الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إنقاذ الصحفيين


لو أن نقابة الصحفيين، بمجلسها وجمعيتها العمومية، كيان واحد فى أزمات اقتصادية واجتماعية ومهنية يواجهها أبناء المهنة، لظل تماسكهم دون شقاق مستمرًا فى معارك يفتعلها قادة مؤسسات وجهات تنفيذية بالدولة، ولو زايد على مواقفهم أرباب المصالح ممن ارتضوا استقطابهم لحساب أهل السلطة.

الكلمات السابقة أرددها بعد أزمة النقابة مع وزارة الداخلية، ومع متهمين بالاستيلاء على أموال من مشروع علاج الصحفيين، وسط استهداف لمجلس قام بدوره فى المرتين بإنفاذ واحترام القانون، وإن ظلت الحقائق نسبية عند كثير من المتابعين وأنا منهم، حتى تستقر الأمور عند منتهى حقيقي لها.

فخلال ساعات تشهد النقابة إعلان لجنة الإسكان عن فتح باب الحجز لوحدات الإسكان الاجتماعي التى سعى الزميل أبو السعود محمد، عضو المجلس، لإيجادها بشروط ميسرة بالتعاون مع وزارة الإسكان، فى ظل تأخر، أو قل فشل تنفيذ مشروع مدينة الصحفيين السكنية بأكتوبر، كحال مشروع العلاج الذي تفرغ موظف وصحفيون للاستيلاء على أمواله، حسب تحقيقات النقابة والأوراق المحالة للنائب العام، ليزايد صحفي وبرلماني على موقف المجلس كله ويذهب إلى اتهام النقيب بصفته بإهدار أموال النقابة.

الفروقات الفردية والرؤى المتعارضة والتوجهات المتضادة أصبحت علامات واضحة على أداء وعلاقات بعض أعضاء مجلس الصحفيين، وتعطل بالضرورة مسيرة وحقوق أبناء المهنة، لكنها فى الوقت ذاته تخدم أهدافًا مباشرة لأنظمة ربما ترى فى مؤسسة شرعية خصمًا فى معارك مفتعلة تتكرر مثيلاتها مع نقابات أخرى وأبناء مهن أخرى، المحاماه والطب والتدريس والصيدلة وغيرها.

والحال كذلك، نجد الاجتهادات الفردية داخل المجلس فى التفاوض مع الدولة حول استحقاقات متأخرة وحقوق غائبة، تدعو إلى التفاؤل وتعزز من طرح أسئلة حول غياب جبهات إنقاذ للمهن كافة وبينها الصحافة، كحال جبهة إنقاذ الوطن التى غابت تمامًا بعد إسقاط الإخوان من حكم البلاد، فلا اهتمام من أعضاء "العمومية" بكوارث تحل بمهنتهم وحقوقهم، وسط انهيار تام لدخولهم وأجورهم وغياب استقرارهم داخل مؤسساتهم، لتجد أضعفهم يطلب مشروع إسكان تتناسب شروطه وحال مادي يتراجع بشدة خلال السنوات الست الأخيرة.

ولا يأمل كثيرون فى إصلاح أوضاع أو وعود بذلك داخل البيت قبل أشهر من التجديد النصفي للمجلس، لكن ربما الرهان على لم الشمل ضعيف لأسباب تتعلق بطبيعة علاقات الصحفيين بمؤسساتهم ذاتها حاليًا، واعتبار قياداتها أهم من كيانهم الأول، خصوصًا فى ظل ضعف أداء مجالس متعاقبة فى الدفاع عن حقوقهم لدى أصحاب العمل، خاصة الحزبية والخاصة وأغلبها توقف دون ضمان اجتماعي لهؤلاء.

أما قطاع آخر أصبحت رهاناته على مؤسسات سيادية وسلطوية حتى أنه يستقوي بها على من حوله، فتبدو مسألة استتابته معجزة فى ظل حالة الاستقطاب التى يمر بها الصحفيون، وهم جزء من مجتمع الأزمة ذاتها، بخلاف من يستجيب لمؤثر الفساد والإفساد الذي يهدد الوطن كله.

من الضروري أن يبادر مجلس نقابة الصحفيين بتغيير مواقع أعضائه المشرفين على ملفات ومشروعات لم يثبتوا نجاحًا حقيقيا بها، حتى تستقيم الأمور وتتحرك السفينة فى الاتجاه الصحيح، ولا يمكن اعتبار ما سيحدث انقلابًا على أوضاع مرفوضة بقدر ما هو تصحيح لأوضاع مقلوبة بالفعل.

ملفات كثيرة تشغل الجماعة الصحفية قبل 7 أشهر من انتخابات التجديد النصفي نرجو ألا تعطلها معركة محاكمة النقيب والوكيل والسكرتير العام فى قضية اقتحام النقابة، ولا نتمنى مزايدات جديدة عليها من متنافسين انتخابيًا، بل نريد برامج وحلولًا حقيقية.

أهمها حقوق الزملاء فى الأجر العادل والعمل اللائق والضمان الاجتماعي والعلاج الحقيقي والسكن الملائم، نتمنى من "عمومية الصحفيين" المبادرة بحركة إنقاذ لما تبقى لها من حقوق، ربما تتآكل مع مناقشات حكومية مستحدثة حول "البدل" الذي يمثل فى أسوأ الظروف دعمًا لبقاء صحفيين على قيد الحياة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط