الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كارثة بقيمة 80 تريليون دولار.. تهديد خطير للنظام المالي العالمي

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

هل تتخيل ما يمكن أن يحدث لاقتصاد العالم إن اختفى 80 تريليون دولار؟ هذا التحذير لم تطلقه صحيفة صفراء مغمورة تبحث عن خبطة صحفية، وإنما المؤسسة المالية التي تكاد تكون الأهم على الإطلاق على مستوى العالم: بنك التسويات الدولية.

يمكن القول إن بنك التسويات الدولية، ومقره مدينة بازل في سويسرا، هو "بنك البنوك المركزية"، أي أنه البنك المركزي للعالم الذي يشرف على معاملات التعاون النقدي والمالي بين عدد من البنوك المركزية الكبرى في العالم، مثل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) وبنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) والبنك المركزي الأوروبي.

وبحسب صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، حذر بنك التسويات الدولية في تقرير له من كارثة لم يعرف العالم لها مثيل من قبل، وتتعلق باختفاء 80 تريليون دولار.

ولتقريب الصورة، يكفي أن نتذكر أن الازمة المالية العالمية عام 2008 بدأت بانهيار بنك ليمان براذرز في سبتمبر 2008، الذي كان ولا يزال أضخم إفلاس لشركة في تاريخ الولايات المتحدة، ولكن مجموع ديون البنك عند إفلاسه لم تكن تتجاوز 619 مليار دولار، أي أقل من 1% من المبلغ الذي يحذر بنك التسويات الدولية من ضياعه.

يكمن التهديد في سوق تبادل الديون بالعملات الأجنبية، وهو معقد للغاية ولا يفهمه سوى القليل من المتخصصين ولا توجد جهة تسيطر على سير المعاملات فيه.

وكشفت وكالة "رويترز" في تقرير لها أن صناديق معاشات تقاعدية وشركات مالية أخرى عليها ديون بأكثر من 80 تريليون دولار ناتجة عن مقايضات بعملات أجنبية.

ووصف بنك التسويات الدولية سوق ديون مقايضة العملات الأجنبية بأنه "نقطة عمياء" تهدد بترك صانعي السياسة في "ضباب" كامل، حسبما جاء في أحدث تقرير ربع سنوي للبنك، ففي سوق مقايضة العملات الأجنبية يمكن لصندوق تقاعد أوروبي مثلا أو شركة تأمين يابانية اقتراض مبالغ ضخمة بالدولار بنسبة فائدة معينة ثم تقديمها في شكل قروض باليورو أو الين بنسبة فائدة أعلى.

ولسوق مقايضة العملات الأجنبية تاريخ من المشكلات، بما في ذلك ضغوط التمويل خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكذلك الأيام الأولى لوباء كورونا، قبل أن يتحرك الاحتياطي الفيدرالي ويضخ حزم إنقاذ للشركات والأفراد المتضررين من الإغلاقات الصحية.

والمخيف في الأمر أن تقدير الديون "الخفية" الذي يزيد عن 80 تريليون دولار هو أكبر من قيمة جميع سندات الخزانة الأمريكية واتفاقيات إعادة الشراء والأوراق التجارية المتداولة مجتمعة، حسبما قال بنك التسويات الدولية.

وارتفعت ديون مقايضة العملات الأجنبية من 55 تريليون دولار إلى 80 تريليون دولار خلال 10 سنوات، وفي الوقت الحالي يبلغ حجم صفقات مقايضة العملات الأجنبية 5 تريليونات دولار يوميًا.

وما يضاعف خطورة الموقف أن هناك بنوك وصناديق معاشات غير أمريكية لديها التزامات مقايضة عملات أجنبية بالدولار تبلغ ضعف مبلغ الدين بالدولار المدرج في ميزانياتها، ومع ذلك لا أحد يعرف مكان أموال هذا الدين وكم قيمتها إجمالاً.

ونقلت صحيفة "ديلي إكسبريس" عن رئيس قسم الاستثمار بشركة "سنشري فاينانشال" فيجاي فاليشا أن هذا السوق الذي تبلغ قيمته 80 تريليون دولار يعد مصدر قلق كبير لأنه لا يظهر في ميزانيات المؤسسات التي تنخرط في مقايضات العملات الأجنبية، ويغيب عن الإحصاءات.

وأوضح فاليشا أن هذا الحجم من الديون هائل ويثير أسئلة مقلقة لأن الديون بهذا الحجم عادة ما تُعد علامة على التعثر والعجز عن السداد.

وأضاف فاليشا أن المستثمرين يتدافعون لاقتراض دولارات أمريكية للاستثمار، وهي استراتيجية محفوفة بالمخاطر تُعرف باسم "الرافعة المالية"، مصممة لتوليد عوائد عالية في وقت كانت فيه أسعار الفائدة منخفضة للغاية، أما الآن فإن أسعار الفائدة المرتفعة وأسعار الأصول المتقلبة تجعل الرافعة المالية خطرة، وما يضاعف من خطورتها أنها "خفية".