قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله أمرنا بالصبر عند نزول البلاء، فقال - سبحانه وتعالى- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، [آل عمران : 200]،
وأضاف " جمعة " عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" أن الله - عز وجل- رتب الفلاح على الامتثال للأمر بالصبر، والمصابرة، وأخبر بأن الصبر خير لنا فقال سبحانه : (وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، [النساء : 25].
وتابع عضو هيئة كبار العلماء: ويأمرنا - سبحانه - عند لقاء العدو بالصبر إذ يقول حكاية عن من عباده المؤمنين : (رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) ، ويجعل الله الصابرين في معيته، فيقول : (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، [الأنفال : 46].
وأشار " جمعة" إلى قول رسول الله ﷺ : (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، [رواه مسلم].
واستشهد أيضًا بما روى أبو هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال : (لا يذهب الله بحبيبتي عبد فيصبر ويحتسب إلا أدخله الله الجنة)، [رواه ابن حبان]، مبينًا أن في هذا بيان لجزاء الصبر عند المرض والبلاء كفقد الإنسان بصره.
ولفت إلى أن النبي صبَّر به نفسه، إذ تذكر صبر من سبقه من أولي العزم من الرسل، كسيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم فعن عبد الله رضي الله عنه : (أن رجلا قال لشيء قسمه النبي ﷺ : ما عدل في هذا، فقال : فقلت والله لأخبرن رسول الله ﷺ، فأخبرته فقال يرحم الله موسى قد كان يصيبه أشد من هذا ثم يصبر)، [رواه ابن حبان].
وألمح : قال ﷺ للأنصار : (فاصبروا حتى تلقونى على الحوض)، [رواه ابن حبان].
وواصل : أن رسول الله ﷺ بين جزاء الصابرين، خاصة من يأتي في هذه الأزمان التي نحن فيها وما بعدها، حيث قال ﷺ : (فإن وراءكم أيام الصبر فيهن كقبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين يعمل مثل عمله)، [أخرجه الحاكم في المستدرك].
ونوه المفتي السابق أن الخيال يعجز أن يحيط بعظيم أجر الصابرين بعد قول الله - سبحانه-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، [الزمر : 10].
وذكر قول القاضي: " الصبر مقام عظيم من مقامات الدين, وهو حبس النفس عما تكرهه من تسريح الخواطر, وإرسال اللسان, وانبساط الجوارح على ما يخالف حال الصبر, ومن الذي يستطيعه, فما روي أن أحدا انتهى إلى منزلة أيوب عليه السلام حتى صبر على عظيم البلاء عن سؤال كشفه بالدعاء, وإنما عرض حين خشي على دينه لضعف قلبه عن الإيمان, فقال : {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }.
ونبه أنه لهذا المعنى جعلوه في الآثار نصف الإيمان, فإن الإيمان على قسمين : مأمور ومزجور , فالمأمور يتوصل إليه بالفعل, والمزجور امتثاله بالكف والدعة عن الاسترسال إليه, وهو الصبر, فأعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن ثواب الأعمال الصالحة مقدر من حسنة إلى سبعمائة ضعف , وخبأ قدر الصبر منها تحت علمه.
جدير بالذكر أن الصبر في اللغة : الحبس، ويختلف معناه باختلاف حرف الجر والظرف المستعمل مع هذه الكلمة فهناك الصبر في الله، والصبر بالله، والصبر إلى الله، وهناك الصبر مع الله، ومن المذموم الصبر عن الله والعياذ بالله تعالى.