عندما ننظر إلى الأمور من حولنا نظرة تحليلية عميقة، سنفهم الحياة بشكل أعمق وأفضل من غيرنا الذي لا ينظر إلا إلى قشور الأشياء. وبالرغم من الجهد الذي نبذله في التفكير الزائد لأننا نهتم بالتفاصيل، إلا أننا نكتشف تميزنا فيما بعد، عندما نجد أنفسنا لدينا فلسفة خاصة في فهم الأشياء من حولنا وفي فهم الحياة بشكل عام .... حتى لو وجدنا صعوبة في التعامل مع الآخرين من أصحاب الفكر السطحي.
التعلق والارتباط بالمكان دائمًا يبرز عمق الفكر، والعاطفة والحساسية مصدر للفكر العميق .... البيت ليس فقط جدرانًا تحتوينا بأجسادنا، بل مكان له روح يشهد على كثير من ذكرياتنا ومشاعرنا العائلية، ومراحل حياتنا المختلفة، بدءًا من الطفولة مرورًا بالشباب إلى النضج وحتى إلى الشيخوخة .... مكان يتميز بالمشاعر العائلية الدافئة التي لا تقدر بثمن .... عالم صغير موازٍ نتأهل فيه نفسيًا لمواكبة عالمنا الخارجي في الواقع.
وكذلك الوطن ليس مجرد تقسيم جغرافي أو أرض نعيش عليها، بل هو التاريخ والماضي المرتبط بمن سبقونا من الأجيال الذين صنعوا حضارته وثقافته .... وهو علاقات إنسانية تربطنا بأحبابنا وأصدقائنا الذين فرحنا وعشنا معهم .... وشعور بالانتماء والارتباط الذي يعزز من قيمتنا وهويتنا وشخصيتنا.
الذي ينظر هذه النظرة العميقة للحياة من حوله لا بد وأن يكون شخصًا حساسًا بطبعه وعاطفيًا يحب الارتباط ويتعلق بالمشاعر الموجودة خلف هذه الأشياء .... وبقدر ما يعتبر هذا الشيء جميلًا، بقدر ما نفتقده هذه الأيام بين أشخاص يميلون للعملية والمادية بسبب طبيعتهم السطحية .... أشخاص استسلموا للظروف التي صنعت منهم أشخاصًا يخافون من التمسك والارتباط.
لذلك يجب أن نعزز انتماءنا بأوطاننا ونرسخ في أذهاننا أن الوطن جزء من هويتنا وشخصيتنا .... ويجب أن نسعى للاستقرار النفسي داخل بيوتنا ونعزز الترابط الأسري من خلال المشاركة والتفاعل الإيجابي الذي يجعل أهل البيت كيانًا وجسدًا واحدًا .... للأسف الشديد، طبيعة الحياة العملية السريعة جعلت من البيت محطة للراحة المؤقتة ولم تعد بيوتنا كالماضي .... وكذلك أجيال اليوم تترك أوطانها وتهاجر على أمل إيجاد حياة أفضل في الخارج ولا تضع في الحسبان أنها تتخلى عن هويتها بشكل غير مباشر .... يا رب احفظ أوطاننا وبيوتنا.