الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قنبلة موقوتة.. محطة زابوريجيا النووية تشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة.. ورؤى أمريكية تعود لـ70 عاما بشأن دعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية

محطة زابوريجيا النووية
محطة زابوريجيا النووية

تخوفات من تحول المحطات النووية المدنية في مناطق الحرب إلى قنابل إشعاعية 
انفصال محطة زابوريجيا النووية عن شبكة الطاقة الوطنية لأول مرة منذ 40 عاما
تحذيرات من حوادث نووية خارج أوكرانيا

 

في الوقت الذي تستعد فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، يتنفس المسؤولون الغربيون الصعداء ومع ذلك فهناك قلق لا يزال يرواد تفكيرهم؛ وهو كيف تتحول المحطات النووية المدنية في مناطق الحرب إلى قنابل إشعاعية يمكن أن تشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة.

وذكرت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية، في تقرير مطول لها، إنه في أواخر الإسبوع الماضي، حذر رئيس اللجنة المختارة للدفاع في مجلس العموم البريطاني من أن "أي ضرر متعمد يتسبب في تسرب إشعاعي محتمل إلى مفاعل نووي أوكراني سيكون انتهاكا للمادة 5. من معاهدة الناتو".

وتلزم المادة الخامسة من معاهدة الناتو جميع الأطراف الموقعة بالدفاع عن أي عضو من أعضاء الحلف يتعرض لهجوم مسلح.


ما مدى قرب حدوث إطلاق إشعاعي؟

وطرحت المجلة الأمريكية سؤالا حول مدى قرب حدوث إطلاق إشعاعي، مشيرة إلى أنه في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، انفصلت المحطة النووية لفترة وجيزة عن شبكة الطاقة الوطنية لأول مرة منذ 40 عاما، وكان المصدر الوحيد للكهرباء هو مولدات الطوارئ التي تعمل بالديزل في المحطة، والتي لم يكن لديها أكثر من خمسة أيام من الوقود لتشغيل مضخات المياه الكهربائية للسلامة الأساسية للمحطة وتبريد الوقود.

ولو كان الوقود قد نفد من المولدات ولم يتم إعادة توصيل خط الطاقة الوحيد المتبقي، لكان من الممكن أن يؤدي فقدان التبريد (مثلما حدث في كارثة فوكوشيما) في غضون ثمانين دقيقة. ولأن السلطات الأوكرانية تعي جيدا هذه المخاطر، فقد قامت الأسبوع الماضي بتوزيع أقراص اليود على الأوكرانيين لتقليل سرطانات الغدة الدرقية إذا ما وقع انفجار في زابوريجيا.

كما تدرك رومانيا، إحدى دول الناتو، هذا أيضا، ففي وقت سابق من الشهر، شجع وزير الصحة الرومانيين على شراء حبوب اليود مجانا من الصيدليات المحلية. وفي الأسبوع الماضي، استوردت مولدوفا المجاورة لرومانيا مليون قرص لسكانها.

وما تخشاه هذه الدول ليس مجرد حوادث ممكنة في الحرب، ولكن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يهاجم عمدا المحطات النووية الأوكرانية ويحولها إلى "أسلحة نووية مجهزة مسبقا"، ليس الأوكرانيين فحسب ، بل الملايين من الأوروبيين في عشرات البلدان، والتي يمكن أن يؤدي انتشار نشاطها الإشعاعي إلى إجبار مؤيدي الناتو في أوكرانيا على التراجع حيث أنهم يدركون جيدا أن الحرب لم تنته بعد "فهناك تسع محطات طاقة أوكرانية أخرى يمكن أن يهاجمها بوتين في غرب وجنوب أوكرانيا".


رؤى أمريكية تعود لـ 70عاما

وتقول "ناشونال انترست" إن واشنطن لديها رؤيتان كلاهما يعود لما يقرب من سبعين عاما، فالأول هو دعمها دعوة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة زابوريجيا مما يساعد في إثبات أن المحطة النووية لا تزال تابعة لأوكرانيا، وليس مصنعا لروسيا؛ بينما تشير المجلة الأمريكية إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تأسست قبل سبعين عاما لتعزيز الطاقة النووية وإجراء عمليات تدقيق نووية بين الحين والآخر، وليس لحماية المنشآت من الهجمات العسكرية أو لنزع السلاح من المناطق المحيطة بها.  لذا، فإن الوكالة لا تستطيع تزويد محطة زابوريجيا بأي دفاعات، كما أنها لن تخاطر بإبقاء موظفي الوكالة في الموقع ليكونوا بمثابة أسلاك تعثر دفاعية.

