تحل اليوم الذكرى المشئومة لوعد بلفور 2 نوفمبر 1917 والمشهور بوعد من لا يملك أعطى لمن لا يستحق وهو سبب ما تعانى منه المنطقة العربية من زرع جسم غريب دخيل وسطهم يدمر ويقتل ويهدم المساجد والكنائس ويعبث بالتاريخ ويزور الحقائق ويطمس الهوية العربية الفلسطينية بكل الوسائل.
وفى ضوء ذلك يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار لـ صدى البلد إلى أن وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس «وطن قومى للشعب اليهودى» في فلسطين التي كانت منطقة عثمانية ذات أقلية يهودية (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان) ونصه المترجم إلى العربية: تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
[[system-code:ad:autoads]]
ومثلت الكلمات الأولى في نص الوعد، أول تعبير عام عن دعم قوة سياسية كبيرة للصهيونية، لم يكن لمصطلح وطن قومي أي سابقة في القانون الدولي، وقد أُورد المصطلح غامضًا عمدًا دون الإشارة إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، كما لم يتم تحديد حدود فلسطين المعنيّة، وقد أكَّدت الحكومة البريطانيّة أن عبارة «في فلسطين» تشير إلى أن الوطن القومي اليهودي المُشار إليه لم يُقصد أن يغطي كل فلسطين.
تطبيق وعد بلفور
ونوه الدكتور ريحان إلى أن هذا الوعد كان له آثار طويلة الأمد فقد زاد من الدعم الشعبى للصهيونية في أوساط المجتمعات اليهودية في أنحاء العالم، وقاد إلى قيام فلسطين الانتدابية، وهو المصطلح الذي يشير حاليًا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، ونتيجة لذلك، فقد تسبَّب هذا الوعد بقيام الصراع العربي الإسرائيلي، أكثر صراعات العالم تعقيدًا
وفي عام 1918 قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد إلى فلسطين ضم حاييم وايزمان قائد القوات البريطانية في فلسطين من أجل دراسة مدى إمكانية تطبيق وعد بلفور.
وعرضت الحكومة البريطانية في السنة ذاتها نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، وأقرته كل من فرنسا وإيطاليا رسميًا.
وكان تأثير وعد بلفور على مسار أحداث ما بعد الحرب فوريًا فوفقًا لنظام "الانتداب" الذي أنشأته معاهدة فرساي لعام 1919 عُهد إلى بريطانيا بإدارة فلسطين على أساس أنها ستعمل فيها نيابة عن سكانها العرب.
وتابع الدكتور ريحان بأن حاييم وايزمان كان رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى 1946، وتم انتخابه أول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949 كما يعد أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل.
وهكذا تمت الخطة لوضع صيغة ما عرف بـ"وعد بلفور"، ووقعت عليه الحكومة البريطانية، وكان هدفها الأساسي استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
وأضاف ريحان: عندما انتهت الحرب تكثفت الدعوات لنقل اليهود من أوروبا وأميركا، ثم بدأت الهجرات اليهودية بأعداد هائلة تُنقل عبر خط سكة حديد يافا-القدس، الذي استولى عليه البريطانيون تمامًا
تزوير الحقائق
ويؤكد الدكتور ريحان أن تزوير الحقائق الدينية والتاريخية ساهم بدور كبير فى قيام الكيان الصهيونى فى فلسطين حيث أن مصطلح "أرض الميعاد" أكذوبة صهيونية كبرى ترسخ للفكر الاستعمارى الصهيونى ونظرة الاستعلاء والعنصرية وخداع العالم بأنهم شعب الله المختار.
مشيرًا إلى أن الحركة الصهيونية قامت على عقيدة باطلة حاولت أن ترتقى بها إلى ذروة الحقيقة، وهى أن فلسطين وما حولها هى أرض الميعاد وعد الرب بها شعبه المختار من بنى إسرائيل لتكون ملكا ووطنًا
ففي سفر التكوين 12: 1-5 :وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ".
العدنانيون العرب
وفسّر اليهود هذا العهد بأن الرب قطع مع نبى الله إبراهيم عهدًا بالأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير "نهر الفرات" أرض القينيين، القنزيين، القدمونيين والحثيين والفرزيين والأموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين، إذ يعتقد اليهود استكمالًا لمسلسل تزوير الحقائق الدينية أن الوعد في البدء كان لإبراهيم ولكنه انتقل إلى أن وصل إلى يعقوب ومن ثم أبناءه وأحفاده اليهود الحاليون، وتعمدوا أن يتناسوا انتقال هذا الوعد أيضًا لابنه إسماعيل وأحفاده من إسماعيل واحتفظوا بالحق لأنفسهم فقط، هذا لو صدقوا أصلًا فيما يدعوه.
ويوضح الدكتور ريحان لو افترضنا جدلًا صدق هذا الوعد فقد كان بعد مولد نبى الله إسماعيل وخص به أرض كنعان لتكون ملكًا أبديًا لنسله ولم يكن له نسل حينذاك إلا نبى الله إسماعيل "سفر التكوين 17: 7-8"، وكان العهد لنبى الله إسماعيل أب العرب، ولم يكن نبى الله إسحاق قد ولد بعد ومن نسل نبى الله إبراهيم كانت العرب العدنانية التى تمثلت بطون العرب الأخرى وصهرتها فى بوتقتها ومن ذريته.
وأن نبى الله إبراهيم حين بشر بالإرث لنسله ولمن يخرج من أحشائه كان نبى الله إسماعيل أول من ولد له بعدما طلبت منه زوجته السيدة سارة أن يدخل بالسيدة هاجر حتى يكون له منها نسل، بعد أن ظلت عقيمًا وجاء الوعد بهذا الإرث محددًا.
وأن ادعاء الإسرائيليين بأن ذرية نبى الله إبراهيم تعنيهم وحدهم هو ادعاء باطل، ولا يوجد فى سفر التكوين ما يشير إلى وعد إلهى لنبى الله إسحق.