تحتفل مصر اليوم بالذكرى العاشرة لثورة الثلاثين من يونيو، حيث استشعر مثقفوها خطر جماعة الإخوان، منذ الأيام الأولى لحكمها البلاد، وأدركوا أن الثقافة المصرية باتت مستهدفة؛ لذلك وقفوا ضد هذا الحكم.
[[system-code:ad:autoads]]
أردنا استعادة الذكريات، والحديث مع المثقفين داخل مصر، ممن عاصروا هذه الفترة، وتصدوا لأفكار الجماعة.. الفنان التشكيلي الدكتور طارق عبد العزيز، كان أحد هؤلاء، والذي يحكي لنا تفاصيل حكم الجماعة مصر ومحاولة السيطرة على الثقافة المصرية، وخصوصاً قطاع الفن التشكيلي.
آثار سلبية
تحدث الدكتور طارق عبد العزيز لـ صدى البلد وقال: لو استمر حكم الاخوان بالتأكيد ستكون هناك آثار سلبية على الثقافة والفن التشكيلي. في حالة استمرار هذا الحكم، ولم لا؟ وقد شاهدنا جميعاً ماحدث خلال ما يقرب من 368 يوم هي فترة حكم الإخوان لمصر ما لم نشاهده من قبل؛ أزمات في الكهرباء وطوابير البنزين ونقص المواد الغذائية، والعشوائيات التي انتشرت من خلال الباعة الجائلين الذين افترشوا الشوارع الرئيسية والميادين بقلب القاهرة أمام الجميع ودون ردع.
صلاة الإخوان داخل داخل المسرح الكبير!
وأضاف: شاهدنا محاصرة المحكمة الدستورية والهجوم على مدينة الإنتاج الإعلامي وما كان يحدث من هرج داخل مجلس الشعب ووصل هذا أيضاً إلى دار الأوبرا.. لقد شاهدت بعيني خلال إقامة معرض داخل إحدى قاعات دار الأوبرا.. في هذا الوقت أثناء زيارة رئيس إحدى الدول لدار الأوبرا كان انعدام النظام هو السائد.. أحد أعضاء الجماعة يؤذن للصلاة داخل داخل المسرح الكبير رغم أن المسجد لا يبعد سوى بضعة أمتار عن المسرح الكبير.
وتابع: بالتأكيد تأثرت الثقافة وندر الإبداع خلال تلك الفترة؛ أصبحت معارض الفن التشكيلي قليلة جداً، الفعاليات الثقافية والفنية أخذت في التناقص.. ظهر على السطح أشخاص وأسماء لم نعاهدها، حتى لغة الخطابة تغيرت؛ بدأنا نسمع عن فرض رقابة على الفن والأعمال الفنية واللوحات التشكيلية. شاهدنا قيادات في الإعلام والصحافة ووزارة الثقافة كانت مفاجأة للجميع، أشخاص بلا تاريخ بلا هوية بكل تأكيد، افكارهم وميولهم السلفية التي كانت غير معلنة من قبل ظهرت فجأة.
محاولات فاشلة
أوضح الدكتور طارق عبد العزيز، أن كل محاولات أخونة الثقافة باءت بالفشل «هناك جيش من المثقفين دفعوا وقاوموا كل تلك المحاولات» وضرب المثل من جانب الفنان التشكيلي بـ «كلية الفنون الجميلة التي تم إنشاؤها عام 1908، قبل تأسيس جماعة الإخوان بعشرين عاماً، لكنها ما زالت وستظل قبلة التشكيليين من أبنائها، ومقصداً للجميع من الهواة ومحبي هذا الفن.. هناك للأسف آراء ظهرت من خلال بعض الاخوان تنم عن جهل وعدم فهم للدور الذي يمثله الفن والفنان التشكيلي في العمل السياسي والوطني. هناك أمثلة عديدة سأذكر منها كي أذكر هولاء المغيبين أن هناك العديد من التشكيلين ساهموا في النضال الوطني. وكانت لهم وما زالت بصمات عديدة في هذا الشأن، فالنحات الكبير محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر، اعتصموا بالصدفة حول تمثاله بميدان النهضة، وحاولوا تشويهه دون العلم بقصة هذا الرمز الوطني، والتي تعود بناإلى عام 1919، عقب ثورة يوليو شارك الفنان محمود مختار بعمل مصغر لهذا التمثال في معرض الفنون الجميلة في باريس، في هذا التوقيت وأثناء تواجده بالصدفة في باريس؛ زار المعرض الزعيم سعد زغلول وأثنى على العمل، وكتب خطاباً وجهه للنحات محمود مختار يشكره ويشيد بذلك العمل النحتي الذي يعد رمزاً لنهضة مصر، وتبنت جريدة الأخبار عملية الاكتتاب الخاص بالمشروع؛ حيث ساهم العديد من أبناء الشعب في إقامة هذا الرمز وتم تنفيذه بالفعل عقب ثورة يوليو، حيث تم وضعه في ميدان رمسيس، ثم تم نقله إلى موقعه الحالي أمام جامعة القاهرة عام 1955؛ ليكون شاهداً على نهضة.
أنا اعتبره شاهداً على إبداع ووطنية الفنان التشكيلي الكبير محمود مختار، أحد فرسان هذا الفن في مصر والعالم، والحقيقة هذا مثال بسيط جداً لدور الفن التشكيلي تجاه الوطن و والشعور بهمومه، لا يقل أهمية عن دور مستنيري الفكر والثقافة تجاه وطنهم.
«هذه الرسالة أنا أرسلها لهؤلاء المغيبين من مدعي الفكر»
اعتصام المثقفين
وعن ذكرياته مع اعتصام المثقفين المصريين ضد الإخوان، قال الدكتور طارق عبد العزيز: عقب إعلان الاسم الذي تولى حقيبة وزارة الثقافة؛ كان اعتصام المثقفين ضد المرشد والإخوان، وضد هذا الوزير إذا تأخونت الثقافة فستكون بداية لطمس هوية مصر التي نراها شامخة دائماً.. مصر أم الثقافات والفنون التي يتعلم منها جميع الدول المحيطة بها؛ وبالتالي كانت رسالة الفنانين والمثقفين قوية في وجه الجميع، واعتبرها وبصراحة شرارة لقيام ثورة الثلاثين من يونيو التي قضت على هذا الحكم دون رجعة.