الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب المسجد الحرام: الشيطان عدو لا يفتر ولا يقصر في محاربة العباد

خطبة الجمعة من المسجد
خطبة الجمعة من المسجد الحرام

أوصى الشيخ فيصل بن جميل غزاوي إمام وخطيب المسجد الحرام، المسلمين بتقوى الله عز وجل فتقوى الله وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) .

الشيطان عدو لا يفتر ولا يقصر في محاربة العباد

وقال خطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : مما يجب ألا يغيب عن كل مسلم أن الشيطان عدو لا يفتر ولا يقصر عن محاربة العباد قال سبحانه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ فهُوَ لا يزال يعادينا بكل ما يستطيع، فَعلينا أن نستفرغ الوسع في محاربته ونُحرِز أنفسنا من كيده بملازمة ذكر الله ولا نكون ممن قال الله فيهم (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) .

وبين خطيب المسجد الحرام أن من المسائل الدقيقة التي قد تخفى على كثير من الناس وتُعدُّ من مكايد الشيطان الخبيثة ومكره الكبار ألا يكتفي بإيقاع العبد في المحرمات، بل يوقعه أيضاً في ترك الواجبات؛ إذ قد يصاحب وقوعَ العبد في المعصية قنوط من التوبة وشعور بالعجز أن ينفك عن حاله؛ فيدفعه ذلك إلى ارتكاب جميع المعاصي ويكون معتقداً أنه مادام مسرفاً على نفسه بالعصيان فلا توبة له ويسوغ لنفسه أن يتوقف عن أداء ما افترض الله عليه وأوجب بحجة أنه لا يصلح للعاصي مثله أن يصلي ويصوم وينصح ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويفعل الخير. 

وأكمل خطيب المسجد الحرام: فما أعظم تلبيس إبليس عليه، إذ سول له أن يقطع صلته بدينه وما يجب عليه! وهذا حال من يغفل عما ينبغي للمذنب أن يعمل، من التوبة والاستغفار والفزع إلى الصلاة، كما أُرشدنا إليه قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) وقال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهم).

وقال: “يا عبد الله: متى ظفر الشيطان منك بخطيئة وأوقعك في زلة فاتَّبع ما أرشدك إليه نبيك صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَأَتْبِعِ السَّيِئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا). وإن قُدِّر أن عدت للذنب بعد التوبة؛ فعليك أن تعود مرة أخرى لهذا الدواء الناجع، وتحذر أن يغلبك الشيطان مرتين مرة بإيقاعك في الذنب وأخرى بتركك الطاعة، وتحرص أن تصنع لك مسارًا ثابتًا للطاعة، لا يتأثر بوقوعك في الذنب وارتكابك المعصية، ومهما غلبتك نفسك فيجب ألا تنقطع عن ثوابت العمل اليومية: القرآنِ والصلاة والذكر والدعاء التي هي زادك الإيماني، وحصنك الحصين” .

ونصح خطيب المسجد الحرام يقول: فيا مخطئاً وكلنا ذوو خطأ: لا تكن كحال من كبله الشيطان ومنعه من الخير والإحسان وحجبته معاصيه أن يُصلح نفسه ويتلافى نقصه؛ فإن من الناس من إذا نصح في ترك شيء من المعاصي امتنع ولم يستجب للنصيحة بحجة أن لديه من كبائر العصيان ما لا يعلمه هذا الناصح وأن الأمر ليس متوقفاً على هذه المخالفة وحسب، وهذا خطأ؛ فكلّ ذنب له توبة تخصّه، ولا تتوقّف التّوبة من ذنب على التّوبة من بقيّة الذّنوب ، كما لا يتعلّق أحد الذّنبين بالآخر، والواجب على العاقل ألا يستجيب لمكر الشيطان وألا ييأسَ من روح الكريم المنان؛ إذ إنّ في النفس البشرية فطرةً طيبة تهفو إلى الخير وتُسَرُّ بإدراكه، وتكره الشر وتحزن من ارتكابه، وترى في الحقّ امتداد وجودها وصحّة حياتها .