"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا".. وهو ما ينطبق على طفلة تاهت من والدتها في عمر 5 سنوات، لتعود إلى حضن الأم المكلومة بعد مرور 45 عاما، لم تفقد إحداهما الأمل في هذا اللقاء.
على أنغام أغنية “رضا جه يا أم رضا”، وزغاريد ممزوجة بالدموع وسجود لله شكرا، انتابت أسرتين من بني سويف ونجع الطويل بمنطقة الكرنك شرق الأقصر، الفرحة عندما التقت تحية عويس، 72 عاما، بائعة خضراوات، من مدينة الفشن، بمحافظة بنى سويف، بابنتها رضا عبد الرحيم، المقيمة في الأقصر، بعد غياب دام 45 عاما.
أصل الحكاية.. بنت بائعة الخضار تاهت
بدأت القصة في سبعينيات القرن الماضي، وتحديدا عام 1977، عندما خرجت الطفلة الصغيرة رضا مع والدتها تحية عويس التي تعمل بائعة خضراوات في سوق مدينة الفشن.
غافلت الطفلة والدتها لتلهو، وبعدها اختفت عن الأنظار، بعد أن استقلت القطار المتجه للصعيد ليستقر بها المقام في مدينة ملوي بعيدا عن عائلتها.
وظلت الطفلة في كنف مأمور المركز الذي رباها حتى وصلت إلى سن 15 سنة، ونتيجة خلافات تركت الأسرة لتبدأ رحلة مع الحياة من القاهرة إلى الإسكندرية، مرورا ببورسعيد والإسماعيلية وقنا، حتى استقر بها الحال في الأقصر.
حب في القطار وزواج
عاشت رضا مع إحدى السيدات لفترة، ثم غادرت وعملت بائعة في القطارات، وتعرفت على زوجها رمضان الشهير بجمال "كفيف"، وتعلقت به وتزوجته.
وللزواج قصة طريفة، حيث ظلت تعيش في منزل زوجها في غرفة مستقلة، حتى بلغ عمرها 16 عاما، ثم استخرج لها بطاقة وأوراقا حتى يستطيع إتمام الزواج منها، وأنجبت 5 أولاد.
خيوط الأمل لم تنقطع
رغم مرور السنوات، ظلت رضا طوال الـ45 عامًا تبحث عن خيط أمل يبرد نار وحدتها ويعيدها لأهلها وذويها، وشاءت الأقدار أن يقر الله عين ذويها بعودتها، بعد نشر فيديو لها على موقع «فيس بوك»، حيث استطاع أهلها التعرف عليها من خلاله.
ونجح رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال صوت السيدة رضا وسمع أحد الصحفيين روايتها، وسجل لها بثا مباشرا، ليتعرف عليها خالها، ويبلغ والدتها التي قررت التوجه للأقصر للقاء ابنتها، بعد فقدانها طوال 45 عاما.
الأم: جوزي مات بحسرته على بنته
وفي أول ظهور تليفزيوني لـ"سيدة الكرنك" ووالدتها، قالت تحية عويس والدة رضا، إنها تبيع خضراوات أمام القطار، وكانت ابنتها تلعب حولها وعمرها في ذلك الوقت 5 سنوات، وركبت القطار ومن وقتها لم ترها.
وأضافت خلال لقائها مع الإعلامي شريف عامر، في برنامج «يحدث في مصر»، أنها تبلغ من العمر الآن 72 عامًا وعندما فقدت ابنتها كان عمرها 22 عامًا، وكان لديها 3 بنات: «سومة، وفاطمة، ورضا»، مشيرة إلى أن زوجها توفي بحسرته بعد فقدان ابنته «رضا»، مضيفة: «ظل يدعي يقول يا رب أشوف بنتي سواء كانت حية أو ميتة، وأنا خرجت للعمل بعد تعب زوجي من الزعل».
واستكملت رضا الحكاية، أنها عاشت أياما طويلة من الحزن والخوف والقهر والضياع وسط الشوارع من بني سويف للمنيا للقاهرة للجيزة للأقصر التي احتضنتها، والكل أحبها وساعدها، وتعرفت على زوجها وكونت معه أسرتها المؤلفة من 5 أبناء، إلى أن أراد الله لها الخير والتقت بأسرتها بعد كل تلك السنوات.
لا يفوتك