رغم السرية المفروضة على المحادثات الدائرة في الدوحة عاصمة دولة قطر، بين الولايات المتحدة الأمريكية، مع قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس بوساطة قطرية، إلا أن هناك تناثر معلومات حول تلك المحادثات، ويبدوا أنها تحمل تفاصيل مختلفة عن الخطوط العريضة المتداولة حول أي صفقة مقبلة، حيث أعلنت حماس أنه لا مجال لأي عملية تبادل أسرى، إلا بعد وقف الحرب فى غزة بشكل نهائي، أما إسرائيل فتقول إنه لا مجال لأي صفقة دون تحقيق أهداف الحملة العسكرية وإخراج كافة المحتجزين داخل القطاع.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة معاريف العبرية، فإن في إسرائيل، من يخشون من أن حماس لا تقترب من صفقة "كبيرة" تؤدي إلى إطلاق سراح جميع المختطفين، بل تسعى إلى صفقات مؤقتة صغيرة، ولكن يبدوا أن في تلك المرة الصفقة الصغيرة المركزة، سوف تكون وفقا للمصلحة الأميركية الواضحة، وهنا ترصد "صدى البلد" تفاصيل تلك المحادثات وفقا لما نشرته الصحف الإسرائيلية.
هل وصول أدوية المختطفين بداية صفقة ما؟
وفي بداية تقريرها، تسائل الصحيفة العبرية، بعد وصول الأدوية المخصصة للمختطفين إلى قطاع غزة صباح اليوم (الأربعاء)، وقالت "هل تقترب إسرائيل وحماس فعلاً من صفقة مختطفين أخرى؟"، ففي إسرائيل يخشون من أن حماس لا تقترب من صفقة "كبيرة" تؤدي إلى إطلاق سراح جميع المختطفين، حتى ولو دفعت ثمناً مؤلماً جداً لإسرائيل، بل تسعى إلى صفقات مرحلية صغيرة.
وفيما يخص صفقة الأدوية، فقد قالت قطر إنها توسطت في اتفاق بين إسرائيل وحماس يقضي بتسليم الأدوية إلى الرهائن الإسرائيليين في غزة مقابل تسليم الأدوية والمساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، وقالت وزارة الخارجية القطرية، أمس الثلاثاء، في بيان لها: "سيتم تسليم الأدوية إلى جانب المساعدات الإنسانية الأخرى للمدنيين في قطاع غزة، في المناطق الأكثر تضررا وضعفا، مقابل توصيل الأدوية اللازمة للأسرى الإسرائيليين في غزة".
تفاصيل الاتصالات الأمريكية بقطر
ونشرت الصحيفة العبرية، بعض تفاصيل الاتصالات التي تجريها الولايات المتحدة في قطر في الأيام الأخيرة، حيث تركز على جهود التوصل إلى صفقة "صغيرة" قد تشمل إطلاق سراح ستة رهائن يحملون الجنسية الأمريكية فقط، وهذا منطقي لعدد من الأسباب، وبما أن هذه ليست "صفقة كبيرة"، ولكن في إطار يمكن تسويقه على أنه "تحية للولايات المتحدة"، فمن الواضح أن شروط حماس يمكن أن تكون أكثر قبولا لدى الجانب الإسرائيلي ولا تشمل الشرط الأساسي الذي أعلنته حماس من قبل، وهو المطالبة بإنهاء الحرب، بما في ذلك انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة والتزام إسرائيل بعدم استئناف القتال لفترة طويلة من الزمن.
وصفقة صغيرة ومركزة، هي أيضاً مصلحة أميركية واضحة، فالإنجاز في صورة تحرير مواطنين أميركيين من الأسر سيعتبر دراماتيكياً بالنسبة للرئيس الذي يخوض الانتخابات المقبلة، والاتفاق على إدخال الأدوية للمختطفين يمكن أن يشير إلى قدرة قطر كوسيط على جسر الهوة بين الطرفين وتحقيق الإنجازات، ولكن حتى لو مضت «الصفقة الصغيرة» قدماً، فإن نجاحها لن يشير إلى توفر الشروط اللازمة لتنفيذ «الصفقة الكبيرة»، أي صفقة إطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين أو معظمهم.
