الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأرجح ما بين ألواح شمسية وألواح الحطب .. القصة الكاملة لأزمة الطاقة المتفاقمة بغزة مع سقيع الشتاء

انقطاع التيار الكهربائي
انقطاع التيار الكهربائي في غزة

يعاني قطاع غزة الفلسطيني من أزمة طاقة كبيرة منذ 2006، وذلك مع ضرب محطة توليد الكهرباء، ولكن يبدوا أن هذا الشتاء الوضع مختلف، وذلك مع تفاقم الأزمة بشكل غير مسبوق بنهاية 2022، وبداية 2023، وفي ظل عدم وجود حل جذري قبل 2026، فكيف هي أوضاع أهل القطاع، وكيف يعيش أهاليي غزة، وهي الأسئلة التي نبحث لها عن إجابة بهذا التقرير.

 

تصعيد في أغسطس.. والتفاقم بديسمبر وانقطاع 16 ساعة  

 

أزمة الكهرباء هي أزمة مستمرة داخل قطاع غزة المستمرة منذ سنوات، ولكنها تفاقمت مع الأسبوع الأخير لشهر ديسمبر الماضي، وذلك مع زيادة فترة انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل، والذي وصل إلى 16 ساعة في اليوم.

 

ويأتي التصعيد الإسرائيلي ضمن إجراءات عقوبات ضد قطاع غزة زادت من أزمة الطاقة وكان منها قرار 2 أغسطس، والخاص بإغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة، ومنع دخول المسافرين والخروج من القطاع، ومنع وصول المساعدات، بحجة عملية عسكرية انتقامية محتملة على قطاع غزة، في أعقاب تصعيد حركات المقاومة وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي ردا على اعتقال بسام السعدي أحد قادة الحركة البارزين في الضفة الغربية.

 

معاناة كاملة ونقص في المياة 

 

ولا تتوقف المعاناة نتيجة عن غياب الإضاءة بالمساء فقط، ولكنها تشمل كافة مناحي الحياة، فتوفير المياة يتوقف على استخدام المواتير لإخراجها من المياة الجوفية، وكذلك الأجهزة الطبية وأجهزة الخبز وكثير من مناحي الحياة التي تحتاج إلى مصادر الطاقة.

 

ففي منزل متهدم داخل أزقة خان يونس الضيقة جنوب قطاع غزة، تعيش سامية مع زوجها وثمانية أطفال، وتقول: “هنا في غزة نعيش في سجن ، أو أسوأ من ذلك في قبر، الوضع لا يطاق مع انقطاع “، فيما يقول محمد : ” تنفد المياه لدينا ، مما يعني أنه لم يعد بإمكاننا الاستحمام أو غسل الملابس أو أي شيء. لا يمكننا تحمل تكلفة اشتراك مولد خاص أو الحصول على ألواح شمسية “.

 

ووفق ما نقلته العديد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعالمية، فإن الوضع الصحي يزداد في غزة تعقيدا مع اضطرار المستشفيات إلى وقف خدماتها بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص إمدادات الوقود إلى القطاع.

 

مؤسسة توزيع الكهرباء: متوفر 95 ميغاواط فقط يومياً!

وعن تلك الأزمة يقول محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة توزيع الكهرباء : “الكهرباء خدمة أساسية وحق لكل مواطن، ومنذ أن ضربت إسرائيل محطة الطاقة الوحيدة لدينا في عام 2006 ، نسعى لحل أزمة الطاقة مع أصحاب المصلحة المعنيين بعيدًا عن الصراع السياسي الداخلي “.

 

وأشار ثابت إلى أنه “مع اندلاع العملية العسكرية على غزة في 2021 ، واجهنا نقصًا كبيرًا في الوقود بسبب تدبدب الإمداد من ثلاثة خطوط رئيسية إسرائيلية، وأضاف: “توفر خطوط الإمداد المتبقية داخل قطاع غزة 95 ميغاواط فقط يومياً ، وهو ما لا يكفي. ولهذا قررنا توفير الكهرباء لمدة ثلاث إلى أربع ساعات في اليوم فقط ، ما يعني انقطاع التيار الكهربائي لمدة 20 ساعة يوميًا “.

 

توقف مضخات الصرف الصحى والآبار 

 

وأدى انقطاع التيار الكهربائي، الى  تداعيات سلبية كبيرة على القطاع الصحي ، بما في ذلك المستشفيات ، وكذلك قطاع إمدادات المياه ، مما أدى إلى تعطيل تشغيل مضخات مياه الصرف الصحي وآبار الشرب ومحطات المعالجة والخدمات البلدية والمخابز وقطاعات أخرى مثل التجارة والصناعة. والاقتصاد بحسب ثابت.

 

قال أنور الجندي ، مدير عام دائرة المياه والبيئة في بلدية غزة : “أثر انقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير على قطاع المياه والبيئة. تحتاج إمدادات المياه والصرف الصحي إلى الكهرباء في المقام الأول ، حيث يوجد حوالي 83 بئراً للمياه موزعة في أنحاء غزة “.

وأشار الجندي  “كميات المياه غير كافية على الإطلاق، فلم تكن لدينا القدرة الكافية لتشغيل مولدات الكهرباء بسبب نقص الديزل نتيجة إغلاق المعابر الحدودية “، وأضاف: “لدينا ثماني محطات رئيسية لضخ مياه الصرف الصحي من مناطق مختلفة في غزة إلى محطات المعالجة الرئيسية ، والتي تتطلب أيضًا كهرباء متواصلة. خلال الأسبوع الماضي ، استخدمنا كل الديزل المتاح لتشغيل المضخات. نحتاج إلى 6000 لتر [1585 جالونًا] من الديزل يوميًا لتشغيل الآبار ومعالجة النفايات الصلبة. لكن الإمدادات نفدت ، مما تسبب في تسرب مياه الصرف الصحي إلى البحر ، مما دفع شاطئ زيكيم الإسرائيلي إلى إغلاق شواطئه بسبب تلوث البحر“.

 

 

البحث عن حلول حتى انتهاء الأزمة بـ2026

 

وفي محاولة للبحث عن حل جذري لتلك الأزمة، ونتيجة الاستهلاك العالي من الوقود الذي يكلف مبالغ مالية كبيرة، اتفقت السلطة الفلسطينية وإسرائيل وقطر عام 2021 على إنشاء مشروع للكهرباء يعمل بالغاز الطبيعي، وقد يستغرق تنفيذه خمس سنوات، وحينها قد تنتهي أزمة الكهرباء في غزة، وتعمل السلطة مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي، على مشروع مسار خط أنابيب الغاز لمدّ شركة إنتاج الطاقة به، وهذا يكلف 100 مليون دولار”.

 

 

 

 

وتشتري كلاً من قطر والسلطة الفلسطينية، بشكل مشترك الغاز لمحطة توليد الطاقة في غزة من حقل (لفيتان) الإسرائيلي، وتمول قطر مد الأنبوب في البحر في الجانب الإسرائيلي، على أن يتولى الاتحاد الأوروبي دفع تكلفة مد الأنبوب من الجدار الحدودي مع إسرائيل وحتى محطة توليد الطاقة في القطاع، في حين ستنتج شركة الكهرباء في غزة الكهرباء من الغاز الذي يورد لها وتبيعه لمستهلكيها في القطاع».

 

ومن ثم قد يكون أحد الحلول هو زيادة كمية الكهرباء المستوردة من الشركة القطرية الإسرائيلية، ويمكن أيضاَ الاتجاه للتوسع في البنية التحتية للطاقات المتجددة، ومنها الطاقة الشمسية باستخدام الألواح الشمسية التي تعمل بطريقة الخلايا الكهروضوئية. 

 

ما بين ألواح الطاقة الشمسية وألواح الحطب.. جهود ذاتية للعيش

 

وتدفع أزمة الطاقة داخل القطاع سكانه إلى البحث عن حلول للعيش، والتدفئة خلال فصل الشتاء، وما بين ألواح الطاقة الشمسية، وألواح الحطب يكون الحل، وذلك وفق القدرات المالية لكل عائلة، وقد نشرت “شبكة فلسطين للأنباء” تقريرا، ذكرت فيه أن عدد لا بأس به من سكان القطاع تعلموا كيفية التعامل مع شح الكهرباء بمساعدة الطاقة الشمسية، إذ أصبح مشهدًا مألوفًا رؤية تلك الألواح في المباني العامة والسكنية والمستخدمة على نطاق واسع في مختلف أنحاء القطاع.

فيما دفعت الأزمة غلاء فواتير الوقود، لا سيما المشتقات المستخدمة في التدفئة، شريحة أخرى من سكان قطاع غزة إلى البحث عن الحطب لاستخدامه في موسم الشتاء والبرد، تلافيا للوقوع في فخ الفواتير الباهظة التي يعجز الكثيرون عن تأمين تمويلها في الوقت الحاضر، حيث يلجأ الفقراء لجمع الفروع الجافة التي تجدها على جانب الطريق ثم ترص الكومة في حرص وتحملها عائدة للمنزل كي تشعل النار وتطهو الطعام للأطفال.

 

 

الحطب أصبح تاجرة داخل القطاع 

 

وبسبب زيادة الطلب، اتجه سمير حجي وأبناؤه الثلاثة لقطع الأخشاب وبيع الحطب في قطاع غزة الساحلي الضيق الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة، ووفق ما نشرته وكالة رويترز للأنباء، فإن حجي (55 عاما)، الشرطي السابق، يقول وهو يقف بجوار أكوام من خشب أشجار الزيتون: "في إقبال عندنا على الحطب، يزداد كلما انخفضت درجة الحرارة، نتيجة غلاء الغاز، وانقطاع الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات، فالناس في السقعة وفي الشتاء تقعد بجوار "الكانون"، وكل شعب غزة كذلك".

 

ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحطب إلى شيقل (0.28 دولار) وتحتاج بعض الأسر لنحو خمسة كيلوغرامات في اليوم وبعضهم يجمعه من الشوارع، في المقابل فإن تكلفة ملء أسطوانة غاز طهي سعتها 12 لترا بلغت ما يصل إلى 72 شيكل (20.5 دولارا) في 2022 من سعر 63 شيكل (18 دولارا) قبل عام.


-