواقع الطاقة“.

وأردفت أن ”الدولة الاسكندنافية أصبحت أكبر مورد للغاز الطبيعي لأوروبا، منذ أن خفضت روسيا الإمدادات في أعقاب غزو أوكرانيا، وأدى ذلك إلى جعل خطوط الأنابيب وحقول الغاز نقطة محورية لمخاوف الإمداد، حيث تواجه القارة الأوروبية أزمة طاقة حادة هذا الشتاء“.

وبينت أن ”إيطاليا أعلنت أن أسطولها البحري سيعزز إجراءات حماية خطوط أنابيب الغاز التي تنقل الإمدادات من شمال إفريقيا إلى أوروبا عبر قناة صقلية، محذرة من أنها تخشى أن تحاول روسيا استهداف البنية التحتية الرئيسية للطاقة“.

وأشارت إلى أن ”المخاوف تصاعدت بشأن أمن إمدادات الغاز، بعد الاشتباه في تورط روسيا في تخريب خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2، ما أدى إلى تسرب ضخم للغاز في بحر البلطيق“.

وختمت بالنفي الروسي حول تحملها مسؤولية التخريب، حيث دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق، فيما ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باللوم على الغرب جراء هذه الأضرار.