كشفت تقارير الصحف الغربية، أن تداعيات أزمة الشرق الأوسط والحرب المجرمة بحق الشعب الفلسطيني سوف تدمر الأخضر واليابس حول العالم، وذلك في ظل إصرار إسرائيل على استمرار الحرب، والممارسات الإجرامية بحق قطاع غزة، خصوصا وأن موجة الغضب التي انفجرت في عدة أماكن تضامنا مع الفلسطينيين بدأت تتوسع، وكذلك تتوسع أثارها حول العالم، وأحدث تداعيات تلك الحرب، هي الآثار المترتبة على استهداف الحوثيين للسفن المرتبطة بإسرائيل ومن يدعمها في البحر الأحمر، وكانت تجارة المواد الغذائية الطازجة أحدث المتضررين من تلك الاستهدافات.
[[system-code:ad:autoads]]فعندما بدأت صواريخ الحوثيين تنهمر على سفن الحاويات في البحر الأحمر العام الماضي، خشي القادة الأوروبيون من حدوث انتكاسة على إمدادات الطاقة، ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، يتعرض الغذاء للنيران، حيث يحذر المصدرون وشركات الشحن من الأضرار المتزايدة التي تلحق بتجارة الفاكهة والخضروات، وهو الأمر الذي من الممكن أن يمتد لفترات كبيرة، وذلك في ظل الخزلان الدولي في تطبيق قواعد القانون الدولي على إسرائيل، وأحدثها الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية، والذي يتهم تل أبيب بشكل مباشر بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
[[system-code:ad:autoads]]تداعيات أزمة البحر الأحمر على أوروبا
وفي تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، والتي كشفت الآثار الكارثية لأزمة البحر الأحمر على تجارة المواد الغذائية الطازجة في أوروبا، جاء فيه، أن شركات الشحن أوقفت عملياتها عبر مضيق باب المندب وغيرت مسارها حول رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى تأخير النقل من وإلى أوروبا لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع، وإلى جانب ارتفاع تكاليف الحاويات بمقدار خمسة أضعاف، فإن هذا يعني أن المنتجات الطازجة من المرجح أن تتعفن في الطريق.
ويقول ماركو فورجيوني، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية، لصحيفة بوليتيكو: "هناك خطر كبير"، مستشهداً بمجموعة من فئات المنتجات بخلاف الفواكه والخضروات"، وأضاف أنه من اللحوم والحبوب إلى الشاي والقهوة، إذا استمر الاضطراب فإنه "سيؤثر على الاقتصاد الغذائي الأوسع"، حيث تعتبر المعالجة حلقة ضعيفة أخرى، وكذلك تؤدي عمليات تسليم زيت النخيل المضطربة إلى إبطاء تحضير الأطعمة ذات القيمة العالية.
المصدرون بجنوب أوروبا أكبر المتضررين
وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن تلك الأزمة يتأثر المصدرون بها بشكل خاص في دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا واليونان وقبرص، وبما أن بضائعهم يجب أن تغادر الآن البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب وتقطع شوطا طويلا نحو الشرق الأوسط وآسيا، فإن العديد منهم يكافحون من أجل إيصال المواد القابلة للتلف إلى الأسواق الأجنبية في الوقت المحدد، مما يعرض البضائع التي تبلغ قيمتها مليارات اليورو للخطر، وقد حذرت جماعة كولديريتي ، أكبر جماعة ضغط زراعية في إيطاليا، من أن "إطالة الفترات يمكن أن تخلق مشاكل في الحفاظ على المنتجات الطازجة مع خطر فقدان شرائح مهمة من السوق" .
ففي كثير من الحالات، لا تسمح مدة صلاحية المنتجات الطازجة بإطالة الرحلة بمقدار 15 إلى 20 يومًا، حسبما قال كريستيان ماريتي، رئيس شركةLegacoop Agroalimentare، والتي تمثل التعاونيات الزراعية والغذائية الإيطالية، لوكالة أنباء أنسا، وفي الوقت الحالي، تم الحفاظ على الفاكهة الأكثر حساسية، وتم حصاد الكيوي والعنب والتين في الخريف الأوروبي بينما تم إرسال الكرز في الصيف، ومن المعروف أن هذه الأخيرة غير دائمة لدرجة أن شركات النقل تدير خطوط "Cherry Express".
