الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزيادة السكانية في مرمى المؤسسات الدينية.. المفتي: استعمال الوسائل المنظمة للحمل جائز شرعا.. وزير الأوقاف: تصحيح المفاهيم الخاطئة للقضية السكانية من صميم تجديد الخطاب الديني

الزيادة السكانية
الزيادة السكانية في مصر
  • الزيادة السكانية في مرمى المؤسسات الدينية 
  • مفتى الجمهورية:
  • تحديد النسل جائز شرعًا
  • الدين يدعو للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية حتى لا تؤدي إلى الفقر
  • وزير الأوقاف:
  • تنظيم النسل واجب فى ظل الظروف الاقتصادية التى تشهدها البلاد ضرورة لا مفر منها
  • خالد الجندي:
  • البطالة والأمية والزيادة السكانية أخطر معوقات التنمية الاقتصادية
     

الزيادة السكانية خطر داهم يهدد المجتمع المصري لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد ومسيرة التنمية التي تنتهجها الدولة في كل مرافقها حاليا، ورغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة، إلا أن الأمر أصبح في حالة يرثى لها، بسبب حالة عدم الإدراك العام لمخاطر الزيادة السكانية.

وقد بذلت المؤسسات الدينية في مصر جهودا مضنية لمواجهة هذا الخطر الداهم، فدشنت الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج، ونظمت حملات التوعية لتجوب كل محافظات مصر، وتخصيص خطبة الجمعة للحديث عن هذه القضية.

وفي هذا التقرير، يعرض "صدى البلد" أزمة الزيادة السكانية وتنظيم النسل من المنظور الدينى وآراء العلماء فيها.

فى البداية، قال الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، إن تحديد النسل جائز شرعًا، وإنه يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما، ولا ينطبق على هذه الوسائل التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق لأنهم لم يتكونوا بعد.

وأكد أن رأي الدين يدعو دائمًا للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعي ذلك من قوله عز وجل: “فإن خفتم ألا تعدلوا”.

وأضاف المفتي أن دار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وهذه المنظومة التي نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.

ولفت إلى أن إضاعة المرء لمن يعول ليس فقط بعدم الإنفاق المادي بل يكون أيضًا بالإهمال في التربية الخُلقية والدينية والاجتماعية، فالواجب على الآباء أن يحسنوا تربية أبنائهم دينيًّا، وجسميًّا، وعلميًّا، وخُلُقيًّا، ويوفروا لهم ما هم في حاجة إليه من عناية مادية ومعنوية.

ونبَّه المفتي على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، مشيرًا إلى أن ذلك داخل في الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل.

ولفت إلى أن تنظيم النسل لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهما الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقر بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.

وأكد أن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع؛ وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم.

من جانبه، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الزيادة السكانية غير المنضبطة لا ينعكس أثرها على الفرد أو الأسرة فحسب، بل قد تشكل ضررا بالغا للدول التي لا تأخذ بأسباب العلم في معالجة قضاياها السكانية.

وقال وزير الأوقاف، فى تصريح له، إن موضوع تنظيم النسل والعملية الإنجابية قد لا يقف عند حدود الحِلِّ فحسب، إنما قد يتجاوز هذا الحِلِّ إلى حالة الضرورة التي لا بد ولا مفر منها.

وأكد “جمعة” أن الكثرة إما أن تكون كثرة قوية منتجة متقدمة يمكن أن نباهي بها الأمم في الدنيا وأن يباهي نبينا (صلى الله عليه وسلم) بها الأمم يوم القيامة فتكون كثرة نافعة مطلوبة، وإما أن تكون كثرة كغثاء السيل عالة على غيرها جاهلة متخلفة في ذيل الأمم فهي والعدم سواء.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن القدرة ليست هي القدرة المادية فقط إنما المادية والتربوية وما يشمل كل جوانب العناية والرعاية، وليست القدرة الفردية فقط إنما هو أمر يتجاوز قدرات الأفراد إلى إمكانات الدول في توفير الخدمات التي لا يمكن أن يوفرها آحاد الأفراد بأنفسهم لأنفسهم، ومن هنا كان حال وإمكانات الدول أحد أهم العوامل التي يجب أن توضع في الحسبان في كل جوانب العملية السكانية.

كما شدد الوزير على أن تصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتصل بالقضايا السكانية يدخل في صميم تجديد وتصويب الخطاب الديني وتصحيح مساره.

وأكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن البطالة والأمية والزيادة السكانية، أخطر معوقات التنمية الاقتصادية في مصر، لافتا إلى أنه لا بد من وضع خطط بنائه لمواجهة تلك المعوقات.

وقال "الجندي"، فى تصريح له، إن الزيادة السكانية تعتبر غولا شرسا يلتهم التنمية الاقتصادية، منوها إلى أن هناك دولا أعدادها قليلة وبالتالي يحاولون إيذاء غيرهم بكثرة الأموال التي معهم.

وشدد على أنه لا بد من خفض معدلات الزيادة السكانية، لأنها تعتبر كارثة مع تخطي ملايين السكان في دولة واحدة.

بينما أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار الأكاديمي السابق لمفتي الجمهورية، مشروعية تنظيم النسل وتقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين والدولة والمجتمع أكثر استطاعة للقيام برعاية الأبناء والنشء رعاية متكاملة دون إرهاق أو حرج أو احتياج غير كريم، مشددًا على أن هذا الرأي هو ما عليه معتمد الفتوى منذ عقود، خاصة إذا وجدت الحاجة الشخصية أو الضرورة المجتمعية التي تقتضي ذلك بصفة مؤقتة أو دائمة.

وقال "عاشور"، إن العبرة في قضية السكان بالكيف وليس بالكم؛ فقد أرجع الشرع الشريف اختيار الحكم فيها إلى تقدير الزوجين وولاة الأمر والجهات المختصة، خاصة أن تلك الجهات هي المنوطة بدراسة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والقضايا السكانية للدولة ورسم خططها التنموية والمستقبلية على جميع الاتجاهات بناء على ما تقرّره الإحصائيات والأبحاث المُتخصصة.

وأضاف أن تنظيم النسل من خلال وسائل منع الحمل طريقة قد استعملها الصحابة "رضي الله عنهم" في عهد النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" ولم ينكر عليهم، من أجل الخوف من كثرة الأولاد والاحتراز من الحاجة إلى التعب والمشقة في اكتساب أسباب المعيشة، بل أحيانًا كثيرة من أجل استبقاء المرأة لجمالها وحُسن زينتها، وأحيانًا أخرى بهدف المحافظة على حياتها خوفًا من أخطار الحمل.

وكشف عاشور أن القيام بهذه الأمور لا يتعارض مع الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا" [الإسراء: 31]، لأن منع حدوث الحمل بمنع أسباب وجود وتخليق النواة الأولى في تكوين الجنين لا يعد قتلا لأن الجنين لم يتكون بعد، فضلًا أن ذلك من باب الأخذ بالأسباب، وذلك كلُّه من مظاهر التوكل على الله الذي هو شأن المسلم في كل أعماله.

ونصح كل أب وأم بألا يدخروا وسعًا في تنظيم النسل لتربية أبنائهما تربية جيدة حتى يكونوا لبنة نافعة في صرح الوطن ولبنة قوية في كيان المجتمع، كما نصح المهتمين بهذا الأمر باتخاذ الوسائل التشجيعية الكفيلة بنجاح التوعية وضمان الإقبال وجدية التأثير، خاصة في الأوساط والطبقات الحريصة على كثرة النسل، وفي ذلك خروج من "الأمة الغثائية" إلى "الأمة القوية".