الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا الحرمين تحذران: الخوض في شرع الله بلا علم ولا هدى من أخطر آفات اللسان.. وكلمة منه قد تهوي بك في جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب.. وتؤكدان: الإحسان في العمل لنفسك

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام: 

  • اللسانُ أمانةٌ عند الإنسان ووديعةٌ مسؤولٌ عنها
  • أمر اللهُ ورسولُه بأحسنِ القولِ وأطْيَبِه
  • باللسان يَرقى المَرءُ دَرَجاتِ العِزِّ أو يَهويِ في دَرَكاتِ البَوار
  • اللسانْ آلةُ النُّطق والبيان والشاهدُ عن الضمير والتُرجُمانُ للفؤاد
  • على العبد أن يكون قَوَّامًا على لِسانِه حارسًا له من آفاتِه بِسِنانِه
  • مَن حَفِظَ لسانَه أراحَ نَفْسَه ومَن صمت نجا

خطيب المسجد النبوي: 

  • الإحسان في العمل هو إحسان من نفسك لنفسك
  • المؤمن يصدق وعد الله ويثق في عدله وعلى يقين بفضله

حذرت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، من آفات اللسان الذي حَدُّهُ عظيم، وخطرُهُ جسيم؛ وأثرُهُ عميم، يَرقى به المَرءُ دَرَجاتِ العِزِّ والفَخار، أو يَهويِ في دَرَكاتِ العَطَبِ والبَوار، منوهة بأن أخطر آفاته القولُ على الله تعالى بغير علم، كالقولِ بلا علمٍ في أسمائِه وصفاتِه وأفعاله، ووصْفِه بضِدِّ ما وَصَفَ به نفسَه أو وصَفَهُ رسولُهُ –صلى الله عليه وسلم-، أو تحليلِ ما حرَّم، أو تحريمِ ما أحلّ، أو الخوضِ في شَرعِه بلا عِلم ولا هُدى.

ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن لله في مخلوقاته أسرارٌ وحِكَم، وفي مَصنوعاتِه عِظاتٌ وعِبَر، ناطقاتٌ بعَظَمةِ الخَلْق، وشاهداتٌ على حِكمةِ التقدير، التدبُّرُ فيها يُثمِرُ اليقين، ويَزيدُ العلم، ويُقوِّي الإيمان.

آلةُ النُّطق

وأوضح «بليلة» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن من تلكم المخلوقاتِ الباهرات، والآياتِ النيِّرات: اللسانْ، اللسانْ! آلةُ النُّطق، وأَداةُ البيان، والشاهدُ عن الضمير، والتُرجُمانُ للفؤاد. به يُرَدُّ الجواب، ويُفصَلُ الخِطاب، وتُدرَكُ الحاجاتُ والطِّلابْ، فما أعظمَهُ من نِعمة، وما أكرمَهُ من قِسمة.

واستشهد بمت قال الله تعالى: « الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ »، منوهًا بأن حَدُّهُ عظيم، وخطرُهُ جسيم؛ وأثرُهُ عميم، يَرقى به المَرءُ دَرَجاتِ العِزِّ والفَخار، أو يَهويِ في دَرَكاتِ العَطَبِ والبَوار، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-  : «إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ ما يَتبيَّنُ ما فيها، يَهوي بها في النار أبْعَدَ ما بين المشرق والمغرب» أخرجه البخاري ومسلم.

ودلل بما قال –صلى الله عليه وسلم- : «وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال على مَناخِرِهم إلا حصائدُ ألسنتهم » وسُئل –صلى الله عليه وسلم- عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ النارَ فقال: «الفَمُ والفَرج» أخرجهما الترمذي، قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ رحمه الله: «ما صَلَحَ مَنطِقُ رجلٍ إلا عُرِفَ ذلك في سائرِ عَملِه، ولا فَسَدَ مَنطِقُ رجلٍ إلا عُرِفَ ذلك في سائرِ عَملِه».

أمانةٌ عند الإنسان

وأكد أن اللسانُ أمانةٌ عند الإنسان، ووديعةٌ مسؤولٌ عنها، وهو قابِلٌ لكلِّ ما يُعرَبُ به، ومائلٌ إلى ما يُمال إليه، وكلَّ كلمةٍ يَلْفِظُها الإنسانُ مُثبَتَةٌ عليه في كتابٍ لا يَضِلُّ ربي ولا ينسى ثم تُعرَضُ عليه يومَ العرضِ الأكبر؛ فإن كانت خيرًا فما أحَظاهُ وأهْناه، وإن كانت شرًّا فما أبْأسَه وأشْقاه!.

وأشار إلى أنه قد أمر اللهُ سبحانه ورسولُه –صلى الله عليه وسلم- بأحسنِ القولِ وأطْيَبِه، وحَضَّا على أجملِ الكلام وأعْذَبِه، قال تعالى « وقولوا للناس حسنا» وقال عليه الصلاةُ والسلام: «مَن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فلْيقُل خيرًا أو ليصمُت» أخرجه البخاريُّ ومسلم إنها حُلَى اللسان، وتُحَفُ البيان، تنفُذُ إلى القلوبِ قبل الآذان، تعليمُ جاهل، وتنبيهُ غافل، وإرشادُ حائر، وبَذلُ نصيحة، وبثُّ خير، وإصلاحٌ بين الناس، وذكرٌ لله عزوجل.

حارسًا له من آفاتِه

وأوصى بأنه على العبد أن يكون قَوَّامًا على لِسانِه، حارسًا له من آفاتِه بِسِنانِه، وأخطرُها وأشنعُها: القولُ على الله تعالى بغير علم، كالقولِ بلا علمٍ في أسمائِه وصفاتِه وأفعاله، ووصْفِه بضِدِّ ما وَصَفَ به نفسَه أو وصَفَهُ رسولُهُ –صلى الله عليه وسلم-، أو تحليلِ ما حرَّم، أو تحريمِ ما أحلّ، أو الخوضِ في شَرعِه بلا عِلم ولا هُدى.

ونبه إلى أن من آفاتِ اللسانِ وحَصائدِه: السخريةُ والغيبة، والكذبُ والنميمةُ والبُهتان، واللَّعْنُ والسِّباب «لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ» ، « وقفات مع قوله تعالى: «وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا»، وقال –صلى الله عليه وسلم- :«إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار»، «لا يدخل الجنة نمام»، «كلُّ المسلمِ على المسلم حرام، دُمُهُ ومالُه وعِرضُه»، «ومَن لَعَن مؤمنًا فهو كقتْلِه»، «وسِبابُ المسلمِ فُسُوق»، «والمسلمُ مَن سَلِم المسلمون مِن لسانه ويده».

تحسن للعبد من الله المعونات

وتابع: تِلكُمْ آيُ الهُدى، وذاكُمْ كلامُ خيرِ الورى، دامَ نفعُها أبَدا، ما نجمٌ في السماء بَدا، وما تلقاها عبدٌ بالرضا والتسليم، منوهًا بأن مَن حَفِظَ لسانَه أراحَ نَفْسَه، وأنَّ مَن صمت نجا، كما أنَّه يُكسِبُ المحبة، ويُورِث الوَقار، ويُسبِغُ على صاحبه الهيبة، وهو أمَانٌ من تحريف اللفظ، وعِصمةٌ من زيغِ المَنطِق، وسلامةٌ من فُضولِ القول، وعِبادةٌ من غير عَناء.

وأفاد بأنه قال الإمامُ النوويُّ: «اعْلَمَ أنه ينبغي لكُلِّ مُكلَّفٍ أن يحفظَ لسانَه عن جميع الكلام، إلا كلامًا ظَهَرتْ فيه المصلحة، ومتى استوى الكلامُ وتركُه في المصلحة فالسُّنةُ الإمساكُ عنه؛ لأنه قد يَنْجَرُّ الكلامُ المباحُ إلى حرام أو مكروه، وذلك كثيرٌ في العادة، والسلامةُ لا يَعْدِلُها شيء».

وحث المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن فبالتقوى تخف المؤونات وتحسن للعبد من الله المعونات.

 ومن المدينة المنورة ، قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن المجتمعات والأمم تئن من مظاهر فقد إحسان العمل المتمثل في إهمال الأعمال، والتسيب في أوقات العمل وضعف الإنتاج وتضييع الأمانة وقلة النزاهة واتساع دائرة الفساد.

بمنهج رباني لا مثيل

وأوضح «الثبيتي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه لذلك تسن التشريعات الحازمة والقوانين الصارمة ومع أهميتها نجد الإسلام جاء بمنهج رباني لا مثيل له وهدي نبوي لا نظير له يثمر العلاج الناجع والدواء الناصع، ينبثق هذا المنهج من المعنى الإيماني العميق الذي يربى على الإحسان ويزرع الإيمان.

واستشهد بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :« الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك »، ويقول الله عز وجل : « إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً »، منوهًا بأنها آية تطيب نفوس المؤمنين وتبشرهم وتؤنسهم، ولم يطرق الآذان قول أطيب ولا ألذ ولا أزكى ولا أحلى من هذا الوعد : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ».

المؤمن يصدق وعد الله

وأضاف أن المؤمن يصدق وعد الله سبحانه وتعالى يثق في عدله وعلى يقين بفضله، مشيرًا إلى أنه إذا رافق الإحسان المسلم في عبادته وصلاته وذهابه ومجيئه وقيامه وقعوده وفي مكان عمله سيصنع منه مسلماً صادقاً أميناً محسناً في صنعته متقناً في مهنته ومباركاً له في ماله وصحته وأولاده يحوطه حفظ الله وتغشاه رحمته ومحبته،  فقال تعالى : « وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ».

من إحسان الله

ونبه إلى أن القرآن حافل بنماذج من إحسان الله لمن أحسن ليرى المحسن المتقن في عمله أثر الإحسان وعظيم الجزاء وموفور العطاء من رب الأرض والسماء وكيف لا يضيع لصاحب الإحسان إحساناً وهو يسمع كلام الله العظيم الكريم الرزاق : «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ».

وتابع: وعلى المسلم أن يعلم أن إحسانه وفاء لنعم الله وشكره سبحانه وتعالى على ما من به عليه قال تعالى : « وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ »، فمن وسع الله تعالى عليه رزقاً أو مالاً أو جاهاً أو علماً فإن عليه أن يشكر الله على ذلك بصرفه في الطرق التي شرعها، وقد شفع صلى الله عليه وسلم لمغيث لدى زوجته بريرة رضي الله عنهما وأمر أصحابه بالشفاعة فقال : « اشفعوا تؤجروا » .

إحسان من نفسك لنفسك

وأفاد أنه لما نزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الملك بغار حراء قال لزوجه خديجة رضي الله عنها : « قد خشيت على نفسي »، فقالت : « أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق »، فلن يخزي الله من أحسن إلى مجتمعه ووطنه وأمته بأعمال الخير والبر.

وبين أن هذه النماذج تبين أن الله يجازي من أحسن في عمله بما هو أفضل وأكمل وأشمل وأعظم : « إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً »، مضيفا أن الإحسان في العمل هو إحسان من نفسك لنفسك قال تعالى : « إنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ »، قال بعض السلف : ما أحسنت إلى أحدٍ وما أسأت وإنما أحسنت إلى نفسي وأسأت إلى نفسي.