العمر ليس مجرد سنوات مضت أو مقبلة، ولا ساعات تمضي هروباً من واقع، ولا الإحساس بالوقت مجرد مواسم ومناسبات.
لكن هو علامات صغيرة تنقشها الأيام على قلوبنا، وتجاعيد خفية ترسمها على أرواحنا ،و
حكاية تراكمت فيها التجارب وامتزجت فيها الأحلام بالواقع ،وهو الدروس التي تعلمناها، والأشخاص الذين أحببناهم، هو الطرق التي سلكناها بحثًا عن أنفسنا...
إحساسنا بالوقت وبالزمن في هذا العصر تغير كثيراً، فاليوم يمضي مسرعاً في تفاصيل ومشاغل لا تنتهي، ومثله تمضي الشهور لينطوي العام بعد الآخر.
الحقيقة كل واحد فينا عنده حكاية وكل حكاية وراها اسئلة مبتنتهيش، بنعمل ايه دلوقتي، ايه اللى جابنا هنا،وفى اللحظة دى بالذات، ليه اتقابلنا النهاردة ليه مش امبارح، وليه بنغير رأينا فى اخر لحظة أسئلة كتير ملهاش إجابات.
حياتنا بتتغير في لحظة من الحلو اللى على مزاجنا للمر اللى بيقلب حياتنا والغريب إن كل واحد فينا فاكر إني هو اللى بيرسم طريقه بنفسه، لكن الحقيقة إن محدش فينا عارف الدنيا واخداه لفين ،وكل ما نحاول نفهم نتوه اكتر بس اللى لازم نفهمه إن كل اختيار بيجى بتمنه، ولازم نبقى مستعدين ندفع تمن اختياراتنا وما ننسى أن الخط الرفيع بين الحياة والموت أصغر حاجة ممكن ترسمه وأبسط حاجة ممكن تمحيه، ولأننا كلنا واصلين ببعض نتائج اللى بنعمله ما بنحس بيها غير لما تلف وترجعلنا وساعتها بس بنتأكد ان مافيش حاجة بتحصل صدفة كله مكتوب عند ربنا .
والجدير بالذكر أن الحياة في روح البشر، لا تقاس بطول الأيام ، ولكنها تقاس بمدى أحساس المرء بأنه حي .
فالحياة تسير بين من ينجز ويقطع الوقت، وبين من يقطعه الوقت وتغلبه الحياة بزخرفها أو بكدرها بغفلة أو ضعف حيلة أو رغما عنه، وفي كل الأحوال الأوقات السعيدة تمضي مسرعة والصعبة منها ثقيلة على من يعيشها أو يستسلم لها.
ارواحنا لا تكبر بتقادم الأيام نحن نصغر سنوات في لحظة سعادة مع كلمة حب في جوار من نحب، ونكبر سنوات بكلمة سيئة بطعنة في الظهر بنظرة خيبة.
لذا لا تسألوا أحداً عن عمره أسألوه عن لحظات السعادة والتعاسة في حياته لاتصدقوا كذبة السنوات .
والاشكالية العميقة هنا في علاقة الإنسان بالوقت ووعيه بذاته وبقدراته وسعيه للتعلم والخبرة والجدية في استثمار الوقت والإحساس بالزمن، هو نقطة ارتكازلتحقيق الأهداف مهماكانت الصعوبات والمعوقات.
ليس بالضرورة أن يحقق الإنسان كل ما تمناه إنما عليه بالسعي وبالأسباب، والتوفيق دائما من الله تعالى إذا أخلص الإنسان في عباداته وعمله ومعاملاته.
قال النبي ﷺ: لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ "
وقال النبي ﷺ: «خيرُ الناسِ مَنْ طالَ عمرُه وحَسُنَ عمَلُه»،
أيها العمر المسافر تمهل لعل شيئاً ما في القلب يزهر، قد تكون هناك ضحكه لم نضحكها ؛ وسعادات في جيب الأيام لم نعشها.
يُخطئ من يقول: «كبرنا وراحت علينا»؛ وهي مقولة تشاؤميةما زال في العمر خبايا جميلة تنتظرنا فالعمل لا عمر له،
والنجاح لا يرتبط بعدد سنوات العمر، ولا بمرحلة معينة من حياة الإنسان، إنما له ارتباط بالوعي والنضج وفهم الحياة.
الإنسان العاقل من يقف عند كل عام ليتأمل: ماذا قدمت في أيام عمري الماضية؟ هل استثمرت وقتي فيما يرضي الله؟ هل أعددت لساعة رحيلي؟ فالنجاح الحقيقي ليس في الإحتفال بزيادة الأعوام، بل في جعل كل يوم خطوة نحو الجنة ،لأن العمر رصيد يتناقص، والموت لا يمهل أحدًا.
فلنجعل أيامنا في الطاعات والأعمال الصالحة، ولنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، فالسعيد من استغل عمره، والشقي من أضاعه في غفلة وعبث.