الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قلعة قايتباي في خطر.. ماذا فعلت التغيرات المناخية وكيف تتصدى لها الدولة

صدى البلد

كشف تقرير التنمية البشرية لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنه بحلول عام 2050، قد يرتفع منسوب البحر المتوسط بمقدار متر واحد نتيجة الاحترار العالمي.

قلعة قايتباي مهددة بالغرق

وأكد التقرير أنه في حال ارتفاع منسوب البحر بمقدار نصف متر، قد يغرق نحو 30% من مدينة الإسكندرية، ما سيتسبب في نزوح ما يقرب من 1.5 مليون شخص أو أكثر، كما يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى فقدان 195 ألف شخص وظائفهم.

وتتوقع الدراسات، أن يرتفع مستوى البحر الأبيض المتوسط مترا واحدا في غضون العقود الثلاثة المقبلة، وفقا لأسوأ توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، ويقول خبراء الأمم المتحدة، إن مستوى البحر الأبيض المتوسط سيرتفع أسرع من أي مكان آخر في العالم تقريبا.

وتنفذ الدولة المصرية مجموعة من المشروعات بهدف حماية الشواطئ بمدينة الإسكندرية، حيث تلقى الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري تقريرا من المهندس أحمد عبد القادر رئيس هيئة حماية الشواطئ، يستعرض الموقف التنفيذي لمشروعات حماية الشواطئ بمدينة الإسكندرية.

واستعرض الدكتور سويلم عملية حماية وتطوير المنطقة أمام قلعة قايتباي، والذي يهدف لحماية القلعة من الأمواج العالية والنحر المستمر في الصخرة الرئيسية المقام عليها القلعة، بالإضافة لتنمية وتطوير المنطقة أمام القلعة لجذب وتنشيط ودعم الاستثمارات السياحية بالمحافظة.

ويتضمن المشروع إنشاء حاجز أمواج حول القلعة بطول 670 مترا، والذي يتضمن تنفيذ الحاجز الرئيسي والرصيف البحري ومشاية في مدخل الحاجز بتكلفة تصل إلى 270 مليون جنيه وبنسبة تنفيذ 83%، ومن المتوقع نهو جميع الأعمال بالمشروع في منتصف عام 2023.

وقلعة قايتباي التاريخية بمدينة رشيد، والتي بنيت عام 1477 من قبل السلطان أشرف سيف الدين قايتباي، تتأثر بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية، فقد أدى ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب تغيرات المناخ إلى انهيار جزئي في القلعة في عام 2017،  فالأمواج أصابت الجزء الشمالي من القلعة محدثة ثقوباً في جدرانها.

وعانت قلعة قايتباي بمدينة رشيد في العام 2021 من ارتفاع في منسوب المياه الجوفية لمجاورتها للنيل.

وقال الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية: إن هناك مشروعا لخفض منسوب المياه يعمل بكفاءة، ولكن نتيجة غزارة كمية المياه الناتجة عن الأمطار حدث عطل مفاجئ في أحد الطلمبات وتوقفت عن العمل مما أدى إلى تجمع المياه.

وحسب دراسة صادرة عن برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية - فإن مصر عانت خلال الثلاثين عاما الماضية من حالة احترار قوية، تسببت في زيادة متوسط ​​درجات الحرارة بمقدار 0.53 درجة مئوية لكل عشرة سنوات، وينتظر أن تواجه البلاد خلال السنوات المقبلة موجات متصاعدة من الحر والعواصف الترابية، ما يضع التراث الأثري المصري في موضع خطر داهم.

وقال الباحث مصطفى عبد الله في هذه الدراسة: "يتوقع أن تتعرض الأثار القريبة من ساحلي البحر المتوسط والأحمر لخطر الغرق تحت مياه البحر، وذلك بسبب ذوبان الجليد القطبي، وتمتلك مدينة الإسكندرية اثني عشر موقعا أثريا أغلبها مهدد بالغرق حال ارتفاع منسوب المياه على مدار العقود المقبلة، وقبل حدوث ذلك يُنتظر أن تؤثر الحموضة العالية لمياه المتوسط على أساسات المباني العتيقة والقطع الأثرية القريبة من شاطئه أو الغارقة بداخله، وهو ما قد يؤدي إلى انهيارات كاملة في بعضها، فيما قد تتعرض آثار أخرى إلى انهيارات جزئية".

وفي رسالته للدكتوراه استخدم إسلام كمال -مدرس إدارة مواقع التراث الثقافي بكلية السياحة في جامعة مدينة السادات عن تقنيات الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية لتقييم تأثيرات التغيرات المناخية على عدد من المواقع التراثية المصرية.

التغيرات المناخية وآثار مصر

وكشفت النماذج المناخية المستقبلية، أن ارتفاع متوسط مستوى سطح البحر إلى مترين بحلول عام ألفين ومائة يهدد بغرق قلعة قايتباي بنسبة 44%، ووفقًا لأكثر السيناريوهات تفاؤلًا فارتفاع متوسط مستوى سطح البحر 32 سم يهدد بغرق نسبة 11% من مساحة القلعة، "ليس لدينا رفاهية الانتظار؛ فإذا غمرت المياه الموقع الأثري ولو بنسبة 1% فإن الضرر قد وقع".

