شهران كاملان يصارع المرض في غرفة العناية المركزة، يدعو الجميع له بالشفاء لدماثة خلقه وأدبه الجم..
محمود الجماس الصحفي الشاب لم يرتكب ذنبا أو جُرمًا، فقط طالب بحقه الطبيعي في ميراث والده عن جده.
أحلام كبيرة في الجسد الضئيل
حمل صاحب الجسد الضئيل محمود الجباس ابن مركز دمنهور في البحيرة، أحلامه الكبيرة، وشد الرحال إلى القاهرة، حيث يدرس الإعلام بجامعة الأزهر، لم يكن يدري أن هناك من يتربص به وينتظر اللحظة المناسبة للفتك به.
كان محمود يمتاز بسمعة طيبة وسط أهله وجيرانه، والتحق الشاب بالعمل محررًا صحفيًا بإحدى الصحف، وحقق نجاحا في عمله بسبب تفانيه في العمل، دون أن يدري أنه يقضي وقتا فقط، وأن القدر كتب نهاية لعمره وأحلامه.
اتصال نهاية الرحلة
قبل شهرين، بينما انهمك محمود في عمله، تلقى اتصالا من والدته بوقوع شجار بين مع عمه بسبب الميراث، ورغم اعتياده على ذلك النوع من الشجار منذ 20 عاما، وعد والدته بالحضور.
قصة الإرث طويلة، مفادها تقسيم الجد ما يملكه من أرض بين والد محمود وعمه، وشاءت الأقدار أن تدخل أرض والد محمود كردون المباني، ليشتاط العم غضبا، وحاول اغتصاب حق شقيقه، وبدأ في التهديد والوعيد بحرمان والديّ محمود من "فرحة عمرهما" الصحفي الشاب، أن لم يسلماه أرضهما.
المحطة الأخيرة في أحلام الجماس
ما أن وصل محمود إلى بلدته، وذهب للتفاهم مع عمه وأبنائه، فوجئ بالهجوم عليه بالركلات والصفعات واللكمات، وهو الشاب الأعزل المسالم، وانتهى الأمر بتلقي ضربة قوية بماسورة حديدية على رأسهه سقط على أثرها أرضا والدماء تتدافع من رأسه.
سارع الجيران لنقل محمود إلى مستشفى دمنهور، مصابا بنزيف داخلي، ليتم وضعه فورا بغرفة الرعاية المركزة.
شهران يصارع الموت
طوال شهرين لم يتوقف تضرع الأم للمولى عز وجل بالدعاء لابنها باستعادة وعيه، حيث يمكث في العناية المركزة بدون حول منه ولا قوة، خاصة أن كلمات الأطباء لم تطمئن قلبها الملتاع.
صباح اليوم الخميس، شاهدت الأم عبر زجاج غرفة الرعاية المركزة، الأطباء ينزعون الأجهزة عن جسد محمود الضئيل، وخرجت الممرضات وعلى ملامحهن علامات الأسى، لتلقي احداهن القنبلة التي لم تتمنَ الأم سماعها: "البقاء لله.. شدي حيلك".
حق ولدي لازم يرجع
بصوت مختنق ولوعة أم فقدت فلذة كبدها، طالبت والدة الزميل محمود الجماس بحق ابنها، مرددة بقلب محروق: "حق ولدي لازم يرجع.. ابني كان زينة الشباب".
وتابعت بنحيب: "عمه كان بيكرهه، وكان دايما يقولنا هاحرق قلبكم عليه، وفي يوم الحادثة ضربه بماسورة حديد على راسه، تسببت في النزيف الداخلي، وتم نقله للعناية المركزة، ليظل فيها لمدة شهرين فاقدًا للوعي".
من هو محمود الجماس؟
ولد محمود أحمد الجماس في إحدى قرى محافظة البحيرة، في 10 مارس 1997، والتحق بالمعهد الأزهري وأتم حفظ القرآن الكريم وتجويده، ثم التحق بكلية الإعلام جامعة الأزهر ليخرج منها صحفيا مصريا، له قلم ينطق بصوت الشارع والناس.
أجرى الجماس مجموعة من الدراسات بعد انتهائه من الدراسة ليحصل على شهادة الماجستير قسم الصحافة والنشر من جامعة الأزهر.
وشهد زملاء محمود في العمل على مدار مسيرته العملية بدماثة الخلق وحسن التعامل، وكان يتسم بالرجولة والأصالة وحسن النية.