الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا الحرمين .. تؤكدان : لكم في الاستجابة لأوامر الله أحسن ما تعتدونه لنيل كل خير

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام: 

  • الإعراض عن الجاهلين وهم السفهاء بترك معاشرتهم
  • لكم في الاستجابة لأوامر الله أحسن ما تعتدونه لنيل كل خير ودفع كل شر

خطيب المسجد النبوي: 

  • حاسد النعمة لا يرضيه إلا زوالها ولا يسره إلا انتقالها 
  • الحسد داعية النكد ومطية الكمد وللحاسد ثلاث علامات
  • يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود مكروه
  • الحسد من الذنوب العظام والكبائر الجسام 
  • كلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم 

تناولت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، الأوامر الربانية الثلاثة الواردة في الآية القرآنية، وهي أخذ العفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين، فهي أحسن ما تعتدونه لنيل كل خير ودفع كل شر، والسعادة في الدنيا، والفوز والفلاح والرفعة في الآخرة ، وكذلك الحسد وعلاماته وعقوباته في الدنيا والآخرة.

ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من منن الله الرؤوف بعباده، اللطيف بهم، المتودد إليهم بألوان النعم، أن يأمرهم بكل خير تسعد به نفوسهم، وتطمئن به قلوبهم، وتطيب به حياتهم، ويكون به فوزهم وفلاحهم في دنياهم وأخراهم.

ثلاثة أوامر ربانية

وأوضح " خياط" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة،  أن من أعظم ذلك نفعًا، وأقواه وأبقاه أثرًا، ثلاثة أوامر ربانية، اشتملت عليها آية في كتاب الله، جمعت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات كافة، حتى لم تبق حسنة إلا حوتها، ولا فضيلة إلا أرشدت إليها، ولا مكرمة إلا أتت عليها، ونبهت إليها؛ إذ هي ترسي قواعد المعاملة مع الخلق جميعًا، وتوضح طرق الإحسان إليهم، والإسعاد لهم، وتدل على سبيل السلامة من شرور ذوي الشر منهم.

واستشهد بما ورد في قوله عز اسمه مخاطبًا أشرف خلقه، وأكرم رسله، صلوات الله وسلامه عليه: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾، منوهًا بأنه ابتدأ سبحانه بأمره أن يأخذ بأخلاق الناس وأعمالهم ما سهل عليهم قوله، وخفَّ وتيسر عليهم فعله، وما سمحت به نفوسهم، وبلغته طاقتهم، من غير تضييق ولا استقصاء، بطلب الأكمل الأتم، وبالبحث في البواطن.

وتابع: رفعًا للحرج، ودفعًا للعنت ثم الأمر بالعرف، وهو كل معروف تعرفه العقول السليمة، وتقر بحسنه ونفعه، وأعلاه توحيد الله تعالى، وكل ما أمر به سبحانه من الإعمال أو ندب إليه، -كما رجح ابن جرير رحمه الله-، ومنه صلة من قطع، وإعطاء من حرم، والعفو عمن ظلم.

جاء الأمر الثالث

وأضاف أنه لما كان أذى الجاهلين أمرًا محتومًا لابد منه، ولا سبيل إلى منعه، جاء الأمر الثالث بالإعراض عن الجاهلين، فلا يقابل جهلهم بمثله، انتقامًا لنفسه، وشفاءً لغيظه، بل يصبر على أذاهم، ويحلُم عنهم، وتلك هي الحال الحسنى، والطريقة المثلى، التي كان عليها نبي الرحمة والهدى، صلوات الله وسلامه عليه، مع أوليائه وأعدائه، استجابةً منه لأمر الله.

وأشار إلى أن الله تعالى -كما قال ابن القيم رحمه الله- أمره أنْ يصبرَ نفسه مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ، وألّا تَعْدُوَ عَيْناهُ عَنْهُمْ، وأمره أنْ يعفو عنهم، ويستغفر لهم، ويشاورهم في الأمر، وأن يصلي عليهم. وأمره أن يهَجْر من عصاه وتَخلَّفَ عنْه حتى يتوب، ويراجع طاعته.

وواصل: كَما هَجَرَ الثلاثة الذين خُلِّفُوا وأمره أن يُقيم الحدودَ على مَن أتى مُوجباتها منهم، وأنْ يكونوا عنْده في ذلكَ سواءً شرِيفهم ودنيئهم وأمره في دَفْع عدوه من شياطِين الإنس، بأن يدفع بالتِي هي أحسن، فيُقابل إساءة من أساء إليه بالإحسان، وجهْله بالحلْم، وظلْمه بالعفو، وقطيعته بالصلة، وأخبره أنه إنْ فعل ذلك عاد عدوه كأنه ولِي حميم.

ثلاثة مواضع من القرآن

وأفاد بأن أمره في دفعه عدوه من شياطِين الجنّ بالاستعاذة باللَّه منهم، وجمع لَه هذين الأمرين في ثلاثة مواضع من القرآن، فقال سبحانه: ﴿خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بِالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ - وإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ، فأمره باتقاء شر الجاهلين بالإعراض عنهم، وباتقاء شر الشَّيطان بالاسْتعاذة منه، وجمع له في هذه الآية مكارم الأخْلاق والشّيم كلَّها.

ونبه إلى أن  المطاع له مع الناس ثلاثة أحوال: فإنّه لا بد له من حق عليهم يلزمهم القيام به، وأمرٍ يأمرهم به، ولابد من تفريط وعدوان يقع منهم في حقه، فأمر أن يأخذ من الحق الذي عليهم ما طوعت به أنفسهم، وسمحت به، وسهل عليهم ولم يشق، وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضرر ولا مشقة، وأمر أن يأمرهم بالعرف، وإذا أمر به يأمر بالمعروف أيضًا، لا بالعنف والغلظة، وأمره أن يقابل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن يقابله بمثله، فبذلك يكتفي شرهم.

