وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض الأربعاء حيث من المقرر أنّ يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب الإعلام الرسمي السعودي والروسي، في المحطة الثانية من جولة دبلوماسية تشمل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بهدف مناقشة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وإنتاج النفط.
بوتين في زيارة إلى الشرق الأوسط
كان بوتين الذي سعى الغرب إلى عزله منذ هجومه في أوكرانيا، قلل لبعض الوقت تنقلاته إلى الخارج، لكنه بدأ يعود إلى الساحة الدولية. وبعد استهدافه بمذكرة توقيف بتهمة ترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، كان يخصص رحلاته لزيارة أقرب حلفائه.
وحطت طائرة الرئيس الروسي في الرياض مساء الأربعاء حيث كان في استقباله أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر، وفق الأعراف الدبلوماسية السعودية، على ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، ومن المقرر أن يلتقي بوتين الأمير محمد بن سلمان، حسب التلفزيون الرسمي الروسي.
وفي وقت سابق الأربعاء، قام بوتين بزيارة عمل إلى الإمارات التقى خلالها نظيره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وحظي بوتين بمراسم استقبال رسمية مع حرس الشرف في القصر الرئاسي، بينما عبرت دورية جوية السماء وأطلقت قنابل دخان بألوان العلم الروسي كما سُمع إطلاق طلقات مدفعية من مسافة قريبة، وفقا لمشاهد نشرها الكرملين.
وأكد بوتين في بداية لقائه مع الشيخ محمد بن زايد أنهش سيف "بفضل موقفكم، وصلت علاقاتنا إلى مستوى غير مسبوق"، مشيدا بدولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها "الشريك التجاري الرئيسي لروسيا في العالم العربي"، وتحدث عن "مشاريع في قطاع الغاز والنفط".
ولم تتخذ الإمارات والسعودية موقفا واضحا داعما لموسكو أو لكييف في الحرب في أوكرانيا، إلا أن الرياض رفضت التجاوب مع طلب أميركي لزيادة إنتاج النفط الذي ارتفعت اسعاره بسبب الحرب.
وقال الرئيس الروسي إنه سيتحدث مع نظيره الإماراتي بشأن الوضع "في المناطق الساخنة"، مشيرا إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وأيضا إلى "الأزمة في أوكرانيا".
كذلك، أشارت الرئاسة الروسية إلى أن الرئيسين سيناقشان خفض إنتاج النفط في إطار أوبك+، وهو تحالف من الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركائها وروسيا عضو فيه، ولكن برنامج الزيارة لم يتطرق إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في دبي.
العمل على وقف التصعيد
من المقرر أن يبحث بوتين مع ولي العهد السعودي مسائل تتعلق بالاستثمارات، وكذلك "تعاونهما في قطاع الطاقة" الذي من شأنه أن يضمن "وضعا مستقرا ويمكن التكهن به" في السوق الدولية، وفق الكرملين.
وفي السعودية أيضًا، سيعرض فلاديمير بوتين أيضًا رؤيته للوضع الدولي بما يشمل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، و"سبل العمل على وقف التصعيد"، بحسب الرئاسة الروسية.
تغيب بوتين عن آخر الاجتماعات الدولية الكبرى مثل قمة مجموعة العشرين في الهند في أيلول/سبتمبر وقمة مجموعة "بريكس" في جنوب إفريقيا في أغسطس.
وقال إنه تجنب المشاركة في هذه اللقاءات حتى لا "يحرج" المنظمين.ج ولكن مذكرة المحكمة الجنائية ما زالت تعرقل تحركاته لأنه قد يتم اعتقاله إذا توجه إلى بلد عضو في المعاهدة التأسيسية للمحكمة. ولكن الإمارات ولا المملكة العربية السعودية لم توقعا على المعاهدة التأسيسية المعروفة بنظام روما.
كان بوتين يفضل حتى الآن السفر إلى بلدان حليفة. ففي تشرين الأول/أكتوبر، استقبله نظيره شي جينبينغ في الصين على هامش منتدى طرق الحرير الجديدة. وقبل ذلك ببضعة أيام، ذهب إلى قيرغيزستان، وهي دولة أخرى قريبة جداً من موسكو، في أول رحلة له إلى الخارج منذ صدور مذكرة التوقيف عن المحكمة الجنائية الدولية.
لكن الرئيس الروسي يرى راهنًا أن السياق الدولي أكثر ملاءمة له، فقد تعثر الهجوم الأوكراني المضاد الذي طال انتظاره هذا الصيف أمام الدفاعات الروسية. أما الدعم غير المشروط الذي كان الغرب يقدمه لكييف حتى الآن، فقد بدأت تظهر عليه علامات الضعف، وذلك بسبب الانقسامات السياسية، وهو ما كان الكرملين يأمل به.
وفي داخل روسيا، تعافت عائدات النفط وتم تكميم الأصوات المعارضة للكرملين على نحو منهجي، ويستعد فلاديمير بوتن لإطلاق حملة إعادة انتخابه في شهر مارس، وهو أمر لم يعد موضع شك.
وحول زيارة بوتين إلى المنطقة، قالت أمل حسني قارة، باحثة سياسية في الشأن الأوربي، إن الرئيس الروسي يزور الإمارات العربية المتحدة والسعودية غدا الأربعاء في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والبحث في قضايا الطاقة والسياسة الإقليمية.
وأوضحت "قارة"، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الهدف الأول من الزيارة التطرق إلى العلاقات الثنائية وبحث مسألة الحرب بين إسرائيل وحماس والسياسة الدولية، بالإضافة إلى خفض إنتاج النفط في إطار عمل تحالف أوبك+ الذي انضمت إليه روسيا، وتأتي هذه الزيارة بعد أن وافقت مجموعة منتجي النفط في أوبك بما في ذلك الدول الثلاث، الخميس الماضي على تمديد خفض إنتاجها بنحو 2,2 مليون برميل يوميا.
وأكدت أن بوتين ينوي دخول روسيا قويا إلى منطقة الخليج في ظل التطورات الأخيرة، وهي تعد أكبر دليل على ذكاء الرئيس الروسي الاستراتيجي واقتناصه للفرص، لملء الفراغ الأمريكي الحاصل بفعل الخطوات التي يقوم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ وصوله للسلطة والتي انعكست سلبا على تحالفاته في المنطقة.