الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيل أحمد رجب.. صاحب بسمة المصريين في "نص كلمة"

الكاتب أحمد رجب
الكاتب أحمد رجب

حمل الكاتب الساخر أحمد رجب، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله،  البسمة في كل صباح لكل المصريين، لكنها بسمة تنطوي على الأسى؛ لإدراكه للمخاطر والمآسي التي تحيط بهم، بسبب الشخصيات التي ابتكرها، وخصوصًا التي تمثيل الفقراء والبسطاء، فكان منحازًا للقضايا الاجتماعية وقضايا الوطن، والقضايا الإنسانية.

ويعتبر أحمد رجب أحد أهم الكتاب والصحفيين المصريين، الذي قدم على مدار تاريخه مجموعة من المؤلفات القيّمة، منها: «صور مقلوبة - ضربة في قلبك - الحب وسنينه - نهارك سعيد - كلام فارغ - فوزية البرجوازية»، واشتهر بكتاباته الساخره.

ولد أحمد رجب في 20 نوفمبر 1928 بمحافظة الإسكندرية في مصر، وحصل على شهادة الليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية، وأثناء دراسته في الكلية أصدر مع آخرين مجلة "أخبار الجامعة"، حيث تعرف هناك على مصطفى وعلي أمين،  وعمل أحمد رجب مراسلاً صحفياً لمكتب "أخبار اليوم" في الإسكندرية بدءاً من عام 1952،  ثم انتقل إلى القاهرة، تولّى سكرتارية التحرير، وكان أول مقال كتبه أحمد رجب عن قارئ القرآن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ولاقى المقال قبولاً وانتشاراً واسعاً حتى نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، وتسبب في زيادة شهرة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ورفع أجره من 20 إلى 100 جنيه.

وفي القاهرة، اكتشف علي ومصطفى أمين مواهب أحمد رجب، ويروي كثيراً من الحكايات عن أخطاء كانت تقع أو مواقف يعلن فيها سياسيون غضبهم من الأخبار فيعلن على أمين فصل سكرتير التحرير أحمد رجب شكلاً، لكنه بقي وظلّت أخبار اليوم له مثل الماء للسمك لم يغادرها لينتشر، أو يُعيد إنتاج نفسه.

شغل الكاتب والصحفي أحمد رجب عدة مناصب في مجال الصحافة، فكان نائبًا لرئيس تحرير مجلة الجيل عام 1954، ثم مديرًا لتحرير مجلة هي، ثم بدأ مسيرته الطويلة التي استمرت على مدى 45 عاماً مع عموده اليومي الشهير على صفحات جريدة أخبار اليوم بعنوان "نص كلمة" والتي كان ميلادها عام 1969 حين كان علي أمين يعطيه مقالاً يوميا من 40 صفحة ويطلب منه تلخيصه في عشرة أسطر فقط دون أن يغفل معلومة أو يخل بضمون المقال.

 

تدريب أحمد رجب علي يد علي أمين

يحكى الكاتب مصطفى أمين في مقدمة كتاب 12 كلمة أن علي أمين كان يدرب أحمد رجب في شبابه على الإيجاز والبلاغة، وكان يعطيه مقالًا في أربعين صفحة ويطلب منه أن يلخصه في عشرة سطور، ويقول لأحمد رجب "خذ هذا الكلام واكتبه في أقل عدد من السطور وتصور أنك تكتب تلغرافًا وأنك ستحاسب على كل كلمة زائدة حتى نبغ أحمد رجب في هذا النوع من الكتابة واشتهر به وأصبح أهم كاتب ساخر في الشرق الأوسط.

كان أحمد رجب يمارس نقدا ساخرا في مجالات السياسة والثقافة وشؤون المجتمع وكانت "نصف كلمة" توجز ما يمكن أن يقوله مقال من ألف كلمة وأكثر، في مناقشة قضايا كالتعليم والصحة والغلاء وخلافه، وكانت أغلب هذه الفقرات الموجزة تكشف المشاكل التي يعانيها رجل الشارع البسيط والموظف المنهك من قرارات الوزراء أو تناسي الحكومة لمطالبهم.

