الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب الأوقاف: المواساة للآخرين تكون بالجهد والمال معا

المواساة
المواساة

قال الدكتور نوح العيسوي، وكيل شئون المساجد بوزارة الأوقاف، إن الشرع الحنيف حثنا على مواساة الآخرين، فقال النبي "من كان معه فضل ظهر ليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له".

 

وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة ، من مسجد التوبة بمحافظة البحيرة، أن مواساة الإنسان لأخيه الإنسان لا تقتصر على الجانب المعنوي فقط ، بل تشمل المواساة الجانب المادي، بمعنى أن هناك مواساة بالجهد ومواساة بالمال، فإعانة المحتاج وقضاء حوائج مواساة، وجبر خاطر المسلم مواساة، ولذلك جعلها النبي من أفضل الأعمال فقال عنها “أحب الأعمال إلى الله سرور تدخل على عمهل، تكشف عنه كربه ، تقضي عنه دينا ، تطرد عنه جوعا، ولئن أمشي مع أخ في حاجة حتى أقضيها خير من أن أعتكف في مسجد المدينة شهرا”.

 

كما قال النبي الكريم في الحديث الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".


المواساة بين الناس

قال الدكتور نوح العيسوي، وكيل شئون المساجد بوزارة الأوقاف، إن ديننا دين الأخلاق، ونبينا هو نبي الأخلاق، والغاية الأسمى من الدين هي الأخلاق، فقال النبي "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

وأضاف نوح العيسوي، في خطبة الجمعة ، أن من أعظم مظاهر ديننا الحنيف، هي مواساة الإنسان لأخيه الإنسان، فربما يبتلى الإنسان بمرض أو فقر أو بفقد حبيب أو قريب أو غير ذلك من مصائب الحياة الدنيا، فيحتاج إلى من يقف بجانبه ليواسيه.

وأشار إلى أن المواساة بين الناس، حث عليها ديننا الحنيف، فيقول النبي الكريم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وإذا تدبرنا كتاب الله ، لوجدنا أن الحق أولى قيمة المواساة عناية خاصة حتى تولى بنفسه مواساة أنبيائه.

واستشهد بما حدث مع النبي الكريم حين آذاه قومه ولم يؤمنوا به، فخاطبه الله تعالى في قوله (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) وقوله تعالى (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ) وقوله تعالى (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا).

كما واسى الله تعالى ، أوليائه، كما فعل مع السيدة مريم حين حملت بسيدنا عيسى ، واشتد عليها الأمر من قومها بذهبت به إلى مكان بعيد، وألجأها المخاص إلى جذع النخلة وتمنت في هذه اللحظة الموت، وقالت (قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) فجاءها الرد من ربها مواسيا له في قوله تعالى (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا).

المواساة في القرآن الكريم


وأكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، على اهتمام الإسلام بخُلق المواساة ، وجبر الخواطر، وتأمين الخائفين، والوقوف بجانب الضعفاء ، فشريعة الإسلام مبنية على الرحمة والرأفة والمواساة.


وتابع في مقالة له اليوم بعنوان "المواساة في القرآن الكريم": قد واسى الحق سبحانه نبيه وحبيبه ومصطفاه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في أكثر من موضع من الذكر الحكيم، حيث يقول سبحانه: " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ" (الطور:48)، ويقول سبحانه:" فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" (فاطر: 8)، ويقول سبحانه : "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " (النحل:127 ) ، ويقول سبحانه " فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا" (الكهف : 6 ) ، ويقول سبحانه:" لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ " (الشعراء )، ويقول سبحانه :"قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " (الأنعام : 33 ) .

وأشار وزير الأوقاف إلى أن الحق سبحانه وتعالى واسى سيدنا موسى -عليه السلام- حين خرج خائفًا يترقب ، فسخر له من احتضنه وآواه ، حيث يقول سبحانه : " فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (القصص : 25)، وواسى أم موسى (عليه السلام) حين خافت على سيدنا موسى -عليه السلام - فقال سبحانه : "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ " (القصص : 7) وقال سبحانه : " فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (القصص : 13) .

كما واسى المولى - عز وجل- السيدة مريم -عليها السلام، بحسب وزير الأوقاف، عندما قالت في لحظة عصيبة : "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا " (مريم: 23) ، فجاءت المواساة في قوله تعالى : " فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا " (مريم: 24 - 26 ) .

وشدد على أن الحق سبحانه وتعالى قد عظم  إحسان الإنسان لأخيه الإنسان ومواساته له، حيث يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه عن ربه (عز وجل) في الحديث القدسي : " إنَّ اللَّهَ (عزَّ وجلَّ) يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أسْقِيكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أما إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي " (صحيح مسلم) .