الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حمى الأجيال من الأسلوب السوقي.. تعرف على كامل كيلاني شخصية معرض الطفل

كامل كيلاني
كامل كيلاني

أثار كامل كيلاني، رائد أدب الطفل، شخصية معرض الطفل، المرافق لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ54، المقرر انطلاقها يناير المقبل، اهتمام الباحثين في التاريخ الأدبي المعاصر، وخصوصاً في الفترة الأدبية الخصبة التي قدر لـه العيش فيها مع مطلع القرن الماضي إلى العقد السادس منه، ومعايشته لكل الأحداث السياسية والأدبية والشعبية، ابتداءً من سقوط الدولة العثمانية، ومشاهداته للأحداث التي سادت خلال الحرب العالمية الأولى ومن ثم الثانية، وما تخللهما من ثورة مصرية شهيرة على  الاحتلال الإنجليزي في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى ثورة الضباط الأحرار وسقوط الملكية في وطنه مصر ومن قبلها سقوط فلسطين والقدس بأيدي الغزاة.

وفي هذه الأجواء المحتشدة، نشأ كامل كيلاني إبراهيم كيلاني في شرق القاهرة، وفي حي القلعة الذي يتميز عن غيره بعطر التاريخ والآثار والمساجد الإسلامية الشهيرة، فقد ولد في العشرين من شهر أكتوبر سنة 1897م، وقضى الكيلاني طفولته في الحارات المصرية القديمة، في منزل يحب العلم والثقافة، في عائلة صغيرة، لديها مشكلاتها وخصوصياتها شأنها شأن العائلات المماثلة، إلى جانب إحساس بنبوغ مبكر، وإرهاصات هيأت لهذا الرجل نوافذ ومقومات، جعلته فيما بعد ينال عشرات الألقاب منحه إياها عدد كبير من الأدباء والشعراء والكتاب وكبار المسؤولين السياسيين. 

ودرس الكيلاني الثانوية في "مدرسة القاهرة" التي نال منها شهادة الثانوية، وعكف أثناء ذلك على دراسة الأدب الإنجليزي، ثم تعلم اللغة الفرنسية، ثم انتسب إلى الجامعة المصرية (1917– 1920م)، وكان متفوقاً في دراسته.

وبعد أن تخرج في الجامعة عمل مدرساً للغة الإنجليزية والترجمة، فقد أتقنها الإنجليزية وكما أتقن الفرنسية وعرف مبادئ الإيطالية، وكانت بداية عمله في المدرسة التحضيرية، ثم نقل إلى مدرسة الأقباط الثانوية بدمنهور، وفي عام (1922م)، انتقل للعمل في وزارة الأوقاف، وظل فيها حتى يناير (1954م)، وكان آخر منصب شغله بالوزارة؛ منصب سكرتير مجلس الأوقاف الأعلى.

وارتبط اسم كامل كيلاني بأدب الطفل، فبات الطفل وأدبه نسيجاً منه، بكل ما يحف هذا الأدب الرفيع من هموم وشجون ومشاق، فأدب الأطفال – بكل أشكاله- أضحى اليوم مجالاً خصباً للورود والبحث والدراسة المتشعبة، وذلك لدور هذا الأدب الرفيع في تشكيل شخصية الطفل، والمساهمة في بنائها إنسانياً ودِينياَ وفكرياً وإبداعياً ونفسياً.

وحرص الكيلاني أن تلتئم قصصه مع أذواق الأطفال، فكان يختار أحسن القصص وأكثرها روعة وجمالاً ويدأب على الروية والتمهل والتدبر في صوغها وتنسيقها بأسلوب قصصي جذاب، وأجمل صورة بيانية تلبس ثوباً أخاذاً، وكان يبذل كل ما في وسعه لتكون قصصه نواةً صالحة لتثقيف الأطفال وتهيئة أذهانهم لتذُّوق الأدب العربي الزاخر وفهم أسلوبه العالي، وقد كان يرفض البيان الركيك الضعيف، والألفاظ السوقية المستهجنة والمبتذلة المعيبة، والأسلوب الذي يجمع إلى ضعف التركيب؛ تفاهة المعنى والتواء التعبير، فهو يسعى ليعجب الطفل بالقصص، فأراد أن يحمي الجيل الجديد من البيان المشوه المضطرب، ومن الأساليب القصصية الركيكة والعبارات السقيمة، والأسلوب السوقي العامي النازل الطبقة، الذي يزحم الأدمغة ويفسد الأسلوب، من أجل ذلك فإنه صاغ قصصاً أصيلة في العروبة.