الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جامعة الدول العربية.. حصن منيع جمع الأشقاء من الخليج إلى المحيط

صدى البلد

هنا القاهرة.. حيث بيت العرب الذي يقف شامخا ببنايته المميزة بيضاء اللون يعتليها علما أخضر اللون يحمل شعارا يرفرف بالسلام ويزينه من الداخل عقدا، يشبه في حباته الـ 22 بعدد الدول العربية عقد اللؤلؤ الذي لا ينفرط، يطل على قلب ميدان التحرير بالقاهرة، رافعا راية الوحدة والتضامن ووحدة المصير.

 

حين تتسلل إلى ممراتها من الداخل ينتابك الشعور بالفخر وكأنك في بيت اجتمعت فيه مقومات الدفء والترحيب المعهود عن العرب وكرم الضيافة، تخيم على أركانه وجدرانه التي يفوح منها عبق التاريخ حكايات بلدان عربية وكل حكاية تلامس ركن اختزلته مشاعر العروبة التي لا تهزها ولا تزعزها تحديات، يرنو النظر إلى ممر طويل يتوسطها من الداخل في نهايته تصطف أعلام الدول العربية الشقيقة بألوانها المتناسقة جاذبة للأنظار تجذب كل من يمر جوارها لالتقاط صورة توثق حالة يملؤها الشغف والاعتزاز، وكأن مررت بجولة عربية حرة من بلاد المشرق  إلى بلاد المغرب، ناهيك عن قاعات اجتماعاتها والتي تحتاج لحكايات أخرى من نوع خاص.

 

وعلى الجهة اليسار من المبني تتوسطه نافورة مياه وسط صحن كبير تنسج موسيقاها الحريرية على صمت كتيبة العمل التي تشبه خلية النحل والتي تصل نهارها بليلها دون كلل ودون ملل مقتدين بهدي قيادتها التي تهتم بأدق التفاصيل قبل كبيرها، كل هذه التفاصيل التي تشكل جزءا بسيطا من حكاية كبيرة اسمها بيت العرب والذي صمم باحترافية عالية كل جزء منه يكتمل مع الأخر معبرا عن كيان عربي عاهد أبناؤه  الله على حماية الوطن العربي من خليجه إلى محيطه. 

 

"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".. تلك الآية القرآنية الكريمة التي تلامس القلب قبل أن تقع العين عليها أعلى ترويسة مقدمة القاعة الكبرى معبرة عن أن الهدف الذي أنشأ من خلاله الجامعة هو التضامن والوحدة والاتحاد على قلب رجل واحد وكجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الجسد بالسهر والحمى. 

 

وضمن سلسلة يعدها صدى البلد عن حكايات الجامعة العربية وتاريخها العريق ودورها البناء وكل ما يتعلق بها من تفاصيل، نستعرض اليوم جزءا من تاريخ نشأة الجامعة العربية تلك البيت الذي يشبه الحضن الجامع لأبنائه،  

 

في 22 مارس 1945 تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبي الدول العربية، وجاء إنشاؤها إثباتاً للصلات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط بين البلاد العربية جمعاء، وحرصاً على توطيد هذه الروابط وتدعيمها وتوجيهها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتحقيق أمانيها وآمالها، واستجابة للرأي العام العربي في جميع الأقطار العربية.

 

اتسعت عضويتها من سبع دول عربية هى جملة الدول العربية المستقلة فى أوساط الأربعينيات لتشمل اثنتين وعشرين دولة عربية هى مجموع الدول الأعضاء فى النظام الإقليمى العربى. واجتازت عدة مراحل تطور وعاصرت محاولات مختلفة لإعادة الهيكلة هى مراحل ومحاولات عاكسة لجهود تحديث النظام الإقليمى العربى نفسه.

 

تتكون جامعة الدول العربية من ثلاثة فروع رئيسية أنشئت بمقتضى نصوص الميثاق، وتلك هى مجلس الجامعة واللجان الدائمة، والأمانة العامة، هذا بخلاف الأجهزة التى أنشأتها معاهدة الدفاع العربى المشترك التى أُبرمت فى عام 1950، والأجهزة التى تم إنشاؤها بمقتضى قرارات صادرة عن مجلس جامعة الدول العربية، كما أنشأت الجامعة أو شجعت على إنشاء منظمات متخصصة بهدف تجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية على أسس فنية وتخليصها، بدرجة أو بأخرى، من التعقيدات السياسية، هذا بخلاف المجالس الوزارية المعنية بشئون الصحة والسياحة والأمن (الداخلية).

 

تمكنت جامعة الدول العربية على امتداد تاريخها من القيام بأدوار أربعة رئيسية يمكن الإشارة إليها بإيجاز على النحو التالي: 

 

أ - الإسهام فى حصول الدول العربية على استقلالها، حيث برز دور الجامعة على سبيل المثال فى مجال دعم جهود التحرر فى دول مثل الجزائر، وسلطنة عمان، واليمن، والسودان. ومثل هذا الدور كان هو السبب المباشر فى اتساع حجم عضوية الجامعة على ما تقدم ، لتشمل اثنتين وعشرين دولة عربية على حين لم يتعد عدد الدول الموقعة على الميثاق التأسيسى سبع دول.

 

ب - المشاركة فى تسوية بعض المنازعات العربية - العربية ، ويلاحظ أن قدرة الجامعة فى هذا المجال قد ارتبطت بدرجة قبول الأطراف المتنازعة لدورها ، وهى نقطة تبدو أهميتها على ضوء ما هو معروف من كون سلطة الجامعة لا تعلو فوق سلطات الأعضاء. كما أنشأت الجامعة قوة أمن مؤقتة بمناسبة النزاع الكويتى - العراقى عام 1961، وطورت دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية.

 

ج - تشجيع التعاون العربى - العربى عبر مجموعة المنظمات المتخصصة التى تشكلت على مختلف المستويات داخل إطار الجامعة وخارجه . ففى إطار الجامعة ، تم إنشاء منظمات اتسع نشاطها ليشمل مسائل العمالة ، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والشئون العلمية والثقافية ، ووسائل الاتصال والاعلام ، ولقد نهضت بعض المنظمات مثل منظمة العمل العربية ، والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، واتحاد إذاعات الدول العربية ، والاتحاد العربى للمواصلات السلكية واللاسلكية ، بالتعبير عن تلك الاهتمامات والنشاطات كافة. وخارج إطار الجامعة نشط العمل النقابى العربى بجهد لا يغفل من الجامعة وبتنسيق مستمر بين أجهزتها؛ ومن هنا جاء قيام اتحادات المحامين والاطباء والصحفيين والحقوقيين والعمال العرب... الخ.

 

د- تمثيل الدول العربية فى مختلف المحافل والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة ومنظمة الوحدة الافريقية، والتعاون مع هذه الأخيرة على تكوين طائفة من المؤسسات المشتركة مثل المصرف العربى للتنمية فى افريقيا، والصندوق العربى للقروض، هذا إلى جانب دور الجامعة العربية كطرف فى الحوار مع أوروبا فى حقبة السبعينيات.