الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيت الأرز والعرعر.. دراسة أثرية تكشف لغز المواد المستخدمة في عمليات التحنيط|تفاصيل

ورشة تحنيط سقارة
ورشة تحنيط سقارة

كشفت دراسة أثرية مؤخرًا أن اكتشاف عشرات الأكواب والأوعية في ورشة التحنيط ساعد في الكشف عن كيفية تحنيط المصريين القدماء لموتاهم، مع استيراد بعض المكونات "المفاجئة" من مناطق بعيدة حتى جنوب شرق آسيا.

 

لغز التحنيط 

 

وقد العثور على المجموعة الاستثنائية من الفخار، التي يعود تاريخها إلى حوالي 664-525 قبل الميلاد، في قاع بئر بارتفاع 13 مترًا (42 قدمًا) في مقبرة سقارة جنوب القاهرة في عام 2016.


وقد طور قدماء المصريين عملية متقدمة بشكل ملحوظ لتحنيط الجثث، معتقدين أنه إذا بقيت الجثث سليمة فإنها ستصل إلى الحياة الآخرة.

 

منع التحلل

 

واستغرقت عملية التحنيط ما يصل إلى 70 يومًا، وكان ينطوي على تجفيف الجسم بملح النطرون، ونزع الأحشاء، مع إزالة الرئتين والمعدة والأمعاء والكبد، ثم يقوم المحنطون برفقة الكهنة بغسل الجسد واستخدام مواد مختلفة لمنعه من التحلل، لكن الطريقة التي تم بها ذلك بالضبط ظلت إلى حد كبير ضائعة مع مرور الوقت.

 

وقد وجد فريق من الباحثين من جامعات توبنغن بقيادة عالم اللآثار المصري الراحل رمضان بدري، وبجانب جامعة ميونيخ الألمانية بالتعاون مع المركز القومي للبحوث في القاهرة بعض الإجابات من خلال تحليل البقايا في 31 وعاء خزفي تم العثور عليها في ورشة التحنيط في سقارة.


ومن خلال مقارنة المخلفات بالحاويات الموجودة في المقابر المجاورة، تمكنوا من تحديد المواد الكيميائية التي تم استخدامها.

 

 

مكونات التحنيط

 

وقالت سوزان بيك عالمة المصريات في بيان من جامعة توبنغن "لقد عرفنا أسماء العديد من مكونات التحنيط هذه منذ فك رموز الكتابات المصرية القديمة، ولكن حتى الآن، لم نتمكن إلا من تخمين المواد التي كانت وراء كل اسم، فقد ساعدت الملصقات أيضًا علماء المصريات في إزالة بعض الالتباس حول أسماء بعض المواد.

 

وأضافت: التفاصيل الضئيلة التي لدينا حول عملية التحنيط تأتي في الغالب من ورق البردي القديم، حيث غالبًا ما يملأ المؤلفون اليونانيون مثل هيرودوت الفجوات.

 

من خلال تحديد البقايا في أوانيهم الجديدة، وجد الباحثون أن كلمة "antiu" ، التي تُرجمت منذ فترة طويلة إلى المر أو اللبان، يمكن أن تكون في الواقع مزيجًا من العديد من المكونات المختلفة.

 

وفي سقارة، كان الوعاء المسمى أنتيو عبارة عن مزيج من زيت الأرز والعرعر أو زيت السرو والدهون الحيوانية.

معرفة متراكمة

 

وأظهر الاكتشاف أن المصريين القدماء قد كونوا معرفة هائلة تراكمت عبر قرون من التحنيط، وفقًا لما قاله فيليب ستوكهامر من معهد ماكس بلانك الألماني لعلوم الأرض.

 

فهم على سبيل المثال كانوا يعلمون أنه إذا تم إخراج الجسم من ملح النطرون، فسيكون في خطر التعرض الفوري لاستعماره من قبل الميكروبات التي قد تلتهم الجلد.

 

وقال ستوكهامر إن "أحد أكثر النتائج إثارة للدهشة" هو وجود الراتنجات، والتي من المحتمل أنها جاءت من الغابات الاستوائية في جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى علامات على أشجار البستاسيا والعرعر والسرو والزيتون من البحر الأبيض المتوسط.

 

خصائص مثيرة 


وقال ستوكهامر إن تنوع المواد "يظهر لنا أن صناعة التحنيط" دفعت الزخم إلى تحقيق أهداف العولمة بين البلاد المختلفة خلال تلك الفترة.

 

وأضاف أن ذلك يظهر أيضًا أن "المحنطين المصريين كانوا مهتمين جدًا بالتجربة والحصول على راتنجات وقطران أخرى بخصائص مثيرة للاهتمام".

 

ويُعتقد أن المحنطين استغلوا طريقًا تجاريًا جاء إلى مصر عبر إندونيسيا الحالية والهند والخليج الفارسي والبحر الأحمر منذ حوالي عام 2000 قبل الميلاد.


وقاد عمليات التنقيب في سقارة رمضان بدري حسين، عالم الآثار بجامعة توبنغن الألمانية، والذي توفي العام الماضي قبل نشر البحث في مجلة نيتشر.

 

الراحل الدكتور رمضان بدري حسين