اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات والتدابير خلال الفترة الماضية لمواجهة أزمة النقص في العملة الأجنبية "الدولار" والصرف التي جاءت كنتيجة للتوترات التي يعيشها العالم، حيث الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا، ثم تجدد الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
وساهمت تلك الأزمات في كثير من التداعيات الاقتصادية العالمية، وتأثرت كبرى الاقتصادات حول العالم ومن بينها مصر، وبالتالي فإن هناك العديد من المسارات الاقتصادية التى اتبعتها الحكومة لعبور هذه الأزمة.
[[system-code:ad:autoads]]
مصر تودع أزمة الدولار
وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، اليوم، إن هناك اهتمامًا بالصناعة وتشجيع القطاع الخاص، لافتا إلى أنه أجرى جولات في 10 مصانع، منها 95% استثمار أجنبي مباشر.
ولفت رئيس الوزراء في تصريحات له على هامش جولة تفقدية بالمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان والعبور، إلى أن مصنع هاير الصيني للأجهزة الكهربائية، من المشروعات التي أخذت رخصة ذهبية، وسيعمل وينتج في أقل من عام، وسينشئ مركزا إقليميا لمنتجاته، إذ يعد أكبر منتج على مستوى العالم في المنتجات الصناعية، مشددًا على تذليل كل العقبات وتقديم الدعم اللازم للمستثمرين لكسر الأزمة الاقتصادية.
وأضاف رئيس الحكومة: "أوجه كلامي لكل رجال الصناعة المصريين، بأن أزمة العملة عابرة وهتخلص في فترة بسيطة، وشغلنا الشاغل الصناعة وكيفية تغيير معادلتنا وأن تكون صادرتنا أكبر من واردتنا وكل مصنع بيطلع، يقلل من فاتورة الاستيراد".
وأوضح مدبولي - في تصريح صحفي اليوم على هامش زيارته إلى مدينتي العبور والعاشر من رمضان لتفقد عدد من المصانع - أن الدرس الذي تم تعلمه من الأزمة العالمية والاقتصادية السابقة أننا "كدولة لا بد أن نعتمد على مقدراتنا وإنتاجنا بأكبر قدر ممكن".
يشار إلى ان مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتحسين معدلات النمو، وخفض معدل التضخم، الذي ارتفع لحدود غير مسبوقة داخل السوق المحلية، يأتي على رأس القرارات والخطوات التي تتخدها الحكومة المصرية.
قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن تصريحات رئيس مجلس الوزراء اليوم، تبعث الأمل والتفاؤل في إيجاد حلول للازمة الحالية، ويبعث المزيد من الثقة في الاقتصاد المصري، حيث يدل على أنه قادر على استيعاب المزيد من المشكلات والقدرة على إيجاد حلول لها، وبالتالي إذا تم وضع خطط عاجلة سيكون المكسب الأول في الاقتصاد المصري، هو جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية على ارض مصر.
دور التجارة عبر المقايضة
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، أن من بين المكاسب ايضاً هو انخفاض معدل التضخم وانخفاض الأسعار، وسيكون المواطن المصري هو أول المستفيدين عندما يجد جميع السلع في متناول اليد باسعار جيدة، ومن المتوقع أن نشهد ذلك خلال الفترة القادمة عندما يتم حل هذه الاشكالية، والجميع مترقب للحلول التي وعدت الحكومة بايجادها.
يشار إلى أنه كان قد تراجع معدل التضخم السنوى لإجمالي الجمهورية لشهر أكتوبر 2023، وسجل 38.5% مقابل 40.3% لشهر سبتمبر 2023.
وتحاول مصر أن تصل إلى تنفيذ عمليات تبادل تجاري مع عدد من الدول ببنها الصين وروسيا وتركيا والهند وكينيا، عن طريق نظام "المقايضة"، وذلك من أجل تخفيف الضغط على العملة الأجنبية، وحل أزمة الدولار.
وتدرس مصر تنفيذ عمليات التبادل التجاري مع الصين وروسيا وتركيا والهند وبعض الدول الإفريقية بنظام "المقايضة"؛ لخفض الضغط على العملة الأجنبية.
واتجهت مصر إلى نظام المقايضة؛ لأنها تبحث منذ فترة عن "بدائل للعملة الصعبة التي تعاني شحاً فيها، سواء بنظام المقايضة أو عبر إجراء عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأخرى.
ويقصد بالمقايضة التجارية، أن تتم عملية التبادل بين الطرفين، عبر تقديم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلاً غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود.
وتلتهم الواردات المصرية جزءا كبيرا من صافي الاحتياطي النقدي، وهو ما يدعو إلى البحث عن الكثير من الوسائل للحد من زيادة الطلب على الدولار، والتي تشكل ضغطًا كبيرًا عليه، فضلًا عن التزامات الدولة المصرية الدولارية لدى الغير.
ونظام التجارة بالمقايضة، أمر سائد ومعروف في المعاملات الاقتصادية وليس بجديدٍ، لجأت إليه الصين من قبل، ودول أمريكا الجنوبية، فضلًا عن روسيا سبق وإن لجأت إليه مؤخرًا مع إيران، وبالفعل أصبح منتشر لدى العديد من الدول.
كما نجحت مصر كأول دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا، في إصدار سندات الباندا مستدامة بسوق المال الصينية، التي تخصص لتمويل مشروعات بنحو 3.5 مليار يوان صيني، بما يُعادل 500 مليون دولار.
سندات الباندا والدولار
وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية أكتوبر الماضي، أن الوزارة تمكنت من الحصول على تسعير منخفض للسندات بعائد 3.5% سنويًا لأجل 3 سنوات، مما يجعله أكثر تميزًا مقارنة بأسعار الفائدة الخاصة بإصدارات السندات الدولارية الدولية، في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، موضحًا أن هذا النوع من الإصدارات يتميز بأنه مُدعم بضمانة ائتمانية مقدمة من بنوك تنموية عالمية: "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والبنك الأفريقي للتنمية"، وهي بنوك ذات تصنيف ائتماني مرتفع.
وقد استطاعت الوزارة بالتعاون مع مقدمي الضمانة الائتمانية من إتمام كل الإجراءات التحضيرية الخاصة بإصدار سندات الباندا بسوق المال الصينية، التي تعد ثاني أكبر أسواق المال العالمية من حيث الحجم؛ بما يحقق أحد أهم أهداف استراتيجيات تنويع مصادر التمويل والدخول إلى أسواق عالمية جديدة.
وأضاف معيط، أن هذا الإصدار نجح في جذب العديد من المستثمرين الصينيين، وتميز بتطبيق سياسات التمويل المُستدامة في قارتي آسيا وأفريقيا، والتوصل إلى أهداف مشتركة ومفاهيم موحدة فيما يخص التمويل المُبتكر والمُستدام، الذي يسهم في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، على نحو يتوافق مع إطار التمويل المستدام السيادي المصري المُعلن عنه في يوم التمويل بقمة المناخ التي استضافتها مصر «COP 27».
وأوضح الوزير أن هذا الإصدار بمثابة بوابة جديدة تهدف إلى زيادة التعاون بين البلدين وتبادل الخبرات وفتح مجالات وآفاق من التعاون من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومد جسور التمويل الأخضر والمستدام وتشجيع الاستثمار كإحدى الركائز الجوهرية، التي تتماشي مع استراتيجية مصر الخاصة بأهداف التنمية المستدامة 2030.
وأعلنت، مجموعة البنك الأفريقي للتنمية الموافقة على ضمان ائتمان جزئي بقيمة 345 مليون دولار لمصر من أجل زيادة الوصول إلى سوق سندات باندا؛ لتمويل المشاريع الخضراء والاجتماعية.
وأشارت في بيان إلى أن عائدات الطرح ستوجه لمشروعات النقل النظيف، والطاقة المتجددة، وكفاءة الإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحى، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والخدمات الصحية الأساسية، وغيرها.
ويأتي الإصدار المرتقب لسندات الباندا فى إطار جهود مصر لتنويع مصادرها التمويلية، لسد احتياجاتها الضخمة المقدرة بـنحو 2.140 تريليون جنيه العام المالى المقبل، فى ظل صعوبة النفاذ للأسواق الدولية جراء الأزمات الاقتصادية العالمية.