ودلل بما قال عز وجل: ﴿قُلْ رَبِّ إمّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ ، رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي في القَوْمِ الظّالِمِينَ ، وإنّا عَلى أنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهم لَقادِرُونَ ، ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أعْلَمُ بِما يَصِفُونَ ، وقُلْ رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ، وأعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحْضُرُونِ﴾ وَقالَ سبحانه: ﴿وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ ، وما يُلَقّاها إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا وما يُلَقّاها إلّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ، وإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ فهذه سيرته صلى الله عليه وسلم مع أهل الأرض إنسهم وجنهم، مؤمنهم وكافرهم. وبه القدوة في كل ذلك، فقد قال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾.

وبين أن الإعراض عن الجاهلين وهم السفهاء بترك معاشرتهم، وعدم مماراتهم، ولا علاج أقوى لأذاهم، وأدحر لعدوانهم، وأشد على قلوبهم، من الإعراض عنهم، وإنما يجب هذا الإعراض -كما قال أهل العلم-، لأنهم لا يطلبون الحق إذا فقدوه، ولا يأخذون فيما يخالف أهواءهم إذا وجدوه، ولا يرعون عهدًا، ولا يحفظون ودّا، ولا يشكرون من النعمة إلا ما اتصل مدده، فإذا انقطع عاد الشكر كفرًا، واستحال المدح ذمًا، والوصل هجرًا، والود بغضًا مشيرًا إلى أن لكم في الاستجابة لأوامر الله بأخذ العفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين أحسن ما تعتدونه لنيل كل خير ودفع كل شر، والسعادة في الدنيا، والفوز والفلاح والرفعة في الآخرة .

ومن المدينة المنورة، قال الشيخ صلاح بن محمد البدير ، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف،  إن التطهر من الرذائل والتلبس بالفضائل شأن الكمّال، ومن الرذائل المهلكة داء الحسد ، منوهًا بأن الحسد داعية النكد ومطية الكمد.

داء الحسد

وأوضح "البدير" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن علامة الشؤم واللؤم وحدّ الحسد أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه ويُعرف الحاسد باللحظ واللفظ ورب لحظ أنمّ من لفظ وللحاسد ثلاث علامات أن يتملّق إذا شَهِد ويغتابُ إذا غابَ ويَشمتُ بالمصيبة ، منوهًا بأن حاسد النعمة لا يرضيه إلا زوالها ولا يسره إلا انتقالها لا يرضى بقضاء ولا يقنع بعطاء.

وتابع: إذا نظر إلى من فوقه في علم أو في خُلُق أو خَلقٍ أو مال أو أي خصلة من خصال التفضيل أعترض على الله في مشيئته واغتاظ من فضل الله وقسمته لا يرى قضاء الله عدلاً ولا لنعمه من الناس أهلاً يكره نعمته ويجهل حكمته ويسعى بالبغي على من أنعم الله عليه ويمضي في المكر بمن أحسن الله إليه .

ودلل بما قال الأصمعي " سمعت أعرابياً يقول ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد حزن لازم وتعس دائم وعقل هائم وحسرة لا تنقضي " وقال أبو الليث السمرقندي " يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود مكروه أولها غم لا ينقطع والثاني مصيبة لا يؤجر عليها والثالث مذمة لا يُحمد بها والرابع يسخط عليه الرب والخامس تُغلق عليه أبواب التوفيق " .

ونبه إلى أن من غوائل الحسد تنقيص العمر وتشتيت الفكر قال ابن المعتز " الحسد داء الجسد وقال الأصمعي " رأيت شيخاً بالبادية قد سقط حاجباه على عينيه وله مائة وعشرون سنة وفيه بقية فسألته فقال : تركت الحسد فبقي الجسد " ومن زكت نفسه وسمت لم يجد في نفسه حزازة وغيظاً وحسداً على ذي نعمة .

أهل المواساة والإيثار

وأضاف : وانظر إلى السادة الأنصار أهل المواساة والإيثار أعز قبائل العرب جاراً ومن اتخذ الرسول عليه الصلاة والسلام دارهم أمناً وقراراً رضي الله عنهم الذين أثنى الله عليهم بقوله ( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا) أي ولا يجدون في أنفسهم حسداً للمهاجرين فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف والتقديم في الذكر والرتبة .

وأكد أن الحسد من الذنوب العظام والكبائر الجسام لأنه يأكل الحسنات ويديم الحسرات ويعدم الراحات قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) ، فلم يزل ذو الفضل محسوداً وبالأذى مقصوداً وكلما كثر الفضل كثر الحسّاد .

ولفت إلى أنه كلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم فتتجه إليه أنظار الحسدة وتنوشه عيون الصغار المفاليس وتصوب إليه سهام المتربصين ومن لمع نجمه وارتفع سهمه واشتهر اسمه تألب عليه الحسّد وتواطأ عليه الشانئون لأن المنزلة الرفيعة وعلو الصيت تثير الضغائن وتبعث الأحقاد قال ابن القيم " وقد شاهد الناس عياناً أن من عاش بالمكر مات بالفقر " .

ونصح من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده أو غيره فليذكر الله وليبرك والتبريك الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة يُقال برّكت تبريكاً أي قلت له بارك الله عليك وبارك لك وبارك فيك أي وضع فيك البركة وثبتها وأدامها وأفاضها وضاعفها والبركة لكونها خالصة تتعدى باللام ولكونها نافذة تتعدى بالفاء ولكونها نازلة من السماء تتعدى بعلى تصويراً لصبّ البركات وإفاضتها من السماء .