الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كل مواطن مديون بـ 100 ألف دولار.. القصة الكاملة لأزمة الدين الأمريكي

اقتصاد أمريكا
اقتصاد أمريكا

"عجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها، بمثابة كارثة اقتصادية حقيقية، ستتسبب في أزمة مالية عالمية، ويقوض دور الدولار كعملة للاحتياطيات، ويؤدي إلى فقد الكثير من الأفراد وظائفهم وارتفاع تكاليف الاقتراض"... هكذا تحدثت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، في خطاب مزلزل أمام الكونجرس الأمريكي أول أمس الجمعة، فما حجم تلك الديون ولمن تدين القوى العظمى في العالم.

والسؤال الآخر الذي تثيره تلك التصريحات، هو ما مدى مقدار الديون الذي يمثل مؤشر خطر، وكيف وصلت ديون الاقتصاد الأعظم في العالم إلى هذه الدرجة، وهل للدول العربية دورا في تلك الأزمة، وبالأخص دول الخليج، أم أن هناك دولا أخرى في قائمة دائني أمريكا.

الديون أزمة عالمية .. وصلت لـ 256% من الناتج العالمي

يواجه العالم منذ عام 2020 أكبر زيادة فى الديون منذ الحرب العالمية الثانية لمواجهة الأزمات الناتجة عن الجائحة وارتفع الدين الكلى العالمى إلى 226 تريليون دولار نتيجة لتعرض العالم لأزمة عالمية وركود عميق، ففى عام 2020 ارتفع الدين الكلى العالمى إلى 256% من إجمالى الناتج المحلى العالمى طبقًا لتقديرات صندوق النقد الدولى.

وفى عام 2021 وصل حجم الديون حول العالم، إلى مستوى قياسى، فقد بلغ إجمالي ديون دول العالم إلى 303 تريليونات دولار، وذلك وفقا لما أعلنه معهد التمويل الدولى، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب، كان على رأسها وباء كورونا، والذي تسبب فى ارتفاع الإنفاق على تدابير حماية الوظائف وحياة المواطنين وسبل العيش.

أمريكا تصطدم بـ"سقف الديون" .. 31.4 تريليون دولار

وتواجه الولايات المتحدة الأمريكية أكبر اقتصاد فى العالم خطر التعرض للتخلف عن سداد الديون الحكومية ما دفعها للإعلان عن اتخاذ إجراءات غير عادية للمساعدة فى تقليل حجم الديون المستحَقة الخاضعة للسقف المحدَّد حالياً عند 31.4 تريليون دولار.

وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين يوم الجمعة إن عجز الولايات المتحدة المحتمل عن سداد ديونها قد يتسبب في أزمة مالية عالمية ويقوض دور الدولار كعملة للاحتياطيات، حيث وصلت الحكومة الأمريكية إلى الحد الأقصى لسقف الاقتراض عند 31.4 تريليون دولار يوم الخميس مما يعكس حجم الأموال التي أنفقتها الحكومة بالفعل.

وأبلغت يلين زعماء الكونجرس أن وزارتها بدأت في استخدام إجراءات استثنائية لإدارة السيولة يمكن أن تجنب البلاد خطر التخلف عن السداد حتى الخامس من يونيو حزيران، وقالت في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) الأمريكية: "قد يتسبب (التخلف عن السداد) في أزمة مالية عالمية، ومن المؤكد أنه سيقوض دور الدولار كعملة للاحتياطي تستخدم في المعاملات في جميع أنحاء العالم، فهذا الوضع قد يؤدي إلى فقد الكثير من الأفراد وظائفهم وارتفاع تكاليف الاقتراض.

أمريكا على رأس أكبر 10 دول مديونة في العالم

والمفاجأة للقارئ العادى، هي أن الولايات المتحدة الأمريكية تأتي على رأس الدول الأكثر ديونا حول العالم، وذلك وفقا لما تعلنه تقارير البنك الدولي وجاء ترتيب الدول الـ10 كالآتي:

1- الولايات المتحدة الأمريكية

2- بريطانيا

3- فرنسا

4- ألمانيا

5-اليابان

6- هولندا

7- لوكسمبورج

8- إيرلندا

9- إيطاليا

10- إسبانيا

وعلى الرغم من أنَّ العديد من الدول العربية تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ومديونيات كبيرة إلا أن قائمة أكبر الدول المدينة في العالم لا تتضمن أية دولة عربية، وأيضا من الملاحظ أن تلك الدول معظمها، إن لم يكن كلها، من الدول المصنفة بأنها من الدول المتقدمة حول العالم، بل ومنها الأقوى عالميا.

كيف وصل الدين الأمريكي إلى هذا الحد

أن يصل إجمالي الدين القومي في الولايات المتحدة الأميركية لـ31 تريليون دولار، فهو يعني، أن كل مواطن أميركي مدين بما قد يصل إلى 100 آلف دولار، وفقاً لحسابات مؤسسة بيتر جي بيترسون، ومع الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة الماضية سينمو الدين القومي بمعدل يجعل من الصعب تجاهله.

والأصل في حدوث الديون لأي حكومة، هو محاولة سد عجز الموازنة، والذي يحدث عندما تنفق الحكومة أموالاً في السنة المالية أكثر مما تجنيها من الضرائب، وهذا هو حال حكومات الولايات المتحدة الأمريكية، يحث يتم تمويل الخزانة بالدين والاقتراض قصير الأجل، ولكن كانت السنتان الماضيتان باهظتا الثمن، حيث وتمت الموافقة على العديد من القوانين ذات التكلفة الكبيرة منذ بداية الوباء، بما في ذلك قانون خطة الإنقاذ الأميركية، الذي كلف 1.9 تريليون دولار، و750 مليار دولار لتخفيف ديون الطلاب، وكل ذلك يزيد العجز، الذي يضاف بعد ذلك إلى الديون.

وعلى الرغم من أن قانون خفض التضخم، الذي تم إقراره في أغسطس، من المتوقع أن يقلل العجز بمقدار 240 مليار دولار، فمن المتوقع أن تضيف السياسات والبرامج التي أدخلتها إدارة بايدن تريليونات أخرى خلال العقد المقبل، وتقدر لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة CRFB، وهي منظمة غير ربحية تتناول الميزانية الفيدرالية والمسائل المالية، أنه سيتم إضافة 4.8 تريليون دولار إلى العجز بحلول عام 2031.

من يملك الدين القومي لأمريكا؟

والملفت للنظر حالياً، أنه يتم إنفاق أكثر من 965 مليون دولار يومياً فقط في الفوائد على الدين القومي الأمريكي، وتقدر مؤسسة بيترسون أن ذلك سيتضاعف 3 مرات خلال العقد المقبل، مما يجعله العنصر الأسرع نمواً في الميزانية الفيدرالية، وعندما تدين الحكومة بالكثير، يصبح من الصعب على الشركات اقتراض الأموال.

وتدير وزارة الخزانة الأمريكية الدين القومي، والذي ينقسم إلى نوعين مختلفين: الديون التي تدين بها وكالة حكومية لأخرى، والديون التي يحتفظ بها الجمهور، وتمثل الديون الخارجية حوالي 7.5 تريليون دولار فقط من إجمالي الديون، حيث أن الجزء الأكبر من الدين مملوك للجمهور، ففي الوقت الحالي، هذا يساوي حوالي 24 تريليون دولار.

وتمتلك الحكومات الأجنبية وكذلك البنوك والمستثمرون من القطاع الخاص وحكومات الولايات والحكومات المحلية والاحتياطي الفيدرالي معظم هذا الدين، ويتم الاحتفاظ به في أوراق مالية وسندات وسندات الخزانة، فيما تعد الحكومات الأجنبية والمستثمرون من القطاع الخاص من أكبر حاملي الدين العام، حيث يمتلكون حوالي 7.7 تريليون دولار.

وعلى الصعيد المحلي، يمتلك الاحتياطي الفيدرالي الحصة الأكبر من الدين العام، بحوالي 40%. ولكن هناك أخبار سارة عندما يتعلق الأمر بالديون التي يمتلكها الاحتياطي الفيدرالي، بينما يمتلك الاحتياطي الفيدرالي الكثير من الديون الحكومية، حيث تدفع الخزانة مدفوعات الفائدة إلى الاحتياطي الفيدرالي، ولكن بعد ذلك يستدير الاحتياطي الفيدرالي ويعيدها إلى الخزانة - وهذا يخفف من بعض المشكلات".

أكبر 5 دول دائنة للولايات المتحدة

وإلى الآن تحتل اليابان المرتبة الأولى، بين الدول التي تمتلك حصة في ديون الولايات المتحدة الامريكية، من بين الدائنين الخارجيين لواشنطن، علما أن أكبر مالك للديون الأميركية عامة هو في الواقع حكومة الولايات المتحدة التي تحتفظ بسنادت الخزانة المالية في حسابات حكومية مختلفة وصناديق معاشات تقاعدية، وترتيب الدول الخمسة الأولى من دائني أمريكا الخارجية هي:  

1 – اليابان .. احتفظت بـ1.3 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية وفقا لبيانات مايو 2022، بنسبة 16.8% من الديون الخارجية التي اقترضتها الولايات المتحدة.

2 – الصين .. تحتل الصين المرتبة الثانية بعد اليابان بين حاملي الديون الأمريكية الأجنبية بحيازات خزانة بقيمة تناهز 1 تريليون دولار وفقا لإحصاءات مايو 2022.

3 - المملكة المتحدة .. زاد المستثمرون البريطانيون حيازاتهم من الديون الأمريكية إلى 647.4 مليار دولار بحسب أرقام مايو 2022.

4- أيرلندا .. للوهلة الأولى قد يبدو مستغربا أن تكون أيرلندا هي رابع أكبر حامل للديون الأميركية، لا سيما عند مقارنة اقتصادها الصغير بدول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا، لكن أحد الأسباب الرئيسية لترتيب أيرلندا هو حقيقة أن العديد من الشركات الأميركية متعددة الجنسيات، مثل "جوجل"/ "ألفابت" والفروع الأوروبية للتكنولوجيا وشركات الأدوية، أقامت متاجر هناك للحصول على ضرائب أكثر تفضيلا على العائدات الأجنبية، ثم تستثمر هذه الشركات أموالها الزائدة في استثمارات مختلفة منخفضة المخاطر، بما في ذلك ديون الخزانة. وبحسب أرقام مايو 2022، كانت إيرلندا تمتلك 334.3 مليار دولار من الديون الأمريكية، وهو ما يمثل 4.31% من إجمالي الدين الخارجي.

5 – لوكسمبورج .. هي خامس أكبر حامل للديون الأمريكية بين البلدان الأجنبية، بينما تمتلك واحدا من أعلى نسب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 116356 دولارا اعتبارا منذ عام 2020، قد يكون هذا الترتيب بسبب وضع لوكسمبورغ كملاذ ضريبي، حيث يوقف المستثمرون الأثرياء أموالهم في ملكية محلية، ثم يتم استثمار الكثير من هذه الثروة في أوراق مالية مختلفة، بما في ذلك سندات الخزانة، ووبحسب مايو 2022، كانت لوكسمبورج تمتلك 325.6 مليار دولار في سندات الخزانة الأمريكية، أي ما يعادل 4.2% من إجمالي الحيازات الأجنبية.

دول الخليج تمتلك أذوات دين بـ221.7 مليار دولار

فيما زادت دول مجلس التعاون الخليجي استثماراتها في أذون وسندات الخزانة الأمريكية (أدوات الدين الحكومية)، إلى 221.7 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2021، وتصدرت السعودية أكبر حائزي السندات الأمريكية بين دول الخليج، وفق بيانات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، إذ بلغت استثماراتها 119 مليار دولار، وجاءت الكويت في المرتبة الثانية، بإجمالي استثمارات 46.4 مليار دولار.

وحلّت الإمارات في المرتبة الثالثة، بإجمالي استثمارات 44.8 مليار دولار، ثم سلطنة عُمان 5.4 مليارات دولار، وقطر 4.8 مليارات دولار، والبحرين 1.4 مليار دولار، وما تعلنه الخزانة الأمريكية في بياناتها الشهرية، هو استثمارات دول الخليج في أذون وسندات الخزانة فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة سواء كانت حكومية أو خاصة.