حماس مازالت تمتلك زمام الأمور .. لم تنهار حتى الآن
ونقلت الصحيفة العبرية عن المقدم (احتياط) آفي كالو، والذي شغل سابقاً منصب رئيس هيئة الأسرى والمفقودين بإسرائيل، في مقابلة مع راديو 103FM، قوله، إن حماس مازلت تمتلك زمام الأمور، ولم تنهار بعد، حيث أنها تتقن الأساليب التي تعلمتها من معلمها وقائدها، وخلافاً للرأي السائد، فأنا أرى أن الفيديوهات الأخيرة التي وزعها لا تشير إلى أن حماس تتعرض للضغوط، بل على العكس من ذلك، أنها واثقة من نفسها، ولو سألنا أنفسنا في الأسابيع الأخيرة عما إذا كان الضغط العسكري قد نجح في جلب المختطفين، فأعتقد أنه مع تعمق الإنجاز الذي حققه الجيش الإسرائيلي، فقد يكون هدف إعادة المختطفين مع القضاء على حماس لا يمكن تحقيقهما معا، فحماس تعمل على تحصين مواقعها وربط المختطفين ببقاء التنظيم.
وتابع المسئول الإسرائيلي: "ما لم تجد تل أبيب بديلاً عمليًا، وهو على الأرجح ليس على الرف حاليًا، فأنت في وضعيه لا تسمح لك بأن هناك إمكانية لتحقق كلا الهدفين معا، حيث أصبح الأمر غير ممكن، فنحن نرى أن الأيام ليست لطيفة معنا، والوقت ينفد، وربما أن معادلة الضغط العسكري بدأت تفقد قبضتها، ثم تأتي المعضلة الثقيلة التي تجثو على ركب هذه الحكومة، وهناك آراء مختلفة، وللأسف الخصم ذكي بما فيه الكفاية لفهم الخاصية التي في هذا الأمر وهو يصر على رؤية إشراك هذا الشيء في بقائه، وبمعنى ما، فإن الوضع الحالي مع حماس هو العودة إلى النقطة التي وقف عليها الطرفان بعد انهيار اتفاق المختطفين السابق".
أسرى فلسطين ليس الهدف الأول والوقت سلاح حماس
وفي رؤية مختلفة، تحدثت الصحيفة العبرية، أن تحرير الأسرى داخل سجون تل أبيب ليس الهدف الأول لحماس، فالافتراض العملي هو أن السنوار لم يشن مثل هذا الهجوم الواسع والكبير والخطير لتحقيق إنجاز تحرير السجناء "فقط"، في صباح يوم 7 أكتوبر، تم إرسال رسالة من حماس إلى حزب الله تدعو المنظمة الشيعية إلى الانضمام إلى الحرب لأن هناك فرصة لإخضاع إسرائيل، وكما نعلم، لم يتم الرد على النداء بشكل كامل، لكن حماس سجلت بعض النجاح في إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي وجر إسرائيل إلى حملة طويلة ومتعددة الساحات.
لذلك، تشير التقديرات إلى أن حماس كانت مهتمة جدًا بالهدنة الأولى، وذلك بشكل أساسي للحصول على بضعة أيام من التوقف عن القتال، حيث لم يكن السجناء المفرج عنهم في الصفقة يعتبرون محوريين بشكل خاص فيها، ولكن الآن الوضع مختلف، ومؤخرًا، قيم تسفي يحزكالي، معلق الشؤون العربية في قناة نيوز 13، أن هناك احتمال أن يقوم السنوار بخطوة مؤقتة - حوالي 40 رهينة، ووقف لإطلاق النار لمدة شهر، ووساطة مصرية أكثر هيمنة، والهدف من ذلك هو كسب الوقت، فهم يفهمون أن إسرائيل جادة ويقدرون أن القتال سيستمر ولكن ليس بكثافة عالية، لذلك يريدون الوقت، وبالتالي تحبط حماس أهداف الحرب الإسرائيلية.