الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يؤثر تحليق الدرون في الأجواء على حركة الطيران؟.. مراقب جوي يناقش

الباحث والمراقب الجوي
الباحث والمراقب الجوي أحمد شادي

باتت الحاجة التجارية المُلحة والتقدم التكنولوجي المتسارع يحتمان على المنظمات الدولية المضي قدمًا بشأن إقرار تشريعات وقوانين تنظم عمل الطائرات بدون طيار «الدرون»، في الأجواء خاصة في ضوء انتشارها السريع واللجوء إليها في أغراض عدة، بعد الضربات الاقتصادية المتتالية التي يعيشها العالم وأيضًا فترة العزلة الإجبارية للوباء (كوفيد-19).

تسهيلات عمليات الشحن والدليفري.. طائرات الدرون

الطائرات بدون طيار .. إذا أخبرتك أن الدرون باتت وسيلة تجارية تناطح الطائرات عالميًا، وباتت دول كبرى تخطو نحو تقنين استخدامها للشركات والمؤسسات والأفراد، ليس فقط تسهيلا لعمليات الشحن والدليفري، ولكن أصبحت الحكومات أيضًا تفسح له المجال داخل المطارات لتسهيل عمليات خدماتها الجوية على الأرض.

الطائرات بدون طيار

كل هذه الومضات الواهنة، تنذر بقدوم ليس ببعيد، خاصة أننا نتحدث عن صناعة عالمية دقيقة، يحاول الباحث والمراقب الجوي أحمد شادي وهو مدير السلامة الجوية في مراقبة المنطقة، الإشارة إليها من خلال رسالته البحثية غير التقليدية والثرية، والتي حصل فيها على درجة الماجستير، مستندًا إلى تجارب الدول الأخرى ممن سبقونا في استغلال هذه التقنية وفقا للتشريعات الدولية المنظمة لهذا الغرض.

الدرون ظهر مع الحرب العالمية الأولى والثانية

الدرون.. كان بداية ظهوره مع الحرب العالمية الأولى والثانية، استحدث استخدامه لأغراض عسكرية في الحرب، كنوع من أنواع الاستطلاع والمكاشفة لجبهة العدو، كانت عبارة عن طائرة صغيرة الحجم، يتم توجيهها من على الأرض باتجاه الجانب الآخر لالتقاط صورة لساحة العدو، تم تطويرها بعد ذلك وتزويدها بجزء خاص بالقاذفات الجوية، ضمن أسلحة الحروب المستخدمة، وظلت تتطور حتى وصلت إلى شكلها المدني الآمن والمسالم وباتت تستخدم في نقل أدوية لإغاثة مريض أو فحص جوي لأمن الطائرة – هذا ما جاء في رسالة الباحث.

فوائد طائرة الدرون

يقول أحمد شادي، بدأ انتشار الدرون يصبح عبئًا على منظومات الملاحة الجوية العالمية، وبدأت المنظمات العالمية تخطو نحو وضع شروط جادة تنظم عمله، خاصة بعدما أبلى بدوره بلاءً حسنًا في أمريكا وأوروبا في فترة الجائحة الوبائية، حيث اعتمدوا على الدرون في أغراض الشحن ليس جويا فقط ولكن في الموانئ البحرية أيضًا، باعتباره الأقل تكلفة والأقل وقت لإيصال عبوة دواء أو رسائل مكتوبة يريد تأمين وصولها خارج التتبع الالكتروني.

الدرون يقلل تكلفة الشحن 6 آلاف دولار

ويشير إلى أن شركة أمازون العالمية، كانت قد بدأت قبل جائحة كورونا بفترة وجيزة منذ أربع سنوات، الاعتماد على الدرون من خلال تزويده بإحداثيات معينة، في شحن الحمولات التي تزن 3 كيلو جرامات، وتبين وفقا لاحصائية أجرتها الشركة العالمية، أن تكلفة نفس وزن الشحنة بالطريقة التقليدية العادية يكلف الفرد من 10 لـ 12 دولار، بينما شحنها على الدرون يكلف 10 سنت فقط، الأمر نفسه بالنظر لاستخدامه في الموانئ البحرية، وجدوا أنها تقلل تكلفة الشحن بالمركب في محيط المكان، بحوالي 6 آلاف دولار.

لم يقف الأمر عند اعتماد السلطات والشركات على الدرون في إيصال الشحنات الجوية، ولكن بدأت الحكومات تلجأ للدرون في عمليات المطار الأرضية وخدمة دوائر الحركة بالمطارات، حيث تم تطويرها للقيام بمهام فحص الممرات عن طريق تزويدها بكاميرات معينة تستطيع رصد المجسمات الصغيرة التي قد تسقط على المدرج من الطائرة أثناء عمليات الهبوط ولا ترى بالعين المجردة أمام رجال الـ " FOLLOW ME"، وهو ما تطبقه سلطات مطار شارل ديجول بفرنسا.

الطائرات بدون طيار

ليست فرنسا وحدها من تستخدم الدرون في أغراض عمليات الخدمات الأرضية بالمطارات، لكن بعض المطارات في ألمانيا أيضا تستخدم الدرون لعمل فحص ممراتها الجوية، وأيضًا في عمليات المعايرة للمساعدات الملاحية التي تجري بين الحين والآخر في المطارات باستخدام طائرات الفحص الجوي؛ اختزلت الدرون الوقت الذي تستنفذه تلك الطائرات أعمال المعايرة، وأصبحت تقوم بعملية المسح للمساعدة الملاحية في مدة أقل من الساعة الواحدة، في الوقت الذي تستهلك فيه طائرات الفحص الجوي 8 ساعات لنفس الغرض.

الدرون يستخدم في عمليات المطار 

أيضًا المطار الرئيسي في هولندا "سيبخول أمستردام"، استعان بالدرون في عمليات المطار، لعمل فحص للطائرات نفسها، سواء للأغراض أمنية أو اكتشاف الأعطال الهندسية، إذا كان هناك عيوب بهيكل الطائرة يصعب رصدها بالعين المجردة، كل هذا إلى جانب أعمال الشحن في المطارات من بوابة إلى أخرى باعتباره أقل تكلفة وأقل في الوقت. 

وهناك من المطارات الأوروبية ما استخدمت الدرون في عمليات تخويف أسراب الطيور المهاجرة، التي تشكل خطرا على حركة الطيران فوق المطارات وفي المجالات الجوية، لجأت بعض الدول، إلى ذلك عن طريق تزويدها بأصوات معينة تحدث تخويفا لمنع اقتراب الطيور المهاجرة من المجال الجوي إقلاع أو هبوط الطائرات بدوائر الحركة.

ليست المطارات، فقط من تعتمد على الدرون في عملياتها، ولكن بعض الشركات العاملة في البترول بالخارج وأعمال التنقيب، بدأوا في الاعتماد على الدرون في نقل الانترنت لمواقع العمل في الصحراء، وغيرها بهدف الترويجي السياحي أيضًا لهواة التصوير الجوي باستخدام الدرون.

مخاطر طائرات الدرون

كان تفتيش الباحث أحمد شادي في رسالته، عن فرضية ما وراء تأثير الطائرات بدون طيار على المجال الجوي لحركة الطيران، وما الذي يحول دون تقنين استخدامها في الكثير من الدول حتى لخدمة الأغراض الحكومية نفسها في أعمال اللوجيستك والصيانة بالمطارات باعتباره مراقبًا جويا ومقر عمله المطار، في حين أن هناك دول طبقته بالفعل، مثل أمريكا وأوروبا في الغرب، وفي أفريقيا تنزانيا وكينيا والسنغال ومجموعة دول غرب أفريقيا، وفي الخليج دولة الإمارات العربية المتحدة التي باتت تستخدمه في نقل الأوراق.

وحول تصوره عن كيف يمكن تطويع الدرون وتقنين عمله في المطارات، بالشكل الذي لا يحدث ضررًا مجتمعيًا ويتعارض مع القوانين الحاكمة، يرى الباحث أحمد شادي، أنه من الممكن تطبيق استخدام الدرون في مطارات محددة ذات التشغيل والحركة الجوية المنخفضة، وفقا لقوانين وتشريعات حاكمة لتشغيله.

صورة توضيحية من رسالة الباحث

مسافة طائرة درون

بالنظر للتشريعات التي طبقتها الدول المسموح بها نشاط الدرون، يقول الباحث أحمد شادي، أن هذه الدول اتفقت فيما بينها أن أقصى مسافة بين الدرون وأعلى نقطة لها هي 150 مترا ما يعادل 400 قدم، وهو الحد الآمن لرؤية الطائرة، وأن تكون مسافة تحليقها من المطار 5 ميل بحري من وسط المطار ما يعني 10 كيلومترات من المطار، وإذا كان هناك جمع من الناس من هواة الدرون يجب أن يكون التجمع على مسافة 150 مترا، وهو ما تحدده وزارة الطيران بعد تحديد منطقة خاصة لهبوط هذه الطائرات بدون طيار.

أما عن طريقة عملها والتحكم بها داخل المطارات، يقول إن الدرون تعمل بإحداثيات معينة يتم التحكم بها من خلال محطة أرضية، يديرها طيار يتم تدريبه على إحداثيات الدرون وليس كالطيار العادي، ويكون هو المتحكم بها، والملم أيضا بأجزاء تعديل حركة الدرون وخطة الطوارئ الخاصة بها للحافظ على السيطرة عليها، موضحا أنه إحداثيات الدرون في الدول التي طبقتها تراعي حالات الطوارئ وفقدان التحكم، وذلك عن طريق تحميل إحداثيات معينة على الطائرة تتمكن من فصلها وهبوطها بشكل أمن عن طريق بارشوت إذا تعرضت لأعطال في مدى المطار والأمر نفسه إذا تجاوزت الارتفاع.

أما عن الجزء الخاص بتنظيم عملها بمدى المطار مع أبراج المراقبة والعاملين بالملاحة الجوية، يقول إن الشركات المستخدمة للدرون منها شركة فرنسية وأخرى أسبانية، جهزت “سيستم كامل” منفصلا لهذا الغرض، فهناك من اتجهت لعمل أبلكيشن على الهاتف يتواجد مع  مدير الوحدة في البرج للتعامل معها ورصد حركتها، أو عن طريق إنشاء سيستم بجانب سيستم الملاحة الجوية.

وأوصى الباحث أحمد شادي، بضرورة أن تستبق سلطات الطيران المدني، قدوم التكنولوجيا وفرضها على العمل دون وجود تشريع أو قانون ينظمها، فصناعة الطيران عالمية وكل ما يخصها يتطور بين اللحظة والأخرى، فضلا عن أن وجود تشريعات لهذا النشاط سيفتح مصادر دخل جديدة للطيران، سواء عن طريق تبني دورات تدريبية لطياري هذا النوع من الطائرات أو احتضان مؤتمرات ومعارض دولية خاص بالدرون، متوقعا أن منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" سوف تصدر قريبا تعليمات منظمة بشأنه حتى يكون تحت مظلة واحدة، خاصة في ظل انتشاره وفرض وجوده على الصناعة.

وأشار إلى أنه في مارس القادم، سوف تحتضن جنيف، مؤتمرا دوليًا يضم مقدمي خدمات الملاحة الجوية على مستوى العالم، سيكون ضمن أجندته الرئيسية مناقشة موضوع الدرون بشكل واضح وصريح، بكل أنواعه، وسيكون هناك معرض أيضا متكامل يدفع إلى دمج الدرون في منظومة إدارة الحركة الجوية خلال السنوات القادمة.

تجدر الإشارة إلى أن جامعة حلوان منحت الباحث أحمد شادي، المراقب الجوي في مراقبة المنطقة ومدير السلامة الجوية، درجة الماجستير عن بحثه، وأوصت بعرضه على وزارة الطيران المدني المصري ومؤسساتها التابعة المعنية.

وأشرف على البحث، الدكتورة منى فاروق حجاج أستاذ الدراسات السياحية والبحوث كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، والدكتور محمود مبروك موسى مدير عام التعاون الدولي بالشركة الوطنية لخدمات الملاحة الجوية، وناقشها الدكتورة غادة على حمود أستاذ بقسم الدراسات والبحوث بكلية سياحة وفنادق جامعة حلوان.

صورة من مناقشة الرسالة
لجنة إشراف ومناقشة البحث