الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زوجة لمحكمة الأسرة:" الحب خلص وبقينا عايشين زى الأغراب"

صدى البلد

جلست الزوجة الثلاثينية أمام أعضاء مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، فى ثياب أنيقة تبرز حسن طلتها، صامتة، تقذف بين الحين والآخر زوجها القابع على كرسى خشبى أمام منضدة مستديرة، تتوسط حجرة مكتب التسوية يتناثر عليها اقلام وأكوام من حوافظ مستندات مرصوصة كالبنيان بنظرات مسكونة بالحزن واللوم، وتتلقى ندمه وألمه من الفراق بوجه تتلون ملامحه بلون الإنكسار، وسط حيرة وتساؤل من أعضاء المكتب: لماذا كل هذا الإصرار على الفراق رغم بقايا الحب البادي فى عيونهما، وتحت تأثير الإتهامات المستترة للطرفين، تتخلى الزوجة الشابة عن صمتها وتفصح عن ما أثقل صدرها طوال هذه الفترة.

"الحب خلص وبقينا عايشين زى الأغراب"هكذا بدأت الموظفة الشابة روايتها لأعضاء مكتب تسوية المنازعات الأسرية، وبصوت منكسر تتابع:"كانت حياتنا مثالية، وكنا أنا وزوجى مثارا لحسد المحيطين بنا والمقربين منا، فكانوا يضربون بقصة جبنا وبيتنا الذى لم يزره الحزن أو الشجار إلا فى السنوات الأخيرة المثل، لا أتذكر أن يد زوجى قد طالتنى يوما، أوجرح كرامتى أوقلل من شأنى أمام أهله أو سبنى فى حضرة أحد من معارفنا، بل على العكس كان يكن لى كل الإحترام ويدعمنى فى عملى، وأنا أيضا وضعته تاج على رأسى، وتفانيت فى خدمته وخدمة صغاره، إلى أن تدخلت الماديات بيننا وبات كل واحد فينا يتحدث بصيغة المفرد عن مرتبه وعما يصرفه فى البيت، حينها انقلب الحال واختفت من حياتنا صيغة المثنى للأبد".

تحاول الزوجة الشابة الحفاظ على تماسكها وهى تكمل:"أصبح لكل منا حياته الخاصة يفعل ما يحلو له فيها، وسكن البرود قلوبنا بدلا من الحب، وصرنا نحيا كالغرباء تحت سقف واحد، لا أعلم عنه شيئا وهو كذلك، معظم الوقت نقضيه متسمرين أمام حواسبنا وهواتفنا المحمولة، حتى أوقات الأجازات والمصايف لم نعد نتجاذب فيها أطراف الحديث كما كنا فى الماضى، وفى آخر أيامنا بت أمضيها برفقة أولادى دونه، أعترف أننا حاولنا كثيرا أن نطرد هذا الجفاء من حياتنا ونعيد أيام الحب والاستقرارلكن دون جدوى، حتى الوسطاء حاروا فى التقريب بيننا وحل مشاكلنا رغم تفاهة الكثير منها، لكن كان جبل الجفاء قد جثم على صدورنا وأمات ما تبقى فيها من المودة".

وبنبرة مجروحة تنهى الزوجة روايتها:"وبعدما يأست من انصلاح الحال، قررت أن أطلب الطلاق حفاظا على خط الإحترام الرفيع الذى تبقى بيننا، ولأننى لم أعد أتحمل ان أحيا كالغريبة مع الرجل الوحيد الذى دق له قلبى وتعلمت على يديه دروب الحب وقواعد العشق، وبالفعل رضخ لرغبتى هذة المرة، وكى لايصبح الطلاق فاشلا كزواجنا قررنا اللجوء إلى محكمة الأسرة وإبرام عقد اتفاق بيننا على شقة الزوجية ومصروفات الأولاد ونفقاتهم الشهرية"، لم يعلق الزوج الأربعينى على كلمات زوجته وظل يتصفح بنود عقد الاتفاق بعناية قبل التوقيع.

-