الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شبح أزمة 2008 يلوح بالأفق|هل يعود الاقتصاد العالمي للسنوات العجاف قبل 14عاما؟

تأثيرات الحرب الروسية
تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية

يمر الاقتصاد العالمي بفترة حرجة تسببت فيها العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية ضد موسكو نتيجة للحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 18 يوما، وكان تأثيرها ملموسا في جميع أنحاء العالم، حيث تعتمد درجة الضرر بشكل حاسم على المدة التي ستستغرقها الحرب.

الحرب الروسية الأوكرانية 

ويتوقف الضرر على مدى استمرارية الاضطرابات الأخيرة في الأسواق، وما إذا كانت صدمة مؤقتة أم أزمة دائمة؛ لأنه مع دخول الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا يومها الثامن عشر دون نتائج حاسمة على الجبهة العسكرية، وبغض النظر عن الأهداف التي أعلنتها روسيا لحملتها، فإن النتائج المترتبة عليها سوف تؤدي إلى تغيرات عالمية كبيرة سواء نجحت تلك الحملة أو فشلت.

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية 

وفي حال نجاح الحرب، فإن أوكرانيا على أقل تقدير سوف تجبر على التحول إلى دولة فيدرالية يكون الجنوب الشرقي الروسي جزءا منها، وهذا النجاح سوف يؤدي إلى إضعاف الولايات المتحدة وتعزيز التحالف الروسي الصيني. 

أما إذا فشلت الحملة العسكرية، فإن روسيا سوف تنكفئ وتتحول إلى دولة منبوذة، الأمر الذي سوف يعزز الموقف الأمريكي وموقع الولايات المتحدة في النظام العالمي.

ففي كل الأحوال مخاوف جمة تحيط "بالاقتصاد العالمي" الذي بات مهددا تحت وطأة الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي، كارمن راينهارت، إن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفاقم مخاوف الأمن الغذائي القائمة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد يؤدي إلى تنامي الاضطرابات الاجتماعية.

كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي

وذكرت "راينهارت": "ستكون هناك تداعيات مهمة على الشرق الأوسط وأفريقيا وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى، على وجه التحديد" والتي تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي.

وأضافت: "من المعروف أن انعدام الأمن الغذائي وأحداث الشغب كانا جزءا من قصة (ما سمي) الربيع العربي"، مشيرة إلى أن الانقلابات الناجحة والفاشلة زادت في العامين الماضيين.

وبدأت الاحتجاجات العارمة في 2010 في تونس ثم امتدت إلى خمسة بلدان أخرى هي ليبيا ومصر واليمن وسوريا.

ومن الممكن أن تؤدي الزيادات المفاجئة في أسعار الغذاء إلى اضطرابات اجتماعية مثلما حدث في 2007-2008 ثم مجددا في 2011، عندما ارتبطت أحداث شغب في أكثر من 40 دولة بارتفاع أسعار الغذاء العالمية.

وذكر البنك الدولي الشهر الماضي بعد أيام من بدء الحرب في أوكرانيا أن أسعار السلع الزراعية زادت بالفعل 35% على أساس سنوي، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع بسبب الحرب نظرا لأن روسيا وأوكرانيا من كبار مصدري القمح والذرة والشعير وزيت دوار الشمس.

البنك الدولي 

وأيضا حذر البنك الدولي الشهر الماضي من أن التداعيات قد تكون قاسية على وجه الخصوص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد بلدان معظم احتياجاتها من القمح والزيت من أوكرانيا وروسيا.

وقالت "راينهارت"، إن بلدان آسيا الوسطى تواجه أيضا تحديات اقتصادية كبيرة نظرا لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية الوثيقة مع روسيا التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تنزلق إلى الركود هذا العام بسبب العقوبات الغربية.

تدهور حاد بالحالة الاقتصادية

لذلك، تعرف الأزمة الاقتصادية أنها تدهور حاد في الحالة الاقتصادية للبلاد تتجلى في انخفاض كبير بالإنتاج.

ولم تكن الأزمات الاقتصادية ظاهرة وليدة الاضطراب المالي العالمي الذي انطلق في أمريكا عام 2007، مسببا زلزالا اقتصاديا واسع النطاق، ولم تكن أيضا جديدة خلال الأزمة الآسيوية في التسعينيات.

الأزمة الاقتصادية لم تكن حتى شيئا جديدا خلال الأزمة الأقوى في العصر الحديث "الكساد الكبير" أو "الكساد العظيم"، الذي ضرب الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان له تداعيات ممتدة على دول العالم أجمع.

معاناة دول الشرق الأوسط نتيجة  تدهور الاقتصاد العالمي 

في الحقيقة كانت الأزمات الاقتصادية جزءا أصيلا من تاريخ البشرية، وساهمت في انهيار إمبراطوريات عرفها الإنسان قديما، وبعيدا عن الاضطرابات الناتجة عن سوء إدارة موارد البلاد، فحدوث أزمة اقتصادية أمر حتمي لا مفر منه، كل ما في الأمر أن أحدا لا يعلم متى وكيف ستحدث.

قد يكون ذلك بشكل تلقائي، نتيجة الطبيعة الدورية للاقتصاد، أو ربما نتيجة تدخل بشري غير مقصود مثل ازدياد حجم الديون والعجز عن السداد في النهاية، أو ربما بسبب أزمة طبيعية مثل الأوبئة أو الظروف المناخية القاسية أو الزلازل المدمرة والحروب مثلما حدث نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية.

نستعرض في هذا الموضوع بعض الحقائق والمعلومات عن هذه الظاهرة وارتفاع الأسعار ومعاناة الشرق الأوسط،  خاصة أزمة الأسعار عام 2008 في السطور التالية:

إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضة لتداعيات نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، لأن المنطقة بمثابة جار لأوكرانيا، لا تفصله عنها سوى مسافة تبلغ قرابة ألف كيلومتر.

على الصعيد الاقتصادي، فإن بعض بلدان المنطقة قريبة من أوكرانيا وروسيا كشركاء تجاريين، وبالتالي، فإن آثار الأزمة ستكون ملموسة.

قد تكون لها تبعات سلبية مضاعفة على مستويات الأمن الغذائي عبر أرجاء المنطقة، فضلا عن جائحة كورونا، وتعطل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدانها.

وكانت بداية الأزمة على الشرق الأوسط تتركز  في صدمات أسعار الغذاء ولا سيما القمح، وزيادات أسعار النفط والغاز، وعزوف المستثمرين عن المخاطرجنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة الأمر الذي قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة على الأسواق الصاعدة ككل، وتحويلات المغتربين، والسياحة.

بلدان الشرق الأوسط

بجانب أن البلدان غير المنتجة للنفط سوف تتعرض لتداعيات سلبية قد تقود إلى توترات اجتماعية إضافية، والبلدان الأكثر تأثرا بحركة السياحة مثل مصر التي يشكل الروس والأوكرانيون على الأقل ثلث السياح الوافدين إليها، فمن المتوقع أن تشهد ركودا في هذا القطاع، وما لذلك من تداعيات سلبية على معدلات التشغيل وميزان المدفوعات.

وسيؤثر الصراع في أوكرانيا تأثيرا ملموسا وسلبيا على عدة اقتصادات في المنطقة (مثل لبنان وسوريا وتونس واليمن)، فهذه البلدان تعتمد اعتمادا أساسيا على أوكرانيا وعلى روسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، ولا سيما القمح والحبوب.

من المتوقع أن تؤدي الأزمة إلى تعطل سلاسل توريد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الأغذية، وارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج المحلية في قطاع الزراعة.

أزمة العام 2008 الاقتصادية 

أما عن الحديث عن أزمة 2008 الكبرى التي يذكر البعض أن البلاد ستشهدها الأيام القادمة، يذكر أن بلدا مثل الولايات المتحدة تشهد أزمة اقتصادية كل 10 سنوات أو قرابة ذلك، ويصعب تجنبها نظرا لاختلاف الأسباب في كل مرة، الأزمة المالية بين 2008 و2009 كانت سبب فشل البنوك ومشكلة الرهن العقاري.

وبين عامي 2007 و2008، حدثت أسوأ أزمة اقتصادية منذ أزمة ثلاثينات القرن الماضي. 

وأدت الأزمة، التي أثارها انهيار فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة بسبب الديون الكبيرة، إلى انهيار بنك ليمان براذرز (أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم آنذاك)، ودفعت العديد من المؤسسات المالية والشركات الرئيسية إلى حافة الانهيار، وتطلبت عمليات إنقاذ حكومية.

واستغرق الأمر ما يقرب من عقد من الزمن حتى تعود الأمور إلى طبيعتها، مما أدى إلى القضاء على ملايين الوظائف ومليارات الدولارات من الدخل على طول الطريق وأحدثت فوضى في الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم.

أما الأزمة المالية، فهي حالة تنخفض فيها قيم الأصول المالية بسرعة في الاقتصاد، وتؤثر بشكل مباشر على القطاعين المالي والمصرفي (وهما من مكونات الاقتصاد الكلي)، وفي النهاية قد يكون لها تداعيات على النشاط الاقتصادي وربما ينتج عنها أزمة اقتصادية كما حدث في عام 2008.

وباختصار، فإن الأزمة الاقتصادية، هي المشكلة التي تضرب النشاط الاقتصادي مباشرة، أما الأزمة المالية فهي التي تضرب جزءا منه وتحديدا في القطاع المالي أو المصرفي، ومن ثم قد تتحول إلى أزمة اقتصادية.

الفكرة هنا هي أنه بغض النظر عن حالة الأسواق، سيظل الناس بحاجة إلى الكهرباء والغاز والطاقة، وسيظل الناس يشترون العناصر الأساسية مثل الطعام وحتى ورق التواليت، وسيظل الناس بحاجة إلى الحصول على الرعاية الصحية.

إن الأزمة المالية العالمية 2007–2008 التي انفجرت في سبتمبر 2008، اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م.

وبدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008م إلى 19 بنكاً، كما توقع المزيد من الانهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنك.

