الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوروبا تستنجد بمصر ودول المنطقة.. زيارات رفيعة المستوى من قادة القارة إلى سادة الغاز.. القاهرة والخليج والجزائر الشركاء الأقدر على تأمين الطاقة.. وتقدم في اتفاقيات الإنتاج والتوريد

حقل ظهر للغاز الطبيعي
حقل ظهر للغاز الطبيعي

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثامن، وتتابع حزم العقوبات الأوروبية ضد موسكو، لا سيما فيما يتعلق بحظر شراء النفط والغاز من روسيا، أصبحت القارة العجوز في حاجة ملحة لتأمين مصادر بديلة للطاقة، وتزداد تلك الحاجة إلحاحًا مع اقتراب دخول الشتاء.

وفي سبيل تعويض الكميات الضخمة من الغاز الروسي، الذي تعتمد عليه أوروبا في تلبية نحو نصف احتياجاتها من الغاز، تبحث القارة عن أقرب المصادر البديلة إليها والتي تستطيع المساهمة في تلبية جزء معتبر من الطلب الأوروبي على الغاز في ظروف الأزمة.

وبطبيعة الحال، تلتفت أوروبا إلى جوارها المتوسطي والعربي كمصدر غني بالغاز الطبيعي يمكن الاعتماد عليه في تأمين الطاقة بتكاليف معقولة، وبدا هذا الاهتمام الأوروبي واضحًا في زيارات وجولات مسئولي الاتحاد الأوروبي وقادة دوله إلى بلدان المنطقة الغنية بالغاز، وفي مقدمتها مصر ودول الخليج العربي والجزائر.

مصر مصدر الغاز البديل الأقدر

ففي منتصف مايو الماضي، زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصر، حيث استقبلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحثا معًا الروابط القوية التي تجمع الجانبين، خاصةً في ظل التحديات المشتركة التي تواجههما على ضفتي المتوسط، وكذلك التداعيات السلبية التي خلفتها الأزمات الدولية المتتالية خلال الفترة الأخيرة على الاقتصاد الدولي بشكلٍ عام، لاسيما في مجالي الطاقة والأمن الغذائي.

وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية بالعلاقات التاريخية المتميزة التي تجمع الاتحاد الأوروبي بمصر، خاصة في ضوء كونها محورًا للأمن والاستقرار في المنطقة التي تمر حاليًا بمرحلة حرجة من الاضطراب الشديد، مما يجعلها شريكًا استراتيجيًا هامًا للاتحاد الأوروبي.

كما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية اهتمام الجانب الأوروبي بتعزيز التعاون مع مصر في قطاع الطاقة بشكل عام، خاصةً الغاز الطبيعي المسال، وذلك في إطار الموارد الغنية والبنية التحتية المتميزة التي تتمتع بها مصر في هذا الإطار ومحطتي تسييل الغاز الطبيعي في إدكو ودمياط اللتين يتيحا تصدير الغاز، فضلًا عن التعاون في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة لاستغلال ما تمتلكه مصر من موارد، لاسيما الطاقة الشمسية والرياح.

وفي 15 يونيو الماضي، وقع كل من وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين  الحرار، ومفوضة الطاقة والمناخ بالاتحاد الأوروبي كادرى سيمسون، بحضور أورسولا فون ديرلاين رئيسة المفوضية الأوروبية مذكرة تفاهم ثلاثية بشأن التعاون فى مجال تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي ضمن منتدى غاز شرق المتوسط.

وخلال مشاركته في حوار بطرسبرج للمناخ في ألمانيا في يوليو الماضي، أكد الرئيس السيسي استعداد مصر لتقديم ما لديها من تسهيلات، لإيصال الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا.

وقال الرئيس السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، "بحثنا سبل تعزيز تعاوننا في مجال الطاقة على المستوى الثنائي مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي، حيث أكدت على استعداد مصر التام لوضع أسس للشراكة مع ألمانيا في مجال الطاقة بكل أنواعها".

وأشار الرئيس السيسي إلى أن ذلك "سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة بإطار رؤية مصر الطموحة، للتحول لمركز متميز في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، خاصة من الهيدروحين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقة الرياح".

وأضاف الرئيس السيسي "مصر كانت متيقظة جدا، وأنشأت منتدى شرق المتوسط الذي يهدف إلى أن يعظم ويركز على مصادر الطاقة في شرق المتوسط، وأن تتم الاستفادة من التسهيلات والإمكانيات الموجودة في مصر، حتى يصل الغاز لمستهلكيه".

وفي أبريل الماضي، وقعت الحكومة المصرية اتفاقا مع شركة "إيني" الإيطالية لزيادة وتكثيف التعاون في إنتاج الغاز، وتصديره إلى الخارج.

ويهدف الاتفاق إلى تحقيق الاستغلال الأمثل لاحتياطيات الغاز المصري من خلال تعظيم الإنتاج المشترك بين الجانبين، بهدف زيادة معدلات إنتاج الغاز على المدى القصير واستغلال الإمكانات الكبيرة المتاحة في مجال البحث والاستكشاف في مصر.

وفي وقت سابق، قال رئيس بولندا “أندريه دودا”، إن مصر هي المورد المحتمل إلى بلاده للغاز الطبيعي المسال، وذلك في ظل تراجع إمدادات الغاز الروسي بسبب الحرب الأوكرانية.

وأوضح أنه ناقش مع الرئيس عبد الفتاح السيسي إمكانية توريد الغاز المصري المسال، مؤكدا أن مصر بالنسبة لبلاده هي شريك مستقبلي، وأن بلاده تدعم المفاوضات التي تتم بين مصر والاتحاد الأوروبي من أجل تصدير الغاز المصري إلى دول الاتحاد.

مستشار ألمانيا في جولة بحث عن الغاز عبر الخليج

أجرى المستشار الألماني أولاف شولتس جولة خليجية خلال اليومين الماضيين، بحث خلالها مع قادة السعودية والإمارات وقطر سبل التعاون، لا سيما فيما يتعلق بإمداد ألمانيا بالغاز الطبيعي.

وقال شولتس أمس الأحد في أبوظبي إنه تم بالفعل الدفع بـ "سلسلة كاملة" من مشروعات الديزل والغاز المسال مع الإمارات العربية المتحدة، وأكد أهمية الاعتماد على  عدد كبير قدر الإمكان من الموردين في الإمداد بالطاقة، وأكد أيضا أن الاعتماد على مورد واحد "لن يحدث لنا بالتأكيد مجددا".

وتابع "سنفعل ذلك بطريقة منطقية وهي التركيز على المناطق التي تتيح لنا ضمان إمدادات الطاقة"، معتبرا كذلك أنّه "بفضل الاستثمارات في ألمانيا والتي ستصبح حقيقة شيئًا فشيئًا العام المقبل، سيكون لدينا بنية تحتية لاستيراد الغاز لألمانيا بحيث لن نرتبط بشكل مباشر بمورد محدد عبر خط أنابيب".

وأضاف المستشار الألماني أولاف شولتس أنه لمس تقدما في المحادثات الرامية لشراء الغاز الطبيعي المسال والديزل من الإمارات، وقال للصحفيين "نحن بحاجة للتأكد من أن إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم قد تقدم إلى النقطة التي يمكن فيها تلبية الطلب الكبير القائم دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطاقة الإنتاجية الموجودة في روسيا".

وأنهى شولتس أمس الأحد جولته الخليجية من قطر، حيث أوضح أنه ناقش مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني واردات الغاز المسال، متطلعا لإحداث تقدم أكثر في هذا الإطار.

وتأتي زيارة شولتس لقطر غداة حصول شركة "توتال إنرجي" الفرنسية على حصة جديدة في مشروع قطر لزيادة انتاجها من الغاز مع اختيارها كشريك رئيسي في توسعة الرقعة الجنوبية من حقل الشمال الضخم.  وبموجب الاتفاقية، ستمتلك "توتال إنرجي" حصة تبلغ 9,375 بالمئة من مجموع حصص الشراكة الدولية البالغة 25 بالمئة، بينما ستمتلك قطر للطاقة حصة 75 بالمئة من مشروع توسعة حقل الشمال الجنوبي.

ماكرون في الجزائر وعين على الغاز لأوروبا

في أواخر أغسطس الماضي، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة إلى الجزائر استغرقت 3 أيام، أجرى خلالها مباحثات مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون مستكشفًا إمكانيات تعزيز العلاقات بين البلدين المرتبطين تاريخيًا بعلاقات شائكة.

وقال الرئيس الفرنسي خلال زيارته إنه على الرغم من أن فرنسا لا تعتمد على الغاز الجزائري، فإن شراكات الجزائر، على سبيل المثال مع إيطاليا، "مفيدة في الجهد الأوروبي للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي".

وأضاف ماكرون أن الطاقة تشكل مشكلة أوروبية في الوقت الراهن، وسط حاجة إلى بذل مزيد من الجهد، مشيرا إلى أن الجزائر ستساعد على زيادة واردات الغاز.

ووجه ماكرون الشكر إلى الجزائر على زيادة حجم الغاز الذي تزود به إيطاليا، وتابع "إنه جيد لإيطاليا، إنه جيد لأوروبا ويحسن تنويع إمدادات الغاز في أوروبا".

وتزور رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن الجزائر في التاسع والعاشر من أكتوبر المقبل للقاء نظيرها أيمن بن عبد الرحمن بهدف تثبيت الشراكة التي اتفق عليها نهاية الشهر الماضي رئيسي البلدين، حسبما أعلنت رئاسة الحكومة الفرنسية السبت.

وأوضحت الحكومة الفرنسية أنه "تماشياً مع الإعلان المشترك للجزائر من أجل تجديد الشراكة بين الجزائر وفرنسا" والذي تمخّضت عنه زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر نهاية أغسطس، "سيجتمع أعضاء الحكومتين الفرنسية والجزائرية لإعادة تأكيد عزمهم على تعزيز الصداقة بين فرنسا والجزائر وتعميق التعاون الثنائي في مجالات المصلحة المشتركة".