الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واعظ بالأزهر: التمسك بالأمل خلق المؤمن ومن حسن الظن بالله

الشيخ صفوت عمارة
الشيخ صفوت عمارة

قال الشيخ، صفوت عمارة من وعاظ الأزهر الشريف، إنَّ خلق الأمل هو أفضل الطرق للحصول على الطاقة الإيجابية، والدين الإسلامي حريص على غرس الأمل في النفوس؛ فالمؤمن لا يمكن أن ييأس أو يصاب بالإحباط والقنوط أو يتسرب القلق إلى نفسه، لأنه يثق في اللَّه وفي عدله وفي رحمته، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملًا، ومن هنا يرتبط الإيمان بالأمل ارتباطًا وثيقًا ويشكلان وحدة واحدة؛ فعندما يتمسك  الإنسان بالأمل تتولد لديه الرغبة في الحياة، ويرى الحياة بألوانها الوردية التي تُعيد له الشغف والإقبال على العمل والطموح وتحقيق الأهداف، ومن الآيات التي تُعطيك أملًا في غدٍ أفضل، قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].

وأضاف «صفوت عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ طبيعة الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وخلق الأمل يُشعر صاحبه أن السعادة قادمة بإذن اللَّه، وأن في كل شيء جانبٌ مضيء يجب البحث عنه، وأن مع العسر لابد وأن يأتي اليسر، قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]؛ فاللَّه أرحم بعباده الذين خلقهم من الأم بولدها، ولذلك يرزق المؤمن والكافر، ولكنه يمهل الظالم ولا يهمل عقابه إن عاجلاً أو آجلاً.

وأكد «صفوت عمارة» أنَّ خلق الأمل من حسن الظن باللَّه، أما اليأس فهو يُشير إلى عدم اليقين وعدم حسن الظن باللَّه؛ فمن عرف باب الأمل لا يعرف كلمة اليأس أو المستحيل، ويؤكد القرآن الكريم أن المؤمن لا يعرف اليأس قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]، ومن ذلك يتضح أن الأمل يعد نتيجة طبيعية للإيمان، وهو نعمة كبرى ومنّة إلهية، ورحمة من عند اللَّهَ لعباده؛ فلولا الأمل ما أرضعت أم ولَدًا ولا غرس إنسان شجرة؛ ففي قلب كل شتاء ربيع نابض ووراء كل ليل فجر باسم؛ فالمتفاؤل يرى الفرص في كل مصيبة والمتشائم يرى الهلاك في كل مصيبة.

وأشار «صفوت عمارة» إلى أنَّ حياة الأنبياء مليئة بصور الأمل نذكر منها:
«نوح عليه السلام»، ظل يدعو قومه إلى الإيمان باللَّه دون أن يمل أو ييأس ألف سنة إلا خمسين عامًا، ولم يُفارق الأمل «إبراهيم عليه السلام»، حيث صار شيخا كبيرا في السن ولم يرزق بأولاد، ودعا الله عز وجلّ فاستجاب له ووهبه إسماعيل وإسحاق، ولم يُفارق الأمل «يعقوب عليه السلام»، حينما فقد يوسف عليه السلام، حيث لم ييأس ولم يقنَط من رحمة الله، ولم يُفارق الأمل «يوسف عليه السلام»،  عندما مر بمحن اتهامه بمحاولة التعدي على زوجة العزيز وتفضيله السجن على أن يرضخ لمطلبها، فأصبح عزيز مصر ومالك خزائنها واتى بابيه وإخوته وقومه لأرض مصر، ولم يُفارق الأمل «أيوب عليه السلام»، حينما ابتلاه الله بذهاب العافية، والولد، والمال، ولم يُفارق الأمل «يونس عليه السلام»، حيث التقمه الحوت وكان الأمل في نجاته منعدمًا وخاصة إذا علمنا أنه في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، لكن يونس عليه السلام لم يفقد الأمل: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: ٨٧)؛ فجاءه الرد الرباني على جناح السرعة: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} (الأنبياء: ٨٨).

ولم يفقد «موسى عليه السلام»، الأمل والثقة في نصر اللَّه حين طاردهم فرعون وجنوده؛ فأمره الله أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، وعبر موسى وقومه البحر في أمان، ثم عاد مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه، ولم يُفارق الأمل نبينا «محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم»، فأحسن الظّنّ بربه في كل أوقاته، وفي حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، عندما وقف المشركين على باب غار ثور فقال أبو بكر رضي اللّه عنه، للنبي: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكرٍ باثنين الله ثالثهما» [رواه البخاري ومسلم].