الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا الاحتكار ضارّ جدًا بالمجتمع؟.. 5 أمور يكشفها الأزهر

مجمع البحوث الإسلامية
مجمع البحوث الإسلامية

لماذا الاحتكار ضارّ جدًا بالمجتمع؟..سؤال أجاب عنه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

الاحتكار يدمر الأوطان 

وقال البحوث الإسلامية إن الاحتكار يدمر الأوطان، كما أن له جملة من الأضرار منها: 
1ـ سبب رئيسي لرفع الأسعار في السوق. 
2ـ  يقتل روح المنافسة التجارية الشريفة. 
3ـ يتسبب في عدم تكافؤ الفرص بين التجار والمستثمرين.
4ـ  يسهم في انتشار الأسواق السوداء، واستغلال حاجات الناس. 
5ـ يساعد على انتشار الكثير من الأمراض الاقتصادية والاجتماعية مثل: البطالة، والتضخم، والكساد، والرشوة.

حكم الاحتكار 

وقالت دار الإفتاء، من إحدى خصائص المعاملات المالية في الإسلام مراعاتها لمصالح أطراف المعاملة جميعًا بحيث لا يلحق ضرر مؤثِّر بأحد الأطراف، وتلك الخصيصة طبيعة لما يمليه العدل الكامل الذي رسَّخته الشريعة الإسلامية، وكل ذلك لأن المعاملات مبناها على التشاحح لا المسامحة، ولأجل تحقيق هذا المقصد نهى الشارع عن بعض الممارسات التي قد تضر بمصالح بعض أطرافها، وسدَّ بطريقة محكمة منافذ هذه الممارسات بما يجفف منابعها.

من تلك الممارسات ما يعرف بـ"الاحتكار" الذي هو أحد الأسباب الرئيسة في ظهور ما يعرف بـ"السوق السوداء".

والاحتكار في اللغة يأتي لمعانٍ، منها: الضيق، والقلة، والاحتباس، والاستبداد. وكل المعاني والاستعمالات اللغوية للاحتكار تحمل معنى سوء الخلق، وكون الإنسان ظالمًا في معاملاته، بما ينبِّئ عن نفرة النفس عن هذه الممارسة الضارة.

وتعريف الفقهاء للاحتكار فيه تباين نظرًا لما ضمَّنه كل فقيه من شروط وأحكام قد لا يراها فقيه آخر؛ فعند الشافعية: هو شراء طعام غير محتاج إليه وقتَ الغلاء لا الرخص وإمساكه وبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق. "نهاية المحتاج" (3/ 472، ط. دار الفكر).

وعرَّفه الحنفية بأنه: حبس الطعام للغلاء. "العناية" (10/ 58، ط. دار الفكر).
وعند الحنابلة: هو شراء قوت الآدمي وادِّخاره للضرر. "المبدع" (4/ 47، ط. دار الكتب العلمية).

ولم يذكر المالكية حدًّا للاحتكار، لكن المأخوذ من كلامهم أنه حبس شيء من الطعام أو غيره في وقت يضرُّ احتكاره فيه بالناس. "البيان والتحصيل" (17/ 284، ط. دار الغرب الإسلامي).

والمعنى الملاحظ في كل هذه التعريفات أن الاحتكار فيه تضييق على الناس يلحق بهم ضررًا، وأنه يتحقق بشراء الشيء وقت الغلاء وحبسه مع احتياج الناس إليه ليبيعه بأزيد من ثمنه.

وقد ورد النهي عن الاحتكار في عدة أحاديث، منها: حديث معمر رضي الله عنه: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» رواه مسلم، وفي رواية: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ».

ومنها: حديث أبي أمامة رضي الله عنه: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ أَنْ يُحْتَكَرَ الطَّعَامُ" رواه الحاكم في "المستدرك" وغيره.

ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً، يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ خَاطِئٌ» رواه أحمد والحاكم والبيهقي واللفظ لأحمد.

وحديث معقل بن يسار رضي الله عنه: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أحمد والحاكم والبيهقي والطبراني.

وروي بسند ضعيف: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» رواه ابن ماجه والبيهقي في "السنن".
وقد حمل جمهور الفقهاء هذه الأحاديث على الحرمة؛ لأن نفي الاحتكار الوارد في حديث معمر رضي الله عنه أبلغ في الدلالة على التحريم من النهي، لأنه بمعنى لا ينبغي لأحد أن يفعل هذا، كما أن المخطئ هو الآثم العاصي؛ يقول الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 261، ط. دار الحديث) بعد إيراده أحاديث الاحتكار: [ولا شك أن أحاديث الباب تنتهض بمجموعها للاستدلال على عدم جواز الاحتكار ولو فرض عدم ثبوت شيء منها في الصحيح، فكيف وحديث معمر المذكور في "صحيح مسلم"، والتصريح بأن المحتكر خاطئ كافٍ في إفادة عدم الجواز].

والتصريح بالطعام في حديث أبي أمامة رضي الله عنه لا يصلح حمل النهي المطلق في الأحاديث الأخرى عليه؛ لاحتمال كونه من باب التنصيص على فرد من أفراد المطلق لا لنفي الحكم عما عداه.

لكن هذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، يكاد يتفق الفقهاء على ثلاثة منها، وهي: الشراء وقت الغلاء، والمراد بالشراء شراء السلعة الموجودة في البلد، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس. "بدائع الصنائع" (5/ 129، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" (4/ 227، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب" (2/ 37، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"المغني" (4/ 154، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" لابن أبي عمر (4/ 47، ط. دار الكتاب العربي).

فإذا اختل واحد من هذه الثلاثة فلا يكون احتكارًا، فلو حبس السلعة ولم يكن للناس في المحبوس حاجة، أو حبسها مع بيعها بثمن المثل، أو اشتراها في حال الضيق والغلاء ليربح فيها بلا حبس، فلا يُعدُّ احتكارًا؛ وكذا لو حبس ما تنتجه أرضه من زرع أو مصنعه من سلع، أو استورد سلعة من خارج البلد وحبسها فلا يُعدُّ احتكارًا ولو مع غلو ثمنها، شريطة ألا يكون بالناس ضرورة إليها بحيث يصيبهم ضرر بالحبس؛ لأن المقصد من منع الاحتكار إنما هو الضرر الواقع على مجموع المستهلكين جرَّاء حبس السلعة وقت الضيق والغلاء، وهذه الصور نصَّ عليها فقهاء الشافعية وبعضها تفهم من ظاهر العبارات؛ يقول الإمام الماوردي في "الحاوي" (5/ 411، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الاحتكار والتربص بالأمتعة، فلا يكره في غير الأقوات، وأما الأقوات فلا يكره احتكارها مع سعة الأقوات ورخص الأسعار؛ لأن احتكارها عند الحاجة إليها، وأما احتكارها مع الضيق والغلاء وشدة الحاجة إليها فمكروه محرَّم... ولو اشتراها في حال الغلاء والضيق طالبًا لربحها لم يكن احتكارًا] .