أثارت واقعة مقتل طفل بشكل بشع في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، تساؤلات واسعة حول الدور الذي يلعبه الإنترنت، وتحديداً “الدارك ويب”، في تناقل وانتشار مثل هذه الجرائم.
ما هو الدارك ويب؟
وفقًا لبيان صادر عن النيابة، طلب أحد الأفراد، وهو مصري مقيم في الكويت، من آخر مقيم في مصر تنفيذ هذه الجريمة مقابل مبلغ مالي يبلغ خمسة ملايين جنيه.
وما زالت النيابة تجري تحقيقاتها لمعرفة دوافع وأسباب هذه الجريمة.
ووفقًا للتقارير الإعلامية الرسمية، فإن التحقيقات الأولية أظهرت أن الشخص الذي أمر بارتكاب الجريمة طلب تصويرها عبر تقنية "الفيديو كول" لبيعها على “الدارك ويب”.
ربما تكون قد سمعت عن “الدارك ويب” كوجهة لتبادل الأنشطة غير المشروعة وغير الأخلاقية، ومن المهم أن نعرف أن الوصول إلى هذه الشبكة ليس مباشرًا عبر المتصفحات العادية مثل جوجل ويوتيوب وسفاري وإنترنت إكسبلورر أو ميكروسوفت إدج، بل يتطلب الأمر تثبيت تطبيقات خاصة بالمتصفحات التي تتيح هذه الوصول.
وقال المهندس أيمن مخلوف، مستشار الأمن السيبراني لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إنه عادة ما يلجأ الأشخاص لدخول الدارك ويب، حتى لا تتمكن أي جهة أو شخص من تحديد هويتهم، لممارسة أنشطة غير قانونية، وهو يشبه الفضاء الإلكتروني أو الإنترنت المحيط، ويقع"الدارك ويب" في القاع المظلم من ذلك المحيط.
وأضاف مخلوف أنه كانت هناك حوادث كثيرة، استدرج خلالها الأطفال إلى "الدارك ويب"، من خلال ألعاب يلعبونها على الإنترنت العادي أو ما يعرف بـ"الإنترنت السطحي".
وأوضح أنه "في بعض الأحيان، يتحدث أشخاص إلى أطفال يتعرفون عليهم عبر غرف التشات (المحادثة) الخاصة باللعبة، ويبدأون في إرسال هدايا للأطفال. كما يرسلون إليهم روابط تصفح لدخول مواقع “الدارك ويب، وفي أحيان أخرى يستدرج القراصنة الأطفال، عبر طلبهم مقابلتهم في مكان ما واختطافهم”.
وتابع: “الدارك ويب قد يمر على أي متصفح للإنترنت يومياً دون أن يعلم”.
وذكر أنه عندما يقوم بعض الأشخاص بإنزال أفلام أو مسلسلات سينمائية بشكل غير قانوني، من الممكن أن يتم تنزيل، بجانب الأفلام، روابط يسرق القراصنة من خلالها بيانات الشخص ويخترقون موبايله.
وبعدها، يستطيعون اختراق الكاميرا وتصويره في أي وقت حتى لو كان غير متصل بالإنترنت، ليبتزوه لاحقاً مستخدمين الصور الخاصة به.
أما في حال دخل بعض الأشخاص "الدارك ويب" لمعرفة محتواها من باب الفضول، فالأمر ليس بسيطاً على الإطلاق، إذا سيكون الشخص فريسة سهلة للقراصنة والمحتالين، وستُعرض بياناته للخطر.
كما أنه يصعُب ملاحقة المحتالين أو تحديد هويتهم عبر تلك الشبكة الخفية، إذ إن مواقعها والبيانات التي يتم تداولها عبرها "مُشفرة"، كما أن أنواع التشفير المستخدمة في تطويرها متطورة للغاية، و"يكاد من المستحيل ملاحقتها أو تتبعها"، بحسب المهندس أنطونيوس ميخائيل، خبير الأمن المعلوماتي.
تطوّر “الدارك ويب” لأول مرة في منتصف التسعينيات على يد باحثين عسكريين أمريكيين، بهدف حماية البيانات الحكومية وضمان الأمن القومي الأمريكي، وتحقيق الفصل بين هذه البيانات والبيئة الإلكترونية العامة.
في الوقت الحالي، تستخدم بعض الدول والوزارات "الدارك ويب" لتخزين وحفظ بيانات حساسة، مما يعكس الثقة في هذا النظام الخاص بالشبكة.
وبخصوص هذا الأمر، يشير خبير الأمن السيبراني أيمن مخلوف إلى أن الهدف الأساسي من إنشاء "الدارك ويب" كان حماية البيانات، لكن استخدم بشكل سلبي في وقت لاحق لأغراض غير مشروعة.
وعدم إلمام الأهل بشكل جيد بالإنترنت يعرض أطفالهم للمخاطر في هذا الفضاء الإلكتروني الواسع، حيث قد يتعرضون للمحتوى غير المناسب أو التواصل مع أشخاص غير معروفين.
ويمكن أن يؤدي الجهل بالتقنية إلى عدم القدرة على مراقبة أنشطة الأطفال على الإنترنت، ما يجعلهم عرضة لخطر التعرض للمحتوى الضار أو التواصل مع أشخاص يمكن أن يكونوا غير آمنين.
من المهم تعلم الأهل عن كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن، والتحدث مع أطفالهم بشكل مفتوح حول المخاطر المحتملة وكيفية التصرف بشكل آمن على الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الأدوات والتطبيقات التي تساعد على مراقبة نشاط الأطفال على الإنترنت وتقييد الوصول إلى مواقع غير مناسبة لعمرهم.
باستخدام الوعي والتوجيه الصحيح، يمكن للأهل تقديم بيئة آمنة لأطفالهم على الإنترنت وتقليل المخاطر التي قد يتعرضون لها.