فتحت روسيا فصلا جديدا في معركة الطاقة مع أوروبا، حيث قررت شركة "غازبروم" الروسية إغلاق خط "نورد ستريم 1" الذي ينقل الغاز لأوروبا بشكل كامل وإلى أجل غير مسمى.
وقالت "غازبروم" التي تديرها الدولة، إن أعطالا في التوربين الرئيسي أثرت على خط الأنابيب "نورد ستريم 1"، ما يثير قلق الغرب، حيث يهدد قطع إمدادات الغاز بشتاء قاس جدا على القارة العجوز.
باتت روسيا مصدر تهديدا أمنيا واقتصاديا للقارة العجوز، حيث يستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلاح الغاز، للضغط على الغرب لقبول شروطه في الحرب الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر.
أزمة الطاقة تحاصر أوروبا
يخشى الغرب من أنه مع موجة شتاء قاسية متوقعة وارتفاع الأسعار، قد تصل المنطقة إلى ركود اقتصادي حاد، في ظل الاعتماد على روسيا لتوفير 40% من الغاز الطبيعي للقارة الأوروبية.
وحسب صحيفة "جارديان" البريطانية، يثير القرار الروسي مخاوف جادة بأن تغرق أوروبا في أزمة طاقة حادة.
وجاءت خطوة "غازبروم" عقب موافقة وزراء مالية مجموعة السبع على خطة تهدف لوضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي بصورة عاجلة.
وكان من المقرر أن تعيد روسيا ضخ الغاز في "نورد ستريم 1" بعد توقفه 3 أيام، لكن قبل ساعات من الموعد المحدد أعلنت الشركة الروسية أن تسرب نفطي سيؤدي إلى تعليق الإمدادات لأجل غير مسمى.
وهددت روسيا، في وقت سابق، بقطع إمدادات الغاز بالكامل عن أوروبا، إذا مضى الغرب في خطته لوضع حد أقصى لسعر النفط الروسي.
وفي هذا السياق، قال مفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتيلوني نحن على استعداد جيد لمقاومة استخدام روسيا المفرط لسلاح الغاز".
وأضاف في تصريحات للصحفيين "لسنا خائفين من قرارات بوتين .. طالب الروس باحترام العقود، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك، نحن مستعدون للرد".
ولفت إلى أن تخزين الغاز بالاتحاد الأوروبي بلغ حاليا حوالى 80% بفضل تنويع مصادر الإمدادات"، حتى ولو اختلف الوضع بين دولة وأخرى.
في حين اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنه حان الوقت لتحديد سقف لسعر الغاز المستورد عبر خط الأنابيب من موسكو.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن قرار موسكو بوقف تصدير الغاز "دلسل على استخفافها" بالتزاماتها، وتفضيلها حرق الغاز بدلا من احترام العقود الموقعة.
من جانبه، قال البيت الأبيض إن موسكو تستخدم الطاقة أداة للضغط على أوروبا.
بدائل للغاز الروسي
أشار محللون إلى أن التحرك الروسي، جاء بعدما كشفت ألمانيا عن زيادة مخزونها الشتوي، ما يشير إلى أن القرار هدفه إلحاق أكبر قدر من الضرر بالأوروبيين خلال فصل الشتاء.
ونقلت "جارديان" عن مستثمر سابق في صناعة الطاقة قوله إن استراتيجية بوتين تركت بريطانيا وأوروبا "في حالة من الذعر"، في حين يحاول التكتل الاعتماد على توفير الطاقة من دول ليست كلها صديقة.
وتحاول الدول الأوروبية لإيجاد بدائل للغاز الروسي، لكن مازالت دول أوروبية عدة مثل ألمانيا في حاجة للغاز الروسي، حيث تحاول ملء مستودعات التخزين قبل حلول فصل الشتاء.
وفي وقت سابق، وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إن بلاده لا يمكنها الاعتماد على "نورد ستريم" خلال فصل الشتاء.
فيما أعلنت فرنسا أنها ستقوم تشغيل جميع مفاعلاتها النووية الـ 56 خلال الشتاء، في محاولة للتغلب على أي أزمة متوقعة بالطاقة.
ويمكن لبعض الدول الاعتماد على خط الأنابيب "يامال-أوروبا"، الذي يمر عبر بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا، والذي يبلغ طاقته 33 مليار متر مكعب.
كما تسعى بلدان عدة، على رأسها ألمانيا، لبناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال لزيادة الواردات والتخزين للتغلب على الأزمة.
في حين تعمل النرويج على زيادة الإنتاج، لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه بإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول 2027.
فيما قال وزير الطاقة الهولندي إنه من الممكن اللجوء لحقل خرونينجن الهولندي، لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي على أنه يتعين على جميع الدول الأعضاء خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15%، اعتبارا من أغسطس إلى مارس المقبل.
ومن المنتظر أن يجتمع وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي في جلسة طارئة في بروكسل لمواصلة مناقشة استعداداتهم لفصل الشتاء، بما في ذلك سبل التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الغاز على أسعار الكهرباء للمستهلكين والشركات.