وقامت الدولة المصرية بتنفيذ العديد من المشروعات في مجال حماية الشواطئ وخاصة في دلتا نهر النيل، مشيرا إلى أن هذه المشروعات تمثل نموذجاً ناجحاً للعمل الحقيقي على أرض الواقع للتكيف مع التغيرات المناخية، ومنها:

  • تم إطلاق مشروع بتكلفة نحو مليار و341 مليون جنيه لإنشاء أعمال الحماية البحرية بطول الساحل بمحافظة الإسكندرية، وذلك لحماية الشواطئ والمناطق المعرضة لخطر ارتفاع مياه البحر شملت: (مشروع الحماية البحرية لقلعة قايتباى، ومشروع حماية سور الكورنيش الأثري بمنطقة المنشية ومحطة الرمل، وإنشاء حواجز للأمواج من شواطئ المنتزه حتى ميامي ومشروع حماية منطقة السقالات بخليج أبو قير لحماية المنطقة، ومشروع حماية الحائط الأثري لأحواض الأسماك داخل المنتزه ، ومشروع الحماية من بئر مسعود وحتى المحروسة، وسلسلة من الحواجز الغاطسة لحماية منطقة الكورنيش أمام فندق المحروسة).
  • تم افتتاح أول سوق بالجملة في العالم يعمل بالطاقة الشمسية بالإسكندرية حسب ما قاله اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية في مارس 2022.
  • تطبيق مبدأ التعايش مع البحر كتقنية جديدة باستخدام وسائل حماية غير تقليدية وصديقة للبيئة مثل استخدام ناتج تكريك البواغيز، وقنوات الاقتراب للموانئ البحرية في تغذية الشواطئ التي تعرض للنحر مع عمل مشروعات تجريبية مثل الجسور الرملية لحماية الدلتا من النحر.
  • الدولة نفذت أعمال الحماية لحوالي 25% من سواحل الدلتا البالغ طولها 220 كيلو متر بوسائل متعددة من حوائط الأمواج.
  • نجحت الدولة فى وقف ظاهرة النحر وتراجع خط الشاطئ أمام مدينة رأس البر، واكتساب أراضى جديدة من البحر.
  • تنفيذ مشروع لحماية الشريط الساحلي لبحيرة الملاحة شرق تفريعة قناة السويس بطول 4،5 كيلومتر من إجمالي 16 كيلو متر، ويتمثل في المنطقة الواقعة بين البوغازين "القلعة"، والكيلو 2، وذلك بهدف حماية الشريط من عوامل النحر التي يتعرض لها والتى أدت إلى قطع الشريط مما تسبب فقدان البحيرة للكثير من ثروتها السمكية، وذلك بتكلفة 38 مليون جنيه.
  • تنفيذ مشروع حماية كورنيش  الإسكندرية في المسافة بين بئر مسعود، وحتى المحروسة بطول 2 كيلو متر بتكلفة تقديرية 189 مليون جنيه وتشمل إنشاء حواجز غاطسة بأطوال 1550 متر حيث تعمل الحواجز الغاطسة على تقليل ارتفاعات الأمواج.

واستعرض وزير الري عملية تدعيم وحماية كورنيش الإسكندرية تجاه المنشية ومحطة الرمل، والذي يهدف لحماية سور وطريق الكورنيش بالمنطقة من هجمات البحر أثناء موسم النوات، وذلك من خلال إنشاء حائط بحري بطول 835 مترن تجاه الكورنيش بداية من أعمال الحماية القديمة المكتملة، ويتكون قطاع الحماية من كتل خرسانية زنة 5 أطنان وأحجار بتدرجات مختلفة وبتكلفة 76 مليون جنيه، وقد تم نهي الأعمال والاستلام النهائي للمشروع.

كما استعرض سويلم عملية حماية وتدعيم الحائط البحري الأثري للأحواض السمكية بالمنتزة، والذي يهدف لحماية الحائط البحري الأثري وكوبري المنتزة حتى الفنار من الأمواج العالية وعمليات النحر المستمرة، والتي تسببت في حدوث تصدعات وانهيارات جزئية للحائط البحري وأساسات الكوبري الأثري.

ويتضمن المشروع إنشاء حائط بحري بطول 280 مترا ومعالجة وتدعيم الجزء المنهار من الحائط الأثري، وتدعيم أساسات الكوبري وتنفيذ بلاطات خرسانية أعلى الحائط الأثري وحماية الحائط البحري الأثري وكوبري المنتزة من الداخل وتدعيم منطقة دوران الفنار بتكلفة 76 مليون جنيه، وقد تم الإنتهاء من جميع الأعمال وجاري عمل ختاميات المشروع.

وصرح سويلم - بأن المشروعات المنفذة بمدينة الإسكندرية تعد جزءاً من مشروعات حماية الشواطئ التي تقوم الوزارة بتنفيذها بهدف مواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية، وحماية المواطنين والمنشآت، والعمل على استقرار المناطق السكنية والصناعية والمدن الجديدة، وحماية بعض القرى والمناطق المنخفضة من مخاطر الغمر بمياه البحر، حيث تم تنفيذ أعمال لحماية 210 كيلومتر من السواحل المصرية وجارى العمل في 45 كيلومتر أخرى.

واختتم الوزير، أن دلتا نهر النيل تعد من أكثر المناطق حول العالم والتي تتأثر سلبا بالتغيرات المناخية لذلك تقع حمايتها في بؤرة اهتمامنا.