الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عالم أزهرى: التسامح ليس معناه التغافل فى الحقوق

التسامح
التسامح

قال الدكتور محمد نجيب، من علماء الأزهر الشريف، إن التسامح وإلتماس الأعذار للناس يعتبر قيمة إنسانية كبيرة لابد أن يتصف بها كل مؤمن، لافتا إلى أن الله سبحانه وتعالى يقبل أعذار عباده ويسامحهم، فكيف بنا لا نقبل اعذارنا لبعض ونسامح بعض.

وأضاف العالم الأزهري، خلال لقاء له اليوم الأحد: "على كل منا ان يسامح الاخر، حتى تستقيم الحياة، ويقبلنا الله ويسامحنا، ما دمنا على نهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  فى التسامح بين الناس، قبول الاعذار والتسامح ليس معناه التغافل عن الحقوق".

وتابع: "سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم،  علمنا ان الظن اكذب الحديث، فبالتالى علينا ان نبعد عن الظن فى الناس، ومن يقبل الاعذار هو صاحب القلب النقى الخالى من الظنون".

هل عرف المسلمون التسامح قبل الهجرة البنوية؟

وقالت دار الإفتاء في بيانها، إن التسامح في الإسلام مطلقٌ عن الزمان والمكان والأشخاص؛ فالمسلمون مأمورون بالتسامح مع عامة الناس في جميع الأحوال والأزمان، والتسامح سمة من سمات الدين الخاتم، وإليها وجَّه المسلمون على جهة العموم.

واستدلت بما أخرجه النسائي في "سننه"، والطبري وابن أبي حاتم في "التفسير"، والحاكم في "المستدرك" -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"-، والواحدي في "أسباب النزول"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة": من طرق عن الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عبد الرحمن بن عوف، وأصحابًا له أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة فقالوا: "يا رسول الله، إنا كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنَّا صرنا أذلة!" فقال: «إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ، فَلَا تُقَاتِلُوا»، فلمَّا حوَّلَنا الله إلى المدينة أمرَنا بالقتال فكفُّوا، فأنزل الله عز وجلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 77].

وجاء في أحاديث ابن عباس، وابن مسعود، ونِيَارِ بن مُكْرَمٍ، وغيرهم، رضي الله عنهم، في التفاسير والمسانيد والسنن، وكان الله تعالى قد وعد بذلك النصر قبل حصوله، ووجَّه المسلمين إليه ومهَّد لهم الفرحَ به، وأضاف النصر إلى نفسه؛ تعظيمًا لشأنه وتنويهًا بذكره واستحسانًا لحصوله؛ حتى إنه وصفهم في فرحهم بالإيمان، وقدَّره متزامنًا مع الفتح المبين للمسلمين؛ فقد جاء عقب صلح الحديبية، فقال جل شأنه وتبارك اسمه: ﴿الم ۝ غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝ فِي بِضْعِ سِنِينَ لله الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ۝ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ۝ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 1-6].

وفرَحُ المؤمنين هنا هو فرحٌ ديني مشروع؛ لأن الله تعالى أناطه بوصف الإيمان، وتعليق الحكم بالمشتق مُؤْذِنٌ بعِلِّيَّة ما منه الاشتقاقُ، وإنما فرحوا لفرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبر الله تعالى بفرحهم في معرض التمدح والامتنان، والامتنانُ مستلزمٌ للمشروعية؛ لأنه لا يُمتَنُّ بممنوع، فكان نزول القرآن معبرًا عن فرح المسلمين بنصر الله للروم على الفرس، وإعلام الروم بأن المسلمين فَرِحُون باندحار المجوسية؛ لأنها من الوثنية، وبانتصار المسيحية، لأنها من الأديان السماوية.