حول أداء الجامعات الأهلية الدولية والأهلية الجديدة

مما لا شك فيه أن هناك طفرة كبيرة قامت بها الدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيما يتعلق بإنشاء وتطوير التعليم الجامعي ليكون متفقا مع تطورات العصر ومستحدثاته، لا سيما تطوير الجامعات الحكومية، بإنشاء جامعات أهلية منبثقة عنها أو بإنشاء جامعات دولية في مصر، حيث تتمثل أهمية إنشاء الجامعات الأهلية الدولية في تلك المرحلة التاريخية الهامة التي تمر بها البلاد والعالم من حولنا، حيث تعتمد هذه الجامعات على أحدث النظم العالمية، وتقدم برامج دراسية بينية متميزة، تواكب متطلبات سوق العمل المعاصر والمُستقبلي، كما هو معلن عنها من قبل الحكومة، خاصة أن إنشاء الجامعات الأهلية الدولية جاء نتيجة الدعم الرئاسي المستمر، لإتاحة تعليم جامعي يقدم برامج دراسية حديثة، بواسطة تزويد هذه الجامعات بالورش والمعامل المُجهزة بأحدث الوسائط التكنولوجية، لتقديم تجربة تعليمية عملية مُتميزة.

كما أن الجامعات الأهلية الدولية (الملك سلمان الدولية، والعلمين الدولية، والجلالة، والمنصورة الجديدة)، تعُد من جامعات الجيل الرابع الذكية، والتي نجحت في توقيع العديد من اتفاقيات وبروتوكولات التعاون الهامة مع مختلف المؤسسات التعليمية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي خلال عام 2022؛ بهدف صقل مهارات وخبرات الطلاب، وتقديم تجربة تعليمية فريدة ومتميزة؛ لتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل المُستقبلي.

يضاف إلى هذا أن استمرار جهود الجامعة في القيام بدورها في تنمية وخدمة المجتمع المحيط بها، والاهتمام بتنظيم الندوات التوعوية والتثقيفية والمؤتمرات وتشجيع الطلاب على المُشاركة الإيجابية في الأنشطة الطلابية والمسابقات المختلفة؛ لتنمية مهاراتهم وخبراتهم وتزويدهم بالمعارف المتنوعة، يعد من الأدوار المنتظرة منها ومن باقي الجامعات الحكومية والخاصة تجاه بلادنا والمستقبل، وأن تتوقف الأخيرة عن فكرة بيع الشهادات الجامعية لمن يشتري أكثر، والتجارة الباهظة في التعليم، وتحصيل مبالغ طائلة بالعملة الأجنبية، دون تقديم تعليم حقيقي يسهم في دفع عجلة الإنتاج إلى الأمام!

وعندما نتطرق أولا إلى الجامعات الدولية والتي بدأت العمل في مصر منذ عامين تقريبا، فسوف نجد  أن جامعة الملك سلمان الدولية مثلا وقعت العديد من بروتوكولات التعاون مع عدد من المؤسسات، ومنها: توقيع بروتوكولي تعاون مع الهيئة العامة للرعاية الصحية، والمُنظمة العربية للسياحة؛ بهدف تبادل الخبرات وعقد الندوات والمؤتمرات لطلاب الجامعة وأطباء هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء، وتعزيز الترابط بين الجامعة والمجتمع المُحيط، كما وقعت الجامعة بروتوكول تعاون مع شركة “هواوي تكنولوجيز” العالمية، وشركة “سيمنس” الألمانية، فضلاً عن توقيع بروتوكولات تعاون مع معهد بحوث الصحراء والمنتدى المصري للتنمية المُستدامة، ومؤسسة "ماجروهيل التعليمية" العالمية. كما أكد رئيس الجامعة.

