EN 
على مدار نحو شهرين كاملين، جهزت الشركة الوطنية مصر للطيران، لإطلاق أول رحلة تجريبية على مستوى القارة الأفريقية السمراء، بخدمات ومنتجات صديقة للبيئة على متن الطائرة، تستهدف تقليل استخدام المواد البلاستيكية " أحادية الاستعمال " على متن الرحلة بنسبة 90% .
أولى الخطوات التي اتخذتها مصر للطيران، هي تحديد هذه المنتجات المصنوعة من البلاستيك أحادي الاستعمال، لاستبداله بمنتجات أخرى صديقة للبيئة. فحددت الشركة الوطنية 27 منتجًا على متن الطائرة مصنوعًا من المواد البلاستيكية يتم استخدامهم خلال الرحلة، لما لهم أضرار جسيمة تسير عكس نهج القيادة السياسية نحو حماية البيئة والحد من التغيرات المناخية التي تستهدفها استراتيجة الدولة ورؤية مصر 2030.
تجربة مصر للطيران، في تسيير رحلة بخدمات ومنتجات صديقة للبيئة، لم تكن وليدة الصدفة، ولكن تم الإعداد للرحلة لتكون بالتزامن مع عام استضافة مصر لقمة المناخ المرتقبة في نوفمبر القادم بالتعاون مع الأمم المتحدة، بالإضافة أيضًا إلى اختيار النصف الثاني من شهر يناير لإطلاق الرحلة، ليتزامن مع الاحتفال السنوي بـ عيد الطيران المدني، الذي يحيي هذا العام الذكرى الـ 92 بنجاح رحلة الطيار محمد صدقي إلى أوروبا.
لماذا طائرة الأحلام “دريملاينر”
فاختارت مصر للطيران شعارًا باللون الأخضر ليرمز للبيئة النظيفة، ليكون "Green Service Flight"، تم وضعه على جميع المنتجات والمواد المستخدمة أثناء الرحلة، وأيضًا على كافة مقاعد الطائرة، التي انطلقت من القاهرة قاصدة وجهتها في باريس وعلى متنها 219 راكبًا، كانت مصر للطيران قد منحتهم تخفيضًا على أسعار تذاكرهم الخاصة بالرحلة بنسبة 40% بهذه المناسبة.
بالحديث عن الطائرة، الشركة الوطنية اختارت من أسطولها الجوي لهذه المهمة طراز بوينج787-9 "دريملاينر" المعروفة باسم طائرة الأحلام، لتكون الرحلة الأولى بخدمات صديقة للبيئة، والتي سيسجلها تاريخ الشركة بين دفاتر إنجازاتها نحو مستقبل أكثر استدامة.
طائرة الأحلام أو طراز الدريملاينر التابع لأسطول مصر للطيران، ليست هذه المهمة البيئية الأولى التي يقوم بها هذا الطراز، للتقدم نحو صناعة نقل جوي بلا ملوثات، ولكن قبل عامين، تحديدًا في يوليو عام 2019، أي قبل شهور قليلة من ظهور الجائحة الوبائية كوفيد_19، انطلقت "دريملاينر مصر للطيران"، في أطول رحلة لها بين سياتل والقاهرة، حاملة رسالة ”Clean to Fly” باللون الأخضر تأييدًا لنقل جوي نظيف، حينها تم استخدام الوقود الحيوي بنسبة 30% من الوقود المصنع من المخلفات الزراعية إلى 70% من الوقود العادي للحد من حجم الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود، ناهيك عن أن طراز الدريملاينر الذي تضم مصر للطيران من نوعه 6 طائرات لأسطولها الجوي، يعد أكثر الطائرات كفاءة في صرف الوقود.
ماذا يعني رحلة بخدمات صديقة للبيئة
بالعودة للحديث عن مفهوم رحلة جوية بمنتجات وخدمات صديقة للبيئة، يبدو لك الأمر غير مفهوم أو مختلط نسبيًا ما بين الخدمات ومكونات الطائرة ذاتها. رحلة مصر للطيران الصديقة للبيئة، الذي قادها صباح اليوم، الطيار محمد منار عنبه وزير الطيران المدني، من مطار القاهرة إلى باريس، هي طائرة مصر للطيران نفسها، ولكن تم استبدال نسبة 90% من المواد البلاستيكية (أحادي الاستعمال) المستخدمة على متن الطائرة لأغراض الطعام والشراب وغيرها مما يقدم للراكب من خدمة على متن الطائرة بمكونات بلاستيكية، تم استبدال جميعها إلى منتجات صديقة للبيئة من الورق والكرتون، بحيث يكون قابل للتدوير مرة أخرى والاستفادة منه بدلا من إلقاءه كمخالفات تضرب صحة الأفراد والحياة البحرية أيضًا.
بالإشارة إلى حجم المخلفات التي ينتجها الراكب على متن الرحلة، ذكر الاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا"، أن المسافر الواحد عبر رحلة جوية قصيرة أو طويلة المدى ينتج قرابة 1,43 كيلوجرام من المخلَّفات، تؤثر سلبًا على البيئة وتمثل تحديًا كبيرا أمام الجهود المبذولة لمواجهة تداعيات تغيرات المناخ بسبب تلك الملوثات.
لماذا البلاستيك في خدمات الرحلات
قبل الاسترسال، عن جهود مصر للطيران وخطتها الاستراتيجية الموضوعة نحو مستقبل أكثر استدامة، نود التنوية إلى تقرير أصدرته الأمم المتحدة العام الماضي، حول المواد البلاستيكية، لمعرفة السبب الذي يدفع شركات الطيران حول العالم إلى اللجوء لاستخدامه على متن الرحلات الجوية في الخدمات، بدلا من أي منتجات أخرى. أولا: مُجمل الإنتاج العالمي من البلاستيك يزيد على 400 مليون طن سنويًّا، يعرَّف أكثر من نصفه ضمن المواد البلاستيكية "أحادية الاستعمال"، وينتج قرابة 17% منه في الشرق الأوسط.
شركات الطيران حول العالم، تلجأ لاستخدامه، لتكلفته الزهيدة، وانتاجه السهل ووزنه أيضًا الخفيف، وهو ما تحتاجه حمولة الطائرة واقتصاديات الطيران أيضًا، ولكن هذه المميزات يقابلها ضرر أيضًا، فالأضرار البيئة للبلاستيك تتنوع في إسهامه في غلق المجاري المائية الