هل الحزن اعتراض على قضاء الله؟، وكيف يدخلالرضا والتسليم إلى القلب؟ أسئلة أجاب عنها الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، موضحا أن هناك علامات على كون المسلم راضيًا بأمر وقضاء الله.
هل الحزن اعتراض على قضاء الله؟
وقال علي جمعة في بيانه هل الحزن اعتراض على قضاء الله؟، أن التسليم والرضا بقضاء الله يكون على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: هي مرحلة يسلم فيها بأمر الله، ويقاوم نفسه من الاعتراض، ومن الحزن؛ فهو يحزن لكنه يمنع نفسه من أن يعترض على أمر الله، وهو أيضا يبكي ليل نهار على فقدان الولد مثلا، لكنه ساكن القلب إلى حكمة الله تعالى.
والمرحلة الثانية: لا يحزن، فلو مات له ابنٌ أو أصابته مصيبة فإنه يكون ساكن مبتسم لا يبكي، والسبب اليقين في لطف الله وحكمته.
المرحلة الثالثة: يبكي، لأنه يستحضر في نفسه أن الله قد أفقده هذا العزيز لديه الآن من أجل أن يبكي، فهو لا يبكي حزناً إنما هو يبكي لله، وهذا هو الذي كان عليه مقام النبوة وأكابر الأولياء؛ فلما فقد النبيُّ ﷺ ابنَه إبراهيمَ بكى ، وفي حديث آخر عَنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : أَرْسَلَتْ بِنْتُ النَّبِىِّ - ﷺ - إِلَيْهِ أَنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَأْتِنَا. فَأَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ : « إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى ، وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَ اللَّهِ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ ». فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا ، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ -تضطرب- فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا ؟ قَالَ : « هَذَا رَحْمَةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ».
وأوضح أن سيدنا النبي ﷺ يبكي ؛ ولكنه يبكي لأن الله قد قدر لمن أصيب بمصيبة أن يبكي، مشددًا : «فالأول يبكي حزنًا، والثاني يسكن رضًا، والثالث يبكي مرة ثانية قهرًا تحت سلطان الله سبحانه وتعالى، واستجابة لمقتضى ما أجراه الحق في هذا الوقت المخصوص من أحوال، وكأن الله أرادني الآن أن أحزن فأنا أحزن لذلك. وهو المقام الأتم للسيد الأجل ﷺ».
فيما يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضى الله تعالى عنه : أسباب القبض ثلاثة : ذنب أحدثته ، أو دنيا ذهبت عنك ، أو شخص يؤذيك في نفسك أو عرضك . فإن كنت أذنبت فاستغفر ، وإن كنت ذهبت عنك الدنيا فارجع إلى ربك ، وإن كنت ظُلمت فاصبر واحتمل ؛ هذا دواؤك ، وإن لم يطلعك الله تعالى على سبب القبض فاسكن تحت جريان الأقدار فإنها سحابة سائرة .