نوجز المراحل الكبرى في الأزمة المالية التي اندلعت في بداية العام 2007 في الولايات المتحدة وبدأت تطال أوروبا:

  • فبراير 2007، عدم تسديد تسليفات الرهن العقاري (الممنوحة لمدينين لا يتمتعون بقدرة كافية على التسديد)، فأصبح يتكثف في الولايات المتحدة ويسبب أولى عمليات الإفلاس في مؤسسات مصرفية متخصصة.
  • أغسطس 2007، البورصات تتدهور أمام مخاطر اتساع الأزمة، والمصارف المركزية تتدخل لدعم سوق السيولة.
الاقتصاد العالمي على حافة الانهيار 
  • أكتوبر 2007 إلى ديسمبر 2007، عدة مصارف كبرى تعلن انخفاضا كبيرا في أسعار أسهمها بسبب أزمة الرهن العقاري.
  • وفي يناير 2008م: الاحتياطي الاتحادي الأمريكي (البنك المركزي) يخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة أرباع النقطة إلى 3.50%، وهو إجراء ذو حجم استثنائي، ثم جرى التخفيض تدريجيا إلى 2%.
  • أما 17 فبراير، 2008، الحكومة البريطانية تؤمم بنك "نورذرن روك".
  • وفي مارس 2008، تضافرت جهود المصارف المركزية مجددا لمعالجة سوق التسليفات، وأعلن بنك “جي بي مورغان تشيز” شراء بنك الأعمال الأمريكي "بير ستيرنز" بسعر متدنٍ ومع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي.
  • 7 سبتمبر، 2008، وزارة الخزانة الأمريكية تضع المجموعتين العملاقتين في مجال تسليفات الرهن العقاري "فريدي ماك" و"فاني ماي" تحت الوصاية طيلة الفترة التي تحتاجانها لإعادة هيكلة ماليتهما، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.
  • و15 سبتمبر، 2008، اعترف بنك الأعمال ليمان براذرز بإفلاسه، بينما أعلن أحد أبرز المصارف الأمريكية، وهو بنك أمريكا، شراء بنك آخر للأعمال في بورصة وول ستريت هو بنك ميريل لينش.
أزمة الإقتصاد العالمي 
  • وعشرة مصارف دولية تتفق على إنشاء صندوق للسيولة برأسمال 70 مليار دولار لمواجهة أكثر حاجاتها إلحاحا، في حين توافق المصارف المركزية على فتح مجالات التسليف، إلا أن ذلك لم يمنع تراجع البورصات العالمية.
  • و16 سبتمبر، 2008، الاحتياطي الاتحادي والحكومة الأمريكية تؤممان بفعل الأمر الواقع أكبر مجموعة تأمين في العالم "أي آي جي" المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 9.79% من رأسمالها.
  • 17 سبتمبر، 2008، البورصات العالمية تواصل تدهورها والتسليف يضعف في النظام المالي. وتكثف المصارف المركزية العمليات الرامية إلى تقديم السيولة للمؤسسات المالية.
  • 18 سبتمبر، 2008م: البنك البريطاني "لويد تي أس بي" يشتري منافسه "أتش بي أو أس" المهدد بالإفلاس.
  • السلطات الأمريكية تعلن أنها تعد خطة بقيمة 700 مليار دولار لتخليص المصارف من أصولها غير القابلة للبيع.
  • 19 سبتمبر، 2008، الرئيس الأمريكي جورج بوش آنذاك يوجه نداءً إلى "التحرك فوراً" بشأن خطة إنقاذ المصارف لتفادي تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة.
  • 23 سبتمبر، 2008، الأزمة المالية تطغى على المناقشات في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
  • الأسواق المالية تضاعف قلقها أمام المماطلة حيال الخطة الأمريكية للإنقاذ المالي.
  • 26 سبتمبر، 2008، انهيار سعر سهم المجموعة المصرفية والتأمين البلجيكية الهولندية "فورتيس" في البورصة بسبب شكوك بشأن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
شبح أزمة 2008
  • وفي الولايات المتحدة يشتري بنك جي بي مورغان منافسه "واشنطن ميوتشوال" بمساعدة السلطات الفدرالية.
  • 28 سبتمبر، 2008، خطة الإنقاذ الأمريكية موضع اتفاق في الكونجرس. وفي أوروبا يجري تعويم "فورتيس" من قبل سلطات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. وفي بريطانيا جرى تأميم بنك "برادفورد وبينغلي".
  • 29 سبتمبر، 2008، مجلس النواب الأمريكي يرفض خطة الإنقاذ.
  • وبورصة وول ستريت تنهار بعد ساعات قليلة من تراجع البورصات الأوروبية بشدة، في حين واصلت معدلات الفوائد بين المصارف ارتفاعها مانعة المصارف من إعادة تمويل ذاتها.
  • وأعلن بنك سيتي غروب الأمريكي أنه سيشتري منافسه بنك "واكوفيا" بمساعدة السلطات الفيدرالية.
  • 1 نوفمبر، 2008، مجلس الشيوخ الأمريكي يقر خطة الإنقاذ المالي المعدلة.

-