صادرات التفاح فقط التي توقفت بقيمة 400 مليون يورو
ووفقا للصحيفة الأمريكية، أنه رغم التغلب أزمات عدد من المنتجات، ولكن العديد من الصادرات إلى الشرق الأوسط، فقد توقفت صادرات التفاح الإيطالية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي تبلغ قيمتها حوالي 400 مليون يورو سنويًا، خلال ذروة نضارتها، وكذلك الكمثرى والملفوف والقرنبيط. وأشار ماريتي إلى أنه "في قطاع تهيمن عليه موسمية الإنتاج، فإن حجم الأضرار سيعتمد على مدة الحصار".
وقد أثار هذا مخاوف من أن ينتهي الأمر بالصادرات المحبطة إلى الإغراق في سوق الاتحاد الأوروبي، وتسببت تدفقات الحبوب الأوكرانية بالفعل في احتجاجات في جميع أنحاء وسط وشرق أوروبا، مما أثار دعوات لإنهاء التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية مع القوة الزراعية، وفي الوقت نفسه، تنضم شركات الزراعة العملاقة مثل تركيا ومصر إلى أوكرانيا في التطلع إلى أوروبا إما كطريق عبور أو وجهة لأغذيتها القابلة للتلف.
علينا التحرك قبل تفاقم الأزمة لمرحلة الإنذار الأحمر
وتقول جيوفانا فيرارا، رئيسة جمعية الأعمال الإيطالية يونيمبريسا: "في الوقت الحالي، آثار الأزمة ليست إنذارًا أحمر، لكن علينا التحرك مسبقًا وعدم انتظار مجرى الأحداث"، وكان أداء المواد غير القابلة للتلف أفضل بكثير، حيث تسبب احتجاز القمح والأرز فقط في حدوث الصداع بدلاً من البطون الفارغة، وقد تواجه النبيذ والمشروبات الروحية صعوبة في الوصول إلى آسيا قبل حلول العام الصيني الجديد في 10 فبراير، لكن الطلب مستقر إلى حد ما.
وقال متحدث باسم شركة ميرسك، أكبر شركة شحن في العالم، إن البطاطس المقلية البلجيكية المجمدة كانت العنصر الرئيسي النادر في الدول العربية، ولكن مع استمرار الأزمة تفاقمها، فإن الآثار الكارثية ستطال الكثير من نواحي الحياة والتجارة العالمية، خصوصا، وأن الوضع متوقع أن يتفاقم بقوة، واستمرار الهجمات اليومية تقريبا على السفن والحاويات بالبحر الأحمر.
جسر جوي دولي
وعلى الجانب الآخر توجد الواردات الأوروبية، التي يصر الناقلون على أن انقطاع الإمدادات عنها محدود، وقال المتحدث باسم شركة ميرسك: "نحن نقدم ما يسمى باللوجستيات البحرية والجوية لهذه الفاكهة، حيث يتم نقل المنتجات عن طريق السفن إلى دبي ثم نقلها جواً إلى مراكز الشحن الجوي الأوروبية مثل فرانكفورت وأمستردام، وهذا يجعل وقت العبور الإجمالي قصيرًا حسب الحاجة.
ويقول نيلز هاوبت، كبير مديري الاتصالات في شركة هاباج لويد، لصحيفة بوليتيكو: "لن أقلل من أهمية أهمية ممر البحر الأحمر، لكنه ليس بنفس أهمية لو كان لدينا حاجز بين أمريكا الجنوبية ودول أخرى"، وردا على سؤال عما إذا كان المستهلكون سيواجهون رفوفا فارغة، قللت المتاجر الكبرى من تأثير الصدمات.
فيما قالت مجموعة شوارتز، وهي شركة ألمانية رائدة في مجال بيع المواد الغذائية بالتجزئة، في بيان لصحيفة بوليتيكو: "إن توريد السلع إلى متاجرLidl مضمون بشكل عام، لكنها رفضت الإدلاء بأي معلومات حول ما إذا كانت أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت في متاجرها، فيما نفت شركة دانون الفرنسية المصنعة "أي تأثير كبير على المدى القصير لتعطيل الشحن، وذلك بعد أن قال أحد مسؤوليها التنفيذيين لرويترز في ديسمبر إنها ستبحث عن طرق بديلة إذا استمرت الهجمات.
وكان فورجيوني من معهد التصدير والتجارة الدولية، وهو اتحاد تجاري مقره في المملكة المتحدة، أقل تفاؤلاً، وقال لصحيفة بوليتيكو إن الجفاف يعيق حركة المرور عبر قناة بنما، ومع الازدحام في مضيق البوسفور وغيره من نقاط التفتيش الاستراتيجية، يدخل الاتحاد الأوروبي فترة من عدم الاستقرار وعدم اليقين بشكل لا يصدق في سلاسل التوريد العالمية.