الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: مفهوم النخبة مستقر فى كتاب الله وسنة رسوله

صدى البلد

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل يبين لنا عاقبة من يترك دين الإسلام، ويوالي أعداء الله، بأن الله يستبدلهم، ولا يضرونه شيئا، ويصف لنا صفات من يخلفهم فيؤكد لنا أن من بين صفاتهم أنهم رحماء بينهم، أشداء على الأعداء في وقت البأس ووقت احتدام المعارك إذ الشدة ممدوحة حينئذ، ويبين أنهم لا يخافون كالذين يخشون على أنفسهم من الدوائر، فيقول تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. 

إن متابع القنوات الفضائية، وقارئ الصحف والمجلات، ومن يراقب حركة الناس ومشاكلهم يتأكد أننا نعيش في فوضى عارمة، فيرى ذاك يعترض على الدين باسم الدين، ويحلل الحرام، ويحرم الحلال باسم الدين، ويرى الفتاوى التي تنطلق من الجهل والسطحية.

ولا سبب لذلك كله إلا غياب النخبة، والحكماء الذين يضبطون الأمور، الذين يتخصصون في شتى المجالات فيخلصون لله في تخصصاتهم ويتعاملون مع شئونهم بمهنية عالية وحياد علمي، فمفهوم النخبة مستقر في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومستقر كذلك عند العقلاء، ولكنه يتعرض من بعض تيارات ما بعد الحداثة في العصر الحاضر لكثير من الرفض، ومحاولات ضخمة لتحطيمه واقتلاعه من فكر الناس وواقعهم.

وهذا التيار لا يعتمد على تجربة بشرية مستقرة، ويدعونا إلى شيء جديد لا نعرف ملامحه ولا إلى أي طريق يقودنا إليه، وما النتائج أو المصائب التي ستترتب عليه، وذلك أنه مخالف لسنة الله في كونه، من أنه سبحانه فضل بعض الأزمان على بعض، وفضل بعض الأماكن على بعض، وفضل بعض الأشخاص على بعض، وفضل بعض الأحوال على بعض، وجعل من هذا التباين سببًا لدفع الناس، وتعارفهم، ولعمارة الأرض، ولحراكهم عبر حركة التاريخ. 

فهم يدعون إلى الشعبية والقضاء على النخبة، فهم يريدونها فوضى مدمرة لا تصلح أمر الناس أبدا، وكأننا في ذلك الواقع الذي يحيكيه الأفوه الأودي في قصيدته؛ حيث يقول
لا يَصْلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُمْ * ولا سَراةَ إذا جُهَّالُهُمْ سادُوا
إذا تَوَلَّى سَراةُ القومِ أَمْرَهُـــمُ * نَما على ذاك أَمْرُ القومِ فازْدادُوا