بالإضافة إلى أنه تم تنظيم العديد من الفعاليات والمؤتمرات، ومنها: تنظيم مؤتمر التعليم الطبي الدولي بالتعاون مع رابطة التعليم الطبي في أوروبا، وتنظيم دورة تدريبية بالشراكة مع شركة Bloomberg، كما نظمت كليات الجامعة العديد من المعارض للطلاب، بالإضافة إلى المُشاركة في يوم الصحة العالمي، وتنظيم رالي السيارات الكهربائية في نسخته الرابعة EVER 2022، كما دعمت الجامعة طلابها المُتميزين للحصول على الثلاثة مراكز الأولى في مسابقة التحدي الأخضر للاستدامة بالتعاون مع شركة شنايدر إلكتريك، كما نظمت الجامعة العديد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية؛ لدعم مجتمع جنوب سيناء، إضافة إلى تنظيم المؤتمرات العلمية المعنية بالتنمية المستدامة والزراعات بالمناطق الصحراوية والتغيرات المناخية.

كما  أن الجامعة لديها ثلاثة أفرع بمدن “الطور، ورأس سدر، وشرم الشيخ” بمحافظة جنوب سيناء، وهي أول جامعة ذكية في سيناء تسعى إلى تقديم برامج أكاديمية ومهنية مُتميزة، بهدف إعداد كوادر بشرية مؤهلة لتلبية احتياجات سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.

وطرحت الجامعة أيضا عددًا من البرامج المميزة خلال العام الجامعي 2022/2023، وذلك في عدة مجالات، ومنها “العلوم الهندسية، وهندسة الحاسبات، وعلوم الحسابات، والصناعات التكنولوجية، والعلوم الأساسية المُتقدمة، والزراعات الصحراوية، والطب، وطب الأسنان، والعلوم الصيدلية، والطب البيطري، والتمريض، والعلوم الإدارية والأعمال، واللغات التطبيقية، والسياحة والضيافة، والفنون والتصميم”.

كما وقعت جامعة العلمين الدولية، بروتوكول تعاون مع جامعة ويست فيرجينيا الأمريكية؛ لمنح درجات علمية مُزدوجة، وكذلك توقيع اتفاقية شراكة مع منصة التعلم الإلكتروني الدولية "كورسيرا"؛ لإتاحة مُقررات ومشروعات وندوات أكاديمية وتعليمية لطلاب الجامعة، مُقدمة من جامعات عالمية، كما وقعت الجامعة اتفاقية تعاون مع جامعة "ليون 3" الفرنسية؛ لطرح برنامج دراسي مُشترك في مجال الإعلان والاتصال، بحيث يحصل الطالب بموجبه على شهادة مزدوجة، بالإضافة إلى اتفاقية تعاون مع جامعة "لويفيل" الأمريكية في مجال الهندسة الحيوية وهندسة وعلوم الحاسبات، بحيث يحصل الطالب على شهادة مُزدوجة!

وكذلك وقعت بروتوكول تعاون مع الأكاديمية الدولية للصحة المُجتمعية، واتفاقية شراكة مع مؤسسة "اتصال"، وبروتوكول تعاون مع كلية آل مكتوم للتعليم العالي بإسكتلندا، كما اعتمد مجلس الجامعة مذكرة التفاهم مع جامعة ألاباما الأمريكية.

كما حصل 4 طلاب من الجامعة على منحة تدريب ثلاثة أشهر بجامعة لويفيل بالولايات المتحدة الأمريكية، كما شاركت الجامعة في العديد من المؤتمرات والمنتديات وورش العمل، وكذلك تنظيم عدد من الندوات التوعوية والتثقيفية للطلاب، وإطلاق عدد من القوافل الطبية، وذلك في إطار الخدمة المُجتمعية التي تقوم بها الجامعة تجاه المجتمع المُحيط بها.

كما أن الدراسة بجامعة العلمين الجديدة تعتمد على استخدام الرقمنة والأنشطة التفاعلية، وبها العديد من البرامج الدراسية المميزة في عدة مجالات خلال العام الدراسي 2022/2023، ومنها “الهندسة، وهندسة الحاسبات، وعلوم الحاسب، والعلوم الأساسية المُتقدمة، والعلوم الصيدلية، والعلوم الإدارية والأعمال، والفنون والتصميم، وطب الأسنان، بالإضافة إلى برنامج الصحة العامة وهو مجال مُتفرد”.

كما وقعت جامعة الجلالة اتفاقية تعاون مع جامعة أريزونا ستيت الأمريكية لمنح شهادات مُزدوجة في العديد من المجالات والبرامج الدراسية، وكذلك بروتوكولات تعاون مع جامعة برمنجهام بإنجلترا، وجامعة ETS كيبيك بكندا، وشركة هواوي لإنشاء أكاديمية هواوي لدمج التدريب العملي بالمناهج الدراسية، بالإضافة إلى اتفاقية تعاون مع جامعة هيروشيما اليابانية، فضلًا عن توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون مع العديد من الهيئات والمؤسسات المصرية، ومنها: الهيئة العربية للتصنيع، والبريد المصري، ومؤسسة مصر الخير، وتوقيع مُذكرات تفاهم مع كلية الطب بالقوات المسلحة، والأكاديمية البحرية، وجامعات حلوان وعين شمس وطنطا.

واستضافت الجامعة، وفقا لتصريحات رئيسها، العديد من المُنتديات والمؤتمرات الدولية، ومنها المُنتدى الإقليمي الأول للعلوم المفتوحة في الدول العربية، والنسخة الأولى من مُنتدى ومعرض مصر للابتكار وتنظيم ندوة لمناهضة «العنف ضد المرأة»، وإطلاق فعاليات أسبوع القراءة في دورته الأولى، بالإضافة إلى استضافة سفيرة البرتغال في مصر؛ لبحث آليات تعزيز التعاون المُشترك بين جامعة الجلالة والجامعات البرتغالية، وكذا وفد رؤساء الجامعات النيجيرية والسودانية لبحث سبل التعاون المشترك، وتنظيم مؤتمر الشباب الأول للجامعات، ومؤتمر البحر الأحمر للنقل البحري واللوجستيات في نُسخته الأولى، والمؤتمر الدولي الأول لمجال التمريض.

كما أطلقت الجامعة مُبادرة خاصة بذوي الهمم، فضلًا عن تنظيم العديد من الرحلات الترفيهية والميدانية؛ لربط الدراسة النظرية بالتدريبات العملية، كما أطلقت الجامعة اليوم الطبي للفحص المجاني لـ"السكر وضغط الدم وقياس الوزن" لجميع العاملين والطلاب بالجامعة، وكذلك تنظيم حملة للتبرع بالدم بالتعاون مع بنك الدم الإقليمي، بالإضافة إلى المشاركة بجناح في المنطقة الخضراء على هامش انعقاد مؤتمر COP 27.

كما طرحت جامعة الجلالة 35 برنامجًا دراسيًا في 14 مجالاً دراسيًا خلال العام الدراسي 2022 – 2023؛ لإعداد كوادر مؤهلة ومدربة تلبي متطلبات سوق العمل المُستقبلي، بالإضافة إلى تقديم منح خاصة للمتفوقين علميًا ورياضيًا ولأبناء الشهداء من القوات المسلحة والشرطة والجيش الأبيض، وذلك طبقًا للقواعد واللوائح الداخلية للجامعة.

كما وقعت  جامعة المنصورة الجديدة، بروتوكول تعاون مع جامعة كيبيك بكندا، وتحالف الجامعات الأهلية الذكية، والذي يضم بالإضافة لجامعة المنصورة الجديدة جامعات “الجلالة، والعلمين الدولية، والملك سلمان الدولية”، بالشراكة مع الهيئة العربية للتصنيع وشركة سيمينس العالمية؛ لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي بين الجامعات الأربع، وكذا بروتوكولات تعاون مع جامعة المنصورة، ووكالة الفضاء المصرية، وشركة شومان للصناعات الهندسية بالمنطقة الصناعية بمدينة جمصة، وعقد شراكة بين كلية علوم وهندسة الحاسب ومعهد تكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وجارٍ الاتفاق على توقيع عدد من بروتوكولات التعاون مع عدة جامعات دولية مرموقة، منها “جامعة إيست لندن، ونورث كارولينا بالولايات المُتحدة الأمريكية، وجامعة نوتنجهام البريطانية، وجامعة تسكيجي بولاية ألاباما بالولايات المتحدة الأمريكية”.