 

الذرة من أجل السلام

وتنبثق الرؤية الأمريكية الثانية أيضا من برنامج "الذرة من أجل السلام"،في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وهو بناء محطات طاقة نووية في كل مكان، بما في ذلك بولندا ورومانيا وأوكرانيا بشكل لا يصدق.

وقد أعلن الرئيس جو بايدن عن مشروع من ستة مفاعلات مدعوم من الولايات المتحدة لبولندا بعد ثلاثة أسابيع من قيام القوات العسكرية الروسية بإطلاق النار على زابوريجيا واحتلاله، ثم تبعتها وزارة الخارجية في مايو بتفاصيل بناء مفاعل معياري صغير أمريكي ومحاكاة نووية ذات صلة بتمويل من دافعي الضرائب الأمريكيين في رومانيا. وأخيرا، في يوليو، أعلنت شركة وستنجهاوس التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها عن اتفاقية مشتركة مع المرفق النووي المملوك للدولة في أوكرانيا لبناء مفاعلين على الأقل في أوكرانيا.

وهنا، ذكرت "ناشونال انترست"، أن الافتراض غير المعلن هنا هو أن بوتين لن يضرب أبدا مفاعلا آخر في أوكرانيا أو رومانيا أو بولندا. وهو أمر ممكن فقط في حالة إدانة الغرب لدعمه آراء أوكرانيا بشأن زابوريجيا.


تحذير من حوادث نووية خارج أوكرانيا

وقد حذر الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، مؤخرا من وجود مفاعلات في جميع أنحاء أوروبا وأن "حوادث مماثلة ممكنة هناك أيضا". وليست أوروبا فقط ولكن كوريا الجنوبية واليابان وتايوان لديها مفاعلات مهددة بالخطر أيضا. فمنذ احتلال روسيا لزابوريجيا، زاد كل منهما التخطيط والتدريبات ضد التهديدات العسكرية الصينية والكورية الشمالية لمحطاتهما النووية.

وترى المجلة أنه من الضروري أن تنتبه واشنطن لاتخاذ عدة خطوات، أهمها استخدام المفاعلات "السلمية" كـ"أسلحة نووية موضوعة سلفا" في إستراتيجية الردع الاستراتيجي وإعادة التفكير في حماسها لتصدير المفاعلات حتى إلى مناطق الحرب. وتتطلب المهمة الأولى توضيح  التوقيت، وإذا كان من المنطقي أن تطلق القوات الأمريكية النار على المفاعلات في الخارج، كما يستلزم أيضا تحديد أفضل السبل التي يمكن لقواتها أن تردع بها وتحميها من الهجمات على مفاعلات الحلفاء التي تهدف إلى إلحاق الأذى بهم أو إكراههم عليهم.

وتتطلب المهمة الثانية فحص ما يمكن القيام به ماديا لحماية المفاعلات الموجودة في الخارج حيث تنتشر القوات الأمريكية أو قد يتم نشرها، كما يتطلب أيضا تقييم مدى حكمة بناء محطات نووية جديدة في مناطق الحرب المحتملة أو بالقرب منها وأين قد تقع تلك المناطق.


الطاقة الذرية تحذر من خطورة الوضع

في سياق المتصل، قالت الشركة المشرفة على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، اليوم الخميس، إن قصف القوات الروسية أدى إلى إغلاق أحد المفاعلات في محطة زابوريجيا، ما يؤكد المخاطر التي يواجهها فريق مفتشي الأمم المتحدة الذي يتوجه إلى هناك لتقييم سلامة المنشأة.

ومن المقرر أن يقوم فريق التفتيش التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية بجولة في المحطة في مهمة طال انتظارها لتأمين أكبر محطة نووية في أوروبا، وللحيلولة دون وقوع كارثة جراء القتال.

وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، والذي يقود المهمة، إن ثمة "نشاط عسكري متزايد، حتى هذا الصباح، حتى وقت قريب للغاية قبل التفتيش".

وأوضح أنه تم إطلاعه من جانب القائد العسكري الإقليمي على ذلك، وعلى المخاطر المحتملة، مضيفا: "لكن بموازنة الايجابيات والسلبيات وبوصولنا إلى هذه النقطة لن نتوقف. سنتحرك الآن".