لم تكد تمر ساعات قليلة على بدء ماراثون العام الدراسي الجديد، إلا وحل الحزن محل السعادة والأمل في قلوب أولياء الأمور، بعد رحيل ملاك السماء الطفلة "ملك محمد"، جراء انهيار سياج خرساني بمدرسة المعتمدية الإعدادية بكرداسة، وابى القدر مرور 24 ساعة أخرى دون زيادة حالة الكآبة والقلق في قلوب الاباء والامهات، مدونًا اسم ملاك جديد إلى جوار ملك، هي الطفلة "منة تامر"، التي صعدت روحها الطاهرة إلى بارئها داخل مدرسة سيد الشهداء بميت عقبة.
وداع غير متوقع
في السادسة صباحا، استيقظت الطفلة منة 8 سنوات، بهمة ونشاط استعدادا لثاني أيام العام الدراسي، وبوجه بشوش القت التحية على والدتها، التي بدأت في تهيئة فلذة كبدها، حيث مشطت شعرها والبستها زي المدرسة، لتصطحبها إلى المدرسة القريبة مودعة إياها على أبوابها، في وداع أخير لم يعلمه الطرفان.
مع انتصاف اليوم الدراسي، تلقت أسرة "منة" النبأ الكارثي خلال اتصال تليفوني: "منة وقعت من الدور الثالث وانتقلت المستشفى".
هرول الأهل إلى المستشفى، والرعب قد تملك من اوصالهم، البعض يحاول دعم الأم بالدعاء للطفلة، التي فاضت روحها قبل وصولهم المستشفى.
تضارب الروايات حول وفاة منة
روايات متضاربة أحاطت بالواقعة، قبل أن تصدر محافظة الجيزة، بيانا حول الواقعة، تضمن سقوط التلميذة "منة تامر فراج – 8 سنوات" بمدرسة سيد الشهداء بميت عقبة، التابعة لإدارة العجوزة التعليمية من الدور الثالث بالمدرسة، مما أدى إلى وفاتها عقب وصولها للمستشفى.
تبين من الفحص المبدئي قيام الطالبة المذكورة بمغافلة مدرس الفصل عقب مطالبتها بحضور والدتها لأخذها من المدرسة، وتسلقها سور الدور الثالث وسقوطها.
وفي سياق متصل، أشارت تحريات مديرية أمن الجيزة، ان مدرس الفصل اثناء ملاحقته للتلميذة هربت منه وسقطت من الطابق الثالث لتصاب بعدة اصابات، وتم نقلها الى المستشفى الا انها فارقت الحياة متاثرة باصاباتها.
وتحفظت قوة من قسم شرطة العجوزة، على المدرس لاستجوابه، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة واخطرت النيابة العامة للتحقيق.
إيقاف مدير المدرسة 3 اشهر
وقرر محافظ الجيزة، إيقاف كل من مدير المدرسة ومشرف الدور ومدرس الفصل عن العمل لمدة ثلاث شهور، مع إحالة الواقعة للنيابة العامة والإدارية لإتخاذ اللازم.
وتقدم محافظ الجيزة، بخالص العزاء لأسرة الطالبة المتوافاة، بعد ساعات من تقديم العزاء في التلميذة ملك محمد، ووجه بتقديم كافة أوجه الدعم لأسرتهما.
ملك ضحية انهيار سلم مدرسة المعتمدية
الطفلة "ملك محمد محمد سعيد"، طالبة مدرسة المعتمدية الاعدادية بنات، بدأت يومها فرحة بحقيبتها الجديدة وزيها المدرسي، اصطحبتها والدتها لمدرستها في اول ايامها بالصف الاول الاعدادي، وودعتها بعدما احتضنتها ابتتها قائلة: "هاتي بوسة يا ماما" وتركتها وسط صديقاتها وغادرت.
لم يمر وقت قليل، لتتلقى اتصالا هاتفيا من ابنتها الكبرى: "الحقي ياماما مدرسة ملك وقعت".
هرعت الام الى المدرسة وهالها مشهد الزحام والصراخ من اولياء الامور الاخرين، الذين تلقوا ذات الخبر، لكنها لم تجد ملك، فاخبرتها احدى السيدات ان ابنتها حملتها اول سيارة اسعاف الى المستشفى لخطورة حالتها اكثر من زميلاتها، البالغ عددهن 15 طالبة اصبن برفقتها في انهيار سور سلم المدرسة الخرساني.
ساعات من الرعب
توجهت اسرة ملك الى مستشفى امبابة العام، للاطمئنان عليها، ففوجئوا بايداعها غرفة الرعاية المركزة لما لحق بها من اصابة خطرة في المخ، ولم يمر وقت قليل قبل ان يعلن الاطباء مفارقة روح ملك لجسدها، واخطرت المستشفى الجهات الامنية لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
بحلول الساعة الواحدة صباحا، كانت اسرة ملك تسلمت جثمان الطفلة البريئة، وتوجهت لمقابر كرداسة لمواراتها الثرى وسط حالة من الحزن التي انتابت اهالي القرية وصدمة لأسرتها.
التحقيق في الواقعتين
أمر النائب العام، بالتحقيق في واقعة انهيار سياج خرساني بمدرسة المعتمدية الإعدادية للبنات بكرداسة، وسقوط طفلة من الطابق الثالث بمدرسة سيد الشهداء بميت عقبة.
انتقل فريق من النيابة العامة، إلى مدرسة المعتمدية، لمعاينتها وسؤال المسئولين والشهود بها، بينما انتقل فريق اخر لمناظرة جثمان الفتاة المتوفاة بمستشفى إمبابة العام، وسؤال المصابات به، واللاتي بلغ عددهن خمس عشرة مصابة.
كما توجه فريق من النيابة إلى مدرسة سيد الشهداء، للمعاينة واخر إلى المستشفى لمناظرة جثمان الطفلة منة.
وخلصت النيابة في الواقعة الاولى، أنه عقب الانتهاء من الفسحة، وأثناء صعود الطالبات إلى فصولهن، تدافعن على درج السلم المؤدي للطابق العلوي، مما أدى لانهيار جزئي بالسياج الخرساني للدرج، وقد بلغ الانهيار نحو مترين، مما أسفر عن إصابة عدد منهن ونقلهن إلى المستشفى.
في الواقعة الثانية، خلصت النيابة العامة إلى سقوط الفتاة من الطابق الثالث فوق الأرضي، الذي يبلغ ارتفاع سوره ستين سنتيمترًا.
وسألت النيابة العامة سبعةً مِن شهود الواقعة ثلاثًا منهم من زميلات المجني عليها، فاتفقت روايتُهن على تكرُّرِ بكاء الطفلة منذُ صبيحة اليوم، رغبةً في حضور والدتها، مما حدا ببعض المعلمين إلى التهدئة من روعها، ثم تكرّر بكاؤُها في الحصة الرابعة فحاول المعلم آنذاك تهدئتها وسمح لها بالجلوس في مقعده، فاستغلت الطفلة انشغاله وتسللت خلسةً من الفصل تُجاه سور الطابق الثالث، وشَهِدَتْ إحدى الفتيات أن الطفلة تسلقت السور وسقطت منه.
ولا تزالُ النيابة العامة مستمرةً في إجراءات التحقيق بيانًا لكيفية وسبب حدوث الواقعتين، وتحديد المسئول عنهظا، وستعلن النيابة العامّة إلى ما انتهت إليه فور بيانه، وجارٍ استكمال التحقيقات.
مرحبا بالزائرين
أثارت احدى صور تفقد السور المنهار في واقعة وفاة الطفلة ملك، حالة من السخرية الممتزجة بالألم، بسبب عبارة "مرحبا بالزائرين".
وحمَّل عدد من المتابعين على السوشيال ميديا، المسئولية لهيئة الابنية التعليمية، ولجان تسلم المدارس، المنوط بها فحص الاسوار وبيان مدى مطابقتها للمواصفات، خاصة أن الجملة توحي بالترحيب بالضحايا.
لا يفوتك