كما عقدت الجامعة ندوة علمية لفريق بحثي من جامعة فريدريك شيللر بألمانيا، وندوة حول الشمول المالي والتحول الرقمي، وندوة حول الآثار السياسية والاقتصادية والبيئية للتغيرات المناخية بالتزامن مع "COP27"، وأطلقت الجامعة عدة حملات توعوية وتثقيفية حول مرض البول السكري، وسرطان الثدي، وحملة للتبرع بالدم، إضافة إلى تنظيم الماراثون السنوي للجامعة، وقد فاز فريق كلية علوم وهندسة الحاسب بالجامعة في هاكاثون التغير المناخي.

وعن الجامعات الأهلية الجديدة "المنبثقة عن الجامعات الحكومية" والتي بدأت الدراسة في 12 جامعة منها منذ أقل من عام تقريبا من أكتوبر 2022، والتي جاءت تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتطوير منظومة التعليم العالي في مصر، والتوسع في إنشاء جامعات أهلية بمعايير عالمية، تستجيب لحاجات سوق العمل فى مواكبة التطور المعاصر فى البرامج الدراسية الحديثة على المستوى الدولى، وإتاحة فرص أكبر لتعليم جامعى يقوم على الشراكات مع الجامعات الدولية ذات السمعة المتميزة.

وبلغت تكلفة إنشاء وتجهيز المرحلة الأولى 39 مليار جنيه. 

وهذه الجامعات الأهلية الجديدة خرجت من رحم الجامعات الحكومية، وتم تنفيذها وفقًا لنظم الجامعات الذكية من حيث توفير التجهيزات الفنية، والاحتياجات الإنشائية اللازمة لتقديم تعليم متميز. واهم الجامعات الأهلية الجديدة التى بدأت الدراسة فى هذا العام الدراسى هى “أسيوط الأهلية - المنصورة الأهلية - بني سويف الأهلية - حلوان الأهلية - الزقازيق الأهلية - بنها الأهلية – الإسماعيلية الجديدة الأهلية - جنوب الوادي الأهلية - المنوفية الأهلية - المنيا الأهلية - شرق بورسعيد الأهلية - الإسكندرية الأهلية”. 

لذا،  أعتقد أن الجامعات الأهلية الجديدة المنبثقة عن الجامعات الحكومية قدمت رافدًا مهمًا من روافد التعليم العالي فى مصر، وعملت على تخفيف الضغط على الجامعات الحكومية، واستيعاب الزيادة على الطلب في التعليم الجامعي المتزايد في مصر، وهي لا تهدف إلى تحقيق الربح، وإنما يتم استخدام المصروفات الطلابية في تحديث المعامل وتطوير المنظومة التعليمية، وأعمال الصيانة اللازمة، كما أنها تُسهم في التنمية للمدن الجديدة.

بالإضافة إلى أن الجامعات الأهلية الجديدة تطبق أحدث نظم الجامعات الذكية (جامعات الجيل الرابع)، وعلى مستوى نظام القبول بالجامعات تتبع مرحلة تنسيق مُستقلة تمامًا عن تنسيق الجامعات الحكومية، وذلك بذات الحد الأدنى المُخصص للجامعات الخاصة المُعلن عنه من جانب مجلس الجامعات الخاصة، حيث قام مكتب التنسيق للجامعات بإعداد طوابع للكليات التي ستتيحها الجامعات الأهلية هذا العام للطلاب، كما أن الالتحاق بهذه الجامعات يتم بنفس طريقة الالتحاق بالجامعات الحكومية، من خلال تطبيق نظام العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلاب المُتقدمين للالتحاق بهذه الجامعات، كما تقدم منحًا للطلاب المتفوقين وفقًا لمجموعة من الضوابط تعلن عنها كل جامعة!

تجربة الجامعات الأهلية الجديدة، سواء الدولية أو المنبثقة من الجامعات الحكومية، تحتاج إلى المزيد من الاهتمام الحكومي حتى نرتقي بالتعليم العالي والبحث العلمي، ودفع عجلة الإنتاج والاقتصاد في مصر، وهو ما نحرص عليه جميعا لأجل الوطن الغالي الذي نعمل من أجله.