ومن بين نقد أحمد رجب لحال وزارة الثقافة ما قاله في نصف كلمة " إن رحيل توفيق الحكيم حدث ثقافي كبير ومؤثر، وكان على وزارة الثقافة أن تدرك أبعاده، فتأخذ زمام المبادرة وتعلن الحداد الرسمي باسم الدولة، فإن توفيق الحكيم هرم شامخ في سلسلة أهرامات أحمد شوقي والعقاد وطه حسين، أولئك الخالدون كان من أهم أسباب ظهورهم عدم وجود وزارة ثقافة زمان".

 

أحمد رجب ومصطفى حسين 

شارك أحمد رجب مع رسام الكاريكاتير مصطفى حسين في كاريكاتير الأخبار وجريدة أخبار اليوم يوميًا من أفكاره وألّف شخصيات كاريكاتيرية منها فلاح كفر الهنادوه، ومطرب الأخبار،  وعبده مشتاق، وكمبوره وغيرها الكثير، وكانت علاقتهما بدأت  في يناير من عام 1974 حين قرر مصطفى أمين وعلي أمين نشر كاريكاتير يومي على صفحات جريدة الأخبار، فكان الاثنان يجتمعان بشكل يومي في الواحدة ظهرا للاتفاق على فكرة وموضوع الكاركاتير الذي سينشر على صفحات الجريدة في اليوم التالي، ثم يذهب كل منهما إلى مكتبه ليعبر أحمد رجب بقلمه، ومصطفى حسين بريشته عن الفكرة المتفق عليها، واستمرنشر الكاريكاتير يوميا على مدى عقود طويلة قاربت الأربعين عاماً، وتوطدت علاقة الاثنين، وانتجا معاً عدة كتب اقترنت فيها رسوم مصطفى حسين بمقالات أحمد رجب الساخرة مثل كتاب "الحب هو" وغيره.

 

مؤلفات وأعمال أحمد رجب 

للكاتب أحمد رجب العديد من المؤلفات، نرصد منها، "صور مقلوبة" عن  دار أخبار اليوم، 1969، و"توتة توتة" دار أخبار اليوم، 1971، و"الحب وسنينه" دار أخبار اليوم، 1987، و"يخرب بيت الحب"ن صدر عام 2013 عن الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع، وهو كتاب ساخر يقع في 265 صفحة، ويضم عدداً من المقالات حول علاقة الرجل بالمرأة ومفهوم كل من الطرفين عن الحب والزواج.

 

وكذلك "الفهامة"، ضم الكتاب عدداً من المقالات الساخرة التي تناقش أهم ما شغل المجتمع المصري خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، وتتناول بالنقد عدداً من القضايا مثل الوساطة، وشركات توظيف الأموال، وصكوك البركة، ومستوردي اللحوم الفاسدة، وبيع مستشفى الصحة النفسية بالعباسية، وغيرها من القضايا.

وحُولت بعض كتابات أحمد رجب إلى أفلام ومسلسلات تليفزيونية، كما كتب سيناريو وحوار بعض الأعمال للسينما والتليفزيون، من أهمها: فيلم "نص ساعة جواز"، من إخراج فطين عبد الوهاب، وسيناريو وحوار أحمد رجب، وقام ببطولته كل من رشدي أباظة وشادية، و"شيء من العذاب"،  سيناريو صلاح أبو سيف إخراج صلاح أبو سيف، قامت ببطولته سعاد حسني، حسن يوسف، يحيى شاهين، عبد المنعم مدبولي، و"الوزير جاي"،  من إخراج إبراهيم الشقنقيري، وقام ببطولته كل من وحيد سيف، وسيد زيان، وأسامة عباس، و"صاحب العمارة"،  سيناريو وحوار عاطف بشاى وإخراج إبراهيم الشقنقيري قام ببطولته فؤاد المهندس، تحيه كاريوكا، يونس شلبي، حمدي أحمد، سعاد نصر

ومسلسل "ناس وناس"،  عُرض على التليفزيون المصري لأول مرة عام 1989 من إخراج رائد لبيب، وقام ببطولته كل من حسن كامي وأحمد راتب وحسن حسني وغيرهم.

حظي الكاتب والصحفي أحمد رجب بتكريم العديد من الجهات المحلية والعربية، وحصل على عدة جوائزة أدبية وصحفية من أهمها: وسام العلوم والفنون عام 1992، جائزة نقابة الصحفيين التقديرية.