الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسم موقفه مسبقا..

الصاوي: لا صحة لتأخر الأزهر في عرض قانون زواج الأطفال على النواب

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

أكد الكاتب والصحفى أحمد الصاوى، رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر، أن الأزهر الشريف وإمامه الأكبر حسموا قضية زواج الصغيرة منذ سنوات مضت بتأييد تحديد سن قانونية للزواج، ودعمت المشيخة كل الجهود لتجريم زواج الأطفال، سواء كانت جهود تشريعية أو مجتمعية، أو توعوية، طوال الـ 14 عاماً السابقة، باعتبار أن من يمارسون هذا السلوك يستندون لأعراف وتقاليد ليست من الدين. 

وحول مشروع القانون المعروض على اللجنة التشريعية لمجلس النواب بشأن تجريم زواج الأطفال، أكد الصاوى أن المشروع أرسلته الحكومة ممثلةً فى وزارة العدل إلى الأزهر الشريف، فى فبراير من العام الجارى؛ لاستطلاع الرأى، وتمت إحالته إلى هيئة كبار العلماء التى أبدت ملاحظاتها، وتم إرسال خطاب بالرأى إلى وزير العدل، فى 8 مارس 2022. 

ونفى الصاوى أى علمٍ بوجود مخاطبة جديدة من اللجنة التشريعية لمجلس النواب بخصوص ذات القانون حتى الآن، وتابع: بالرجوع إلى الجهات المختصة داخل الأزهر الشريف تبيَّن أنه لم تصل حتى الآن أى مكاتبات من مجلس النواب ولجانه بخصوص هذا المشروع، وآخر تعامل للأزهر الشريف كان مع المشروع المقدَّم من الحكومة. 

وفيما ثار جدل بين النواب حول انتظار رأى الأزهر، فى ضوء إعلان رئيس اللجنة أن المجلس خاطب الأزهر طالباً رده، منذ يوليو الماضى وإرساله استعجال للرد قبل أسبوع، أكد الصاوى تلقيه إفادات موثقة من مسؤولى الأزهر بعدم وجود أى مخاطبات من البرلمان بشأن هذا الموضوع، فيما عدا المشروع المرسل من الحكومة، والذى تم الرد عليه والموافقة، وفق ما جاء فى كلمة ممثل الحكومة أمام اللجنة فى ذات الاجتماع، وأن هذا الجدل كله الذى دار فى اجتماعات اللجنة التشريعية بُنى على معلومات غير دقيقة، بحسب كافة الجهات الأزهرية المعنية.

وقال الصاوى إن التعاون بين الأزهر الشريف ومجلس النواب كبير وهناك تنسيق على مستوى عالٍ، ولا توجد مشروعات قوانين مرسلة من المجلس ولجانه يتأخَّر الأزهر فى الرد عليها؛ تقديراً للمجلس وأعضائه واختصاصه التشريعى الذى لا يُنازعه فيه أحد. 

وجدَّد رئيس تحرير صوت الأزهر التأكيد على أن الأزهر الشريف ليس جهة تشريع، وأن حدود دوره فى إبداء الرأى الشرعى فى بعض القوانين التى لها صلة بالشريعة الإسلامية وفق المحددات الدستورية.

وأشار الصاوى إلى أن مجمع البحوث الإسلامية سبق أن وافق بإجماع أعضائه على مسودة مشروع قانون لوزارتى الصحة والعدل لتجريم زواج القاصرات، فى عام 2017، فى دور الانعقاد البرلمانى السابق، لكن هذا المشروع على الأرجح لم يتم إقراره من البرلمان فى حينه بسبب انتهاء دور الانعقاد، كما سبق ووافق الأزهر على تحديد سن الزواج ب1٨ عاماً فى مشروع قانون الطفل عام 2008. 

وحول الموقف الأزهرى الفقهى من المسألة ذكر رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر بما أكده فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ أن سن قوانين فى عصرنا الراهن للقضاء أو الحد من ظاهرة زواج القاصرات عن طريق تحديد سن معينة للزواج أمرٌ لا يُخالف الشريعة الإسلامية فى شىء، لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لنا زوِّجوا أطفالكم قبل البلوغ؛ موضحاً أن عدم وجود نص صريح قاطع ينهى عن هذا الأمر أو يُبيحه يُسمَّى فى الفقه "منطقة فراغ تشريعى"، والذى دعا الفقهاء إلى التصدِّى لهذه الظاهرة أنها كانت تُوجد أحياناً؛ لذلك كان لا بد أن يُواكبوها بالتشريعات.

وأوضح شيخ الأزهر الشريف فى تصريحات نشرتها جريدة "صوت الأزهر"، فى أكتوبر من عام 2017، أن مسألة تحديد سن لزواج الفتيات تخضع لظروف العصر وللتغيُّر، فهناك مجتمعات كانت هادئة وأفرادها غير مهتمين بالتعليم وغيره من مقتضيات العصر الحديث، فهذه يكون لها حكم فى تحديد السن يختلف عن مجتمعاتنا المعاصرة التى يهتم أفرادها بالتعليم ويشترطون الوصول إلى درجة معينة فيه والحصول على شهادة تعليمية إلى آخره، وكون القانون الآن يُحدد سن الزواج بـ 18 عاماً؛ فأهلاً وسهلاً ولا مانع من هذا.

وقال الإمام الطيب: "أنا أميل إلى تحديد سن الزواج بثمانية عشر سنة على الأقل كحد أدنى؛ لأن الفتاة - وحتى الشاب – أقل من ذلك لا تزال تحتاج إلى رعاية كبيرة من أجل أن تستوعب ماذا تعنى الأسرة؟، وماذا يعنى انتقالها من بيت أسرتها إلى بيت تنفرد بإدارته؟، وكيف تتعامل مع شخص جديد عليها؟، وكيف تُربِّى أبناءها؟".

وأضاف شيخ الأزهر الشريف، أن مسألة زواج القاصرات محل خلاف بين الفقهاء؛ فغالبيتهم يُجيزون هذا الزواج، وبعضهم منعه وجعل العقد فيه باطلاً ولا تترتب عليه أى آثار شرعية؛ مؤكداً أن الخلاف الذى وقع بين الفقهاء حول هذه المسألة هو خلاف على زواج الصغيرات اللاتى بلغن وليس اللاتى لم يبلغن سن الحُلم، وبالنظر إلى طبيعة الزواج وإلى مقاصد الشريعة منه، نجدها تقف إلى جوار هؤلاء المانعين، لأنه حين يتم الزواج بين شاب بالغ وفتاة لم تبلغ يكون أحد الطرفين - وهى الفتاة - لا يعى معنى الزواج ولا معنى المسئولية، وحين تبلغ وتدرك وتعى تتغيَّر نظرتها إلى الزواج وربما تنقلب الحياة إلى جحيم لا يُطاق، ولذلك هناك مخاطرة فى هذا الزواج.

وأشار فضيلة الدكتور أحمد الطيب، إلى أن جمهور الفقهاء الذين أجازوا زواج الصغيرات اللاتى بلغن سن الحُلم للتو؛ لم يكونوا مستبدين برأيهم على المجتمع، ولكنهم أفتوا بهذا الرأى لأن هذا النوع من الزواج كان موجوداً أو شبه موجود فى المجتمع، وكان هناك أيضاً زواج بمعنى العقد دون الدخول، وهو إبرام عقد زواج على فتاة صغيرة لم تبلغ بعد سن الحُلم، وهذا النوع من الزواج يقع غالباً لمصالح معظمها مادية ومالية، ولا علاقة للدين بها، مؤكداً حق ولى الأمر الذى هو المشرِّع حالياً تقييد ذلك بالقانون الملزم، لأن مقاصد الشريعة الإسلامية تُؤيد منع زواج الصغيرة، والضرر الذى يقع على الفتاة بسبب مثل هذه الزيجات لا يقره الشَّرع ولا يرضى به. 

وكانت الصفحة الرسمية للأزهر الشريف، نشرت فى أكتوبر من عام 2017 فيديو تلخيصى لموقف الأزهر من زواج القاصرات تحت عنوان "زواج القاصرات.. ضرر لا يقبله الشرع"، تضمن رؤية الأزهر وشيخه الأكبر، وتوعية بجوانب الضرر الصحى والنفسى لمثل هذه الزيجات.