الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

باق 10 أيام.. مظهر يصل بك إلى درجة كمال محبة الرسول

مولد النبوي 2023
مولد النبوي 2023

يحل المولد النبوي 2023 في السابع والعشرين من سبتمبر الجاري، الثاني عشر من ربيع الأول 1445، ويكثر البحث عن الأعمال والمظاهر المشروعة بالمولد النبوي الشريف. 

مظهر يصل بك إلى كمال محبة النبي 

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: لقد كان المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري كله‏,‏ وعبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رحمة للعالمين وهذه الرحمة لم تكن محدودة، فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم، وتقديمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية, كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان, بل تمتد عبر العصور كلها: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الجمعة:3].

وتابع: الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات, إذ هو تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وسلم, ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان, وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (صحيح البخاري 1/41) وقال ابن رجب الحنبلي: محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإيمان وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل, وقد قرنها الله بها, وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك..( فتح الباري لابن رجب 1/84).

وأكد علي جمعة أنه لا يتحقق كمال الإيمان لعبد حتى تبلغ محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك القدر الذي أراده صلى الله عليه وسلم من سيدنا عمر رضي الله عنه, وتلك هي الدرجة التي ينبغي لكل مسلم أن يتطلع إليها, وهذا لا تعارض بينه وبين حب الله, فالمرء يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه من جهة الله, فأساس حبنا لرسول الله هو حب الله, وليس هناك مخلوق تجلي الله بصفات جماله وكماله عليه كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, والإنسان يحب التجليات الإلهية التي كان رسول الله هو المرآة التي تعكسها لنا, فالحب لله وحده, وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل قلوبنا هو حب لله ولا تنافي بينهما.

وشدد عضو هيئة كبار العلماء: لقد كان للتابعين وسلف الأمة مظاهر تؤكد وصولهم إلى درجة كمال محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهذا عبيدة بن عمرو السلماني كان يقول: سلأن يكون عندي منه شعرة -أي من شعر النبي صلى الله عليه وسلم- أحب إلي من كل صفراء وبيضاء أصبحت على وجه الأرض وفي بطنها». قال الإمام الذهبي معقبا: «هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب, وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس». ومثل هذا يقوله ذلك الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين سنة, فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره صلى الله عليه وسلم بإسناد ثابت, أو شسع نعل كان له. أو قلامة ظفر, أو شقفة من إناء شرب فيه! فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده لكنا نعده مبذرا أو سفيها؟ كلا، وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخد يده فقبلها, ويقول: «يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم». فنقول نحن إذا فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مستة شفتا نبينا صلى الله عليه وسلم لاثما له (سير أعلام النبلاء4/24).

ولفت في حديثه عن الاحتفال بالمولد النبوي إلى أن لكل ذلك وغيره فرحت الأكوان بمجيئه صلى الله عليه وسلم, الجماد, والنبات والحيوان والإنسان, فيا فرحة من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ويا لسروره! ولقد أظهرت الأكوان كلها الحب للنبي صلى الله عليه وسلم في منشئه وفي وجوده, ومن ذلك ما قاله: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن» (صحيح مسلم 4/2871) إنه يعلمه ويشاهده ويسمعه وهو يسلم عليه, تثبيتا لفؤاده الشريف, وإكراما لمقامه عند ربه, وتدرجا به للاتصال بعالم الغيب, والنبي صلى الله عليه وسلم أمسك حصى فسبح الحصى في يده وأصله في الصحيح, ولكن زاد البيهقي في الدلائل أيضا: أن الحصى لما سبح بين يديه وسمعه أصحابه ناوله إلى أبي بكر فسبح الحصى في يديه وكذلك في يد عمر وعثمان رضي الله عنهم. (مجمع الزوائد 8/992).

وشدد في ختام حديثه عن المولد النبوي: إذن لقد حق لنا أن نفرح برسول الله, ولنحب رسول الله, ونعلم أبناءنا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فما لنا نجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن إلا برسول الله, فلنلتف حول سنته وشريعته ومقامه الكريم, بقلوبنا وعقولنا وسلوكنا, بأموالنا وبأنفسنا, وسبيل ذلك الحب أن نكثر من الصلاة والسلام عليه بالليل والنهار (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].