الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شهادات من قلب المعركة.. أوكرانيون يروون لـ صدى البلد لحظات الرعب مع بدء الغزو الروسي

أوكرانيون في الشوارع
أوكرانيون في الشوارع بعد الهجوم الروسي

رغم استعدادهم لاحتمالية اندلاع حرب، لكن المشهد السيريالي الذي حدث في ساعة مبكرة من فجر الخميس، جعل مواطنو أوكرانيا لا يصدقون هول "الكارثة المتوقعة" مع إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شن عملية عسكرية على البلاد، وهجوم قوات جيشه على البنية التحتية العسكرية، ومواقع رئيسية ومطارات عدة في جميع أنحاء الدولة.

وما بين عشية وضحاها، استيقظت ليسيا جوردينكو، التي تعيش في العاصمة كييف، مفزوعة مع أسرتها وأطفالها، على دوي انفجارات هزت مناطق متفرقة من البلاد، بعدما أعطى الرئيس بوتين الضوء الأخضر لبدء العملية الموسعة في أوكرانيا فجر الخميس.

وقالت وزارة الداخلية الأوكرانية إن صواريخ باليستية استُخدمت في الهجوم، بينما سُمع دوي طائرات فوق مناطق عدة بالبلاد.

انفجارات في أوكرانيا

وكانت احتمالات الهجوم قائمة، لكن عقل ليسيا لم يستوعب حتى اللحظة هذا الكابوس المروع الذي لم تكن تتوقعه وتنهي أي حوار عن إمكانية حدوثه، قائلة: "ذهبنا أمس بسلام للخلود إلى النوم على أسِرَّتنا، واستيقظنا اليوم على الحرب".

ومع بدء الانفجارات في تمام الخامسة صباحًا، والتي أصابت المطارات والمواقع العسكرية أولاً، شعرت السيدة الأوكرانية التي لديها 3 أطفال، بالخوف والرعب وكادت عيناها تذرف الدمع، لكنها تمالكت أعصابها، لتهدئ صغارها، والتزمت البقاء في منزلها، وعقب ذلك قادت سيارتها إلى الإسطبل الذي تمتلكه للاطمئنان على خيولها وإمدادهم بالطعام.

وروت ليسيا ما شاهدته عندما خرجت إلى الشارع، فالسماء ملبدة بدخان القصف، والازدحام المروري يبلغ أشده في مناطق كييف، فيما يحاول الناس الهروب والاختباء في أماكن آمنة، لكنهم كانوا يلتزمون بالهدوء والصبر، مع إعلان الجيش الأوكراني تكبيد قوات روسيا خسائر، إذ أكد رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي أن القوات تحارب بنجاح القوات الروسية في معظم المناطق.

كما أعلن زيلينسكي فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية في عموم البلاد، في ظل العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا، داعيًا المواطنين القادرين على حمل السلاح بالانضمام لصفوف قوات الدفاع.

وعلى الرغم من الوضع المتأزم والخوف من تفاقم الأزمة بعدم الوصول إلى حل واستمرار القصف الروسي، إلا أن ليسيا أعلنت عدم تخطيطها للفرار أو مغادرة منزلها، "فلا مكان يستوعبها غير بلدها"، معربة عن ثقتها في السلطات الأوكرانية والجيش.

أما تيتيانا ميشينكو التي تعيش في العاصمة كييف أيضًا، فأحضرت لوازمها واحتياجاتها مستعدة للغزو الروسي لأوكرانيا، بعد اشتعال الصراع، ودق طبول الحرب مع قرار الرئيس الروسي بالاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوجانسك.

وروت خبيرة التجميل الأوكرانية لـ"صدى البلد" لحظات الرعب مع سماع دوي الانفجارات "بدأ الغزو في الساعة 5 صباحًا.. استيقظت وزوجي على القصف الذي أصابنا بالذعر والفزع، لكن كنا مستعدين لهذه اللحظة (قدر الإمكان)، خاصة مع الوضع المرتبك منذ فترة".

وأضافت: "قبل كل شيء وضعنا شريطًا لاصقًا على النوافذ لتخفيف ضغط أي انفجار مرتقب ومنع أي أضرار تلحق بنا، كما اشترينا احتياجاتنا من طعام وماء خشية أي طارئ.. نتابع الأخبار ونطمئن على أقاربنا وأصدقائنا.. الأمر أصبح هادئًا ومستقرًا لكننا نخشى الليل ونخاف من انفجارات جديدة".

مترو الأنفاق يتحول لملاجئ للأوكرانيين
 

وانتاب تاتيانا كوبيتوفا التي تعيش في منطقة زازيميا على بعد 15 كم من العاصمة كييف، الصدمة والفزع مع سماع دوي الانفجارات في قاعدة عسكرية قربها وتحليق طائرات فوق منزلها الذي أغلقت أنواره خشية أي استهداف محتمل، مؤكدة أن الاستيقاظ على دوي قصف هو تجربة مؤلمة مدى الحياة.

ومع إعلان الرئيس الروسي بدء العملية العسكرية على إقليم دونباس، أخذت تاتيانا تتابع الأخبار وتتواصل مع عائلتها وأصدقائها الذين يعيشون في كييف ومناطق أخرى استهدفتها قوات موسكو للاطمئنان عليهم في أعقاب القصف و" المشهد الكابوسي" الذي أوقف الحياة في معظم مناطق البلاد، ودفع شقيقها للفرار من مدينة أوديسا التي تطل على البحر الأسود، إلى جمهورية مولدوفا، لكن الزحام المروري على الحدود أعاقه وأفشل خطته ليعود يائسًا، حسبما روت لـ"صدى البلد".

الذعر يضرب كل مكان حتى المناطق الريفية الآمنة، والتي تعيش تاتيانا في واحدة منهم، بعدما انتقلت إليها منذ 10 سنوات، تاركة العاصمة وصخبها، من أجل مشروعها لإنقاذ وإيواء الحيوانات المشردة ورعايتهم في بيئة مليئة بالطبيعة والحياة.

تاتيانا كوبيتوفا مع عائلتها وحيواناتها الأليفة

"نحن لا نرغب في الحرب والموت.. نريد السلام وحماية منازلنا وأطفالنا.. صلوا من أجلنا"، كانت هذه الجملة تتردد في عقل وعلى شفاه الرسامة ــ التي تبلغ من العمر 37 عامًا ــ تدونها كثيرًا على الصفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، متهمة "الرئيس الروسي بالكذب بإعلانه أن الهدف من العملية العسكرية هو الدفاع عن الناس في المناطق الانفصالية".

ومع كل هذا، تحاول تاتيانا السيطرة على الوضع برغم بعدها عن الاستهداف، لكن لا تستبعد أي شيء خاصة بعد قصف الفجر والذي أصاب طفلها، البالغ من العمر 7 سنوات، بالذعر وأخذ يتساءل عما يحدث وأصوات الانفجار التي يسمعها، لكنها لم تستطع هي وزوجها إفادته بأي إجابة، بالإضافة إلى ذلك تمكنت من شراء الاحتياجات اللازمة من طعام ومياه لعدم الخروج قدر الإمكان من المنزل.

الأطفال تلعب في الملاجئ بأوكرانيا