تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الألماني هيرمان هسه، أحد أبرز الأدباء الألمان على مر التاريخ، إذ وُلد في الثاني من يوليو عام 1877، ببلدة كالف الألمانية.
هيرمان كارل هسه هو كاتب وشاعر روائي سويسري من أصل ألماني، ينتمي إلى عائلة معروفة بدافعها المفرط عن البروتستانتية؛ مما دفعه إلى الهرب والاعتماد على النفس، حيث كان هيرمان متمردا بطبيعته٬ يميل إلى الخيال.
[[system-code:ad:autoads]]
اتجه هيرمان هسه في البداية إلى الشعر، إلا أنه في ما بعد ألف روايات فلسفية عديدة ومتنوعة؛ وكان يغلب على بعض الروايات طابع التفكر العقائدي المتشكك مثل رواية «دميان».
العمل وسط الكتب
بدأ “هسه” العمل في مكتبة، وكان يقضي فترات طويلة في القراءة، حيث درس الكتب اللاهوتية، ولاحقًا قرأ لكتاب ألمانيون مثل شيلر وليسنج، ودرس كذلك الميثولوجيا الإغريقية. وفي عام 1895 بدأ قراءة مؤلفات نيتشه، الذي كانت لفلسفته تأثير كبير على معظم روايات هيرمان هسه. وفي بدايات صيف عام 1894 امتهن العمل الميكانيكي في مصنع ساعات في مدينة كالف لمده تجاوزت العام. وفي أكتوبر 1895 بدأ العمل مع بائع كتب.
بحلول عام 1898م كان لهسه دخل مقبول مكنه من الاستقلال المالي عن والديه، وفي تلك الفترة أقبل على أعمال الرومانسيين الألمان أمثال كلمنس فون برنتانو ونوفاليس، وفي رسالة إلى والديه كتب هسه أن «أخلاقيات الفنان يمكن استبدالها بالجماليات»، مما يدل على تأثره بالفكر الرومانسي.
في عام 1896 ظهرت قصيدته «مادونا» في مجلة فيينا. وفي الخريف أصدر أول مجلداته، بعنوان «قصائد رومانسية».
وفي عام 1897 تلقى رسالة من هيلين فويت التي أُعجبت بإحدى قصائده المنشورة، وفي العام التالي تزوجت من ناشر صغير، والذي وافق على نشر مجموعة من قصائد هيرمان هسه لإرضاء زوجته، حملت المجموعة عنوان «ساعة بعد منتصف الليل»، ولكن العمل باء بالفشل على الصعيد التجاري.
عمل هسه في متجر لبيع الكتب والتحف القديمة في بازل. وفي عام 1900 تم إعفاؤه من الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب الاضطرابات العصبية التي يصاب بها والصداع المستمر.
في عام 1901 قام هسه برحلة إلى إيطاليا وهو ما كان يحلم به منذ وقت طويل، وفي العام نفسه قام بتغيير عمله في بازل، وفي نفس العام أيضاً حصل هسه على فرص لنشر قصائده وأعماله الأدبية في المجلات.
وفي عام 1902 تُوفيت والدته بعد صراع طويل ومؤلم مع المرض، ولم يقدر هسه على حضور الجنازة خوفًا من أن ذلك سيزيد من اكتئابه.
اهتم الناشر صمويل فيشر بهسه، بعد إنهاء روايته «بيتر كامينتسيند»، التي ظهرت أولاً قبل النشر في عام 1903؛ فوافق فيشر على نشر الرواية وظهرت طباعة في عام 1904، الرواية أصبحت شعبية جداً في ألمانيا، وجلبت الشهرة لهسه ومكنته من كسب العيش ككاتب، وأشاد بها سيجموند فرويد واعتبرها واحدة من الروايات المفضلة لديه. وألف روايته الثانية «تحت الدولاب» والتي نشرت في عام 1906.
الحرب العالمية الأولى
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع هسه للمشاركة في الحرب مع الجيش الإمبراطوري، وكانت مهمته رعاية أسرى الحرب.
وفي 8 مارس 1916 أصاب هسه حزنا عميقا بوفاة والده، وضاعف ذلك إصابة ابنه مارتن بمرض خطير، وتعرض زوجته لانفصام في الشخصية، كل ذلك اضطر هيسه إلى ترك الخدمة العسكرية والعودة إلى تلقي العلاج النفسي والذي كان سبب لقائه بكارل يونج.
في شهري سبتمبر وأكتوبر من العام 1917 كتب هسه روايته الشهيرة «دميان»، والتي نُشرت في عام 1919 بعد الهدنة وانتهاء الحرب تحت الاسم المستعار «إميل زنكلير».
في عام 1922 ظهرت رواية هسه القصيرة «سدهارتا» التي أظهرت محبته للثقافة الهندية والفلسفة البوذية اللتان أثرتا عليه في فترة سابقة من حياته.
وفي عام 1924 تزوج المغنية روث فينجر وهي ابنة الكاتبة ليزا فينجر، ومع ذلك فلم يكسب هذا الزواج أي استقرار.
في عام 1923 حصل هيسه على الجنسية السويسرية. وبعدها اتجه إلى كتابة عدة روايات سير ذاتية، من بينها: «كورجاست» عام 1925، «رحلة نورمبيرج»، «ذئب البوادي» عام 1927.
تزوج كيرمان هسه للمرة الثالثة من"نينو دولبن" وهي مختصة في تاريخ الفن، وقد انعكس تأثير زواجه هذا في روايته القادمة «نرجس وفم الذهب» التي نُشرت في عام 1930.
في عام 1931 بدأ هسه يخطط لما سيصبح آخر أعماله الكبرى وهي روايته «لعبة الكريات الزجاجية»، وفي عام 1932 أصدر روايته القصيرة «رحلة إلى الشرق».
ضد النازية
شاهد هيرمان هسه صعود النازية إلى الحكم باهتمام وقلق، وسعى للوقوف ضد قمع نظام هتلر للأدب والفن الذي يعارض الفكر النازي، وكانت زوجته الأخيرة يهودية، وقد أعرب قبل ذلك بوقت طويل عن معارضته لمعاداة السامية، فيما انتُقد هسه لعدم إدانته الحزب النازي في العلن، وفي نهاية الثلاثينيات تم حظر أعماله من النشر، وتوقفت الصحف الألمانية عن نشر مقالاته.
أما بالنسبة إلى رواية «لعبة الكريات الزجاجية» فقد نُشرت في عام 1943 في سويسرا، وكانت آخر رواياته، وخلال السنوات العشرين الأخيرة من حياته كتب هسه العديد من القصص القصيرة معظم مواضيع تلك القصص استسقاها من طفولته، ونشر كذلك عدد من القصائد كانت الطبيعة موضوعها الأساسي في الغالب، وإلى جانب ذلك فقد كتب هيسه عدداً من المقالات الساخرة حول ابتعاده عن الكتابة لفترات من حياته.
جائزة نوبل
حصد هيرمان هسه جائزة نوبل في الأدب عام 1946، وبعد حصوله عليها تلقى عددًا كبيرًا من الرسائل من الجيل الجديد من القراء الألمان الذي استكشف أعماله.
وفاته
رحل هيرمان هسه في التاسع من أغسطس عام 1962، عن عمرٍ ناهز 85 عامًا، ودُفن في “مونتاجنولا”.