استمرارًا لبرنامج الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة في جمع وتوثيق عناصر التراث الشعبي، قام باحثو الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية بزيارة لدير القديس سمعان الخراز بالمقطم، ضمن فعاليات توثيق كرامات الأولياء والقديسين على مستوى القطر المصري، لما لها من أهمية تمس الخصوصية الثقافية التي تتصل بالهوية المصرية ذاتها.
حول الزيارة قالت د. الشيماء الصعيدي مدير عام الإدارة: إن الأولياء والقديسين رجال دارت حولهم القصص والحكايات نسجها الخيال الشعبي للعبرة والموعظة وغرس قيم إيجابية بين أفراد المجتمع. لذا نجد أن قصص الكرامات الأولياء والقديسين قد نسجها الخيال الشعبي في أوقات المحن التي تمر بها المجتمعات التي قد تفقد فيها القدوة والمثل وتنهار القيم والأخلاق ويحدث اضمحلال داخل المجتمع فيتجه أفراده لأحد طريقين إما المجون أو الاعتزال.
وأضافت: عثر الوجدان الشعبي على غايته في الأولياء والقديسين فاتخذ من حياتهم وعلاقتهم الروحانية منبعا فياضا ينهل منه الحكايات والكرامات التي تحفظ للمجتمع الشعبي اتزانه، لذا فإن دور إدارة أطلس هو توثيق تلك الكرامات كنوع من الموتيفات التي ظهرت بصور متعددة نتيجة لما يحيط بالجماعة الشعبية من تأثيرات اجتماعية وسياسية ودينية واقتصادية وهو الأمر الذي يمدنا بكثير من التفسيرات التي تساعد علي فهم المجتمعات الإنسانية، بل قد يتعدى الأمر لاعتبارها أحد مصادر المعرفة التاريخية المهمة والموثوق فيها كونها بعيدة عن التزييف.
دير بلا رهبان
وحول الدير أوضحت أنه من المعروف أن الدير يحوي رهبانا أو راهبات، أما دير سمعان الخراز فهو دير بلا رهبان وهو بذلك هدم القاعدة الأساسية عن الدير اتصاله بالرهبنة والاعتزال، حيث يضم ٣ كنائس منحوتة في جبل المقطم تحكي أسطورة انقسام الجبل وانتقاله من مكانه في بركة الفيل بالسيدة زينب إلى منطقة السيدة عائشة وهي كرامة تحكي كيف لإيمان رجل بسيط هو سمعان الخراز أن يحرك جبلا، فقوة الاعتقاد والإيمان كفيلة بتحريك الجبال وأن الاتصال الروحاني بين العبد وربه قادر علي الإتيان بالمعجزات.
الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية تابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث بهيئة قصور الثقافة، وتختص بدراسة الظواهر الشعبية التي تنتجها جماعاتنا الشعبية في مختلف أرجاء المعمور المصري من أدب ومأثورات شعبية وفنون شعبية وصناعات شعبية ورقص وموسيقى وألعاب وورش حكي وغيرها، ويعد الأطلس فضلا عن قيمته المنهجية الكبرى بمثابة نقله أساسية في مفهوم جمع وتسجيل وتوثيق عناصر التراث الشعبي، وقامت الإدارة مؤخرا بتوثيق جولة المحمل، في احتفالات أهالي مدينة القصير بليلة النصف من شعبان، وهي ليلة وصول الكسوة الجديدة من القاهرة لتعبر إلى السعودية، حيث يخرج أهالي القصير عن بكرة أبيهم لمشاهدة الجمال المحملة بالمحمل في احتفال رمزي يطلقون عليه "عيد النص"، والتي تطوف شوارع المدينة، إحياء لتلك الذكرى والتي تعد جزءا من تاريخهم وموروثهم عن الأجداد.