الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعهدوا بإفشالها.. هل يستطيع نتنياهو السيطرة على وزرائه لتنفيذ نتائج العقبة رغم رفضهم

العقبة
العقبة

يعد اجتماع العقبة وما نتج عنه من تفاهمات، أكبر اختبار تمر به الحكومة الإسرائيلية الوليدة منذ تشكيلها في نهاية 2022، وأصبح رئيس الوزراء بنيامين نيتنياهو أمام تحدي حقيقي في تنفيذ ما تعهد به أمام العالم أجمع، وتفاهمات تمت برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وأشرف على تنسيقه دولتا مصر والأردن وهما من أوائل الموقعين على اتفاق السلام مع إسرائيل، فهل يمتلك القدرة على تنفيذ ما أعلن وزرائه صراحة رفضه.

ولم يمر سوى ساعات قليلة حتى خرج عدد من الوزراء الإسرائيليين، ليعلنوا رفضهم لنتائج الاجتماع، بل وتعهدوا على مواصلة الاستيطان وعدم إيقافه يوما واحدا، وفي حال عدم تنفيذ تلك التعهدات فإن الاجتماعات المنتظرة في مارس بشرم الشيخ سوف تكون دون جدوى، ويتضح أمام العالم أن الأزمة الحقيقية في تطرف الحكومة الصهيونية.

 

تلك نتائج العقبة .. 

 

وعن تفاصيل ما حدث في اجتماع العقبة، تعهد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون في ختام اجتماع عقد الأحد في مدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن بـ"خفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف"، على ما جاء في البيان الختامي للاجتماع، وأورد البيان الذي وزعته وزارة الخارجية الأردنية أن "الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقيات السابقة بينهما وجددا التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف".

وربما من أهم النقاط التي يعارضها وزراء حكومة نينتياهو هي وقف مناقشة إقامة وحدات استيطانية جديدة، حيث أكدت الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية في البيان "استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر (على أن) يشمل ذلك التزاماً إسرائيلياً بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر".

 

كما "اتفق المشاركون أيضاً على دعم خطوات بناء الثقة، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين من أجل معالجة القضايا العالقة من خلال الحوار المباشر (حيث) سيعمل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بحسن نية على تحمل مسؤولياتهما في هذا الصدد"، واتفق الأطراف الخمسة، إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر والولايات المتحدة، "على مواصلة الاجتماعات وفق هذه الصيغة، والحفاظ على الزخم الإيجابي، والبناء على ما اتفق عليه لناحية الوصول إلى عملية سياسية أكثر شمولية تقود إلى تحقيق السلام العادل والدائم"، بحسب المصدر نفسه.

 

وزير الأمن القومي : ما حصل في العقبة سيظل في العقبة 

 

وهنا نرصد موقف وزراء نيتنياهو من هذا البيان، والبداية مع أشد وزراء الحكومة الإسرائيلية تطرفا هو وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، والذي قال في أول تعليق له على اجتماع العقبة الأمني، إنّ “ما حصل في العقبة سيبقى في العقبة، و ذلك ما كتبه في تغريدة عبر حسابه على تويتر، ورغم أن بن غفير - زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف - لم يوضح الهدف من تصريحاته، لكن تعليق بناء الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية ووقف المصادقة على البؤر الاستيطانية، يتعارض مع مطالبه المكثفة وضغطه على الحكومة الإسرائيلية لتوسيع الاستيطان

 

وجدير بالذكر، أن الوزير الإسرائيلي المتطرف كان قد رفض في 14 فبراير الجاري، بيانًا أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربية اعتبر أن من شأن خطط إسرائيل لتوسيع الاستيطان “تصعيد التوتر وتقويض جهود حل الدولتين”، وهو البيان الذي صدر عقب إعلان الحكومة الإسرائيلية عن خطط توسع استيطانية جديدة.

 

وزير المالية: لن يجمد بناء المستوطنات ولو ليوم واحد

 

ولم يختلف موقف وزير المالية الإسرائيلي عن وزير الأمن القومي، حيث قال وزير المالية الإسرائيلي اليميني بتسلئيل سموتريتش إنه لن يوافق على أي تجميد في النشاط الاستيطاني بالضفة الغربية المحتلة، وأضاف الوزير، المسؤول أيضًا عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، على تويتر “ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا أو لم يتحدثوا عنه في الأردن”.

 

وتابع “لكني أعرف شيئًا واحدًا، لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير في المستوطنات، ولا حتى ليوم واحد، إنها تحت سلطتي”، وهي تصريحات صادرة من الشخص المسئول عن كافة عمليات البناء والتطوير داخل المستوطنات الإسرائيلية، وتعد تعارضا واضحا لما صدر عن اجتماع العقبة.

 

وزيرة الاستيطان: يجب عودة الوفد الإسرائيلي من الأردن 

 

فيما دعت وزيرة الاستيطان والمهام القومية أوريت ستروك من حزب “الصهيونية الدينية”، الوفد الإسرائيلي الذي يحضر قمة العقبة الأمنية إلى الانسحاب فورًا، وذلك أثناء انعقاده، وبررت الوزيرة طلبها بحدوث عملية إطلاق نار شمالي الضفة الغربية، وأسفرت عن مقتل مستوطنين إسرائيليين اثنين.

 

وقالت “الهجوم في حوارة يستدعي عودة فورية للوفد الإسرائيلي من قمة العقبة، فبعد 30 عامًا من اتفاقية أوسلو المؤسفة، يجب أن نفهم أن السلطة الفلسطينية هي المشكلة وليست الحل”، وذلك على حد قولها، وتابعت “الاستعدادات لرمضان سنقوم بها بأنفسنا، من دون الاستعانة بمن يسعون للقضاء علينا”.

 

60 شهيد في أقل من شهرين للحكومة المتطرفة 

 

ويبدوا أن المشكلة الحقيقية لتصاعد الأحداث في القضية الفلسطينية، هو وصول حكومة بنيامين نتنياهو للحكم في شهر ديسمبر الماضي، فهي تعد أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا وتشددا خلال العقود الأخيرة، وقد أعلنت منذ بداية عملها أنها ستركز على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وسن قوانين وتشريعات تمكن الاحتلال من مصادر المزيد من الأراضي والمنازل الفلسطينية في الضفة والقدس.

ولم ينتظر العالم كثيرا ليرى نتاج عمل تلك الحكومة، فمنذ بداية العام الجاري، وخلال أقل من شهرين من بدء الحكومة عملها، استشهد ما يزيد عن 60 فلسطينيًا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 11 خلال اقتحام جيش الاحتلال مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وما سقط من قتلى بالجانب الإسرائيلي جاء ردًا على هذه الاعتداءات، حيث نفذ فلسطينيون عمليات إطلاق نار، لا سيما في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ما أودى إجمالًا بحياة 12 إسرائيليًا.

 

وجدير بالذكر أن تحالف نتنياهو يضم حزبي الصهيونية الدينية والقوة اليهودية اللذين يعارضان قيام دولة فلسطينية، وسبق أن حرض زعيما الحزبين، وكلاهما من المستوطنين بالضفة الغربية، ضد النظام القضائي الإسرائيلي والأقلية العربية.

 

الاختبار القادم في شرم الشيخ 

 

وهنا أصبح نيتناهو أمام اختبار حقيقي في قدرته على الوفاء بالتعهدات التي تم التوصل إليها في العقبة، وموعد الاختبار القادم سوف يكون في اجتماع شرم الشيخ المنتظر، حيث اتفق الحاضرون بالأردن على الاجتماع مجددا في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية في شهر مارس المقبل لتحقيق الأهداف المذكورة بالبيان الصادر عنهم.

وقد جاء بالبيان أن الأردن ومصر والولايات المتحدة تعتبر هذه التفاهمات تقدما إيجابيا نحو إعادة تفعيل العلاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتعميقها، وتلتزم بالمساعدة على تيسير تنفيذها وفق ما تقتضيه الحاجة، كما أكد الأطراف الخمسة أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولاً وعملاً بدون تغيير، وشددوا في هذا الصدد على الوصاية الهاشمية/الدور الأردني الخاص".

 

العقبة طوق نجاة للمجتمع الدولي .. والفضل لمصر 

 

ويبدوا أن لقاء الأردن كان طوق نجاه للمجتمع الدولي بعد الحرج الشديد الذي يواجهه في ظل العجز عن مواجهة جرائم إسرائيل على الارض، فعقب صدور البيان، رحب سفين كوبمانس الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للسلام في الشرق الأوسط بنتائج اجتماع العقبة، وقال كوبمانس على تويتر إنه يرحب بالأنباء الواردة بعد اجتماع العقبة في الأردن، "حيث اتفق وفدان، إسرائيلي وفلسطيني، بمساعدة من الأردن ومصر والولايات المتحدة، على تدابير لتحقيق الاستقرار في ضوء وضع أشد خطورة من أي وقت مضى".

وكذلك أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خالص تقديره لجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي الشخصية خلال الأسابيع الماضية لتهيئة الظروف لنجاح اجتماع العقبة بالأردن بين كبار المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر والولايات المتحدة، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان نشره البيت الأبيض عبر موقعه الإلكتروني اليوم الاثنين: إن بايدن يتقدم كذلك بخالص الشكر لملك الأردن عبد الله الثاني على استضافة هذا التجمع التاريخي.

 

جدير بالذكر أن اجتماع العقبة عقد بين رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني ماجد فرج ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار، وأن الوفد الإسرائيلي ضم كذلك مستشار الأمن القومي تساحي هانغبي، وقد عقد الاجتماع بحضور مسؤولين أمنيين من الأردن ومصر وكذلك منسق البيت الأبيض للشؤون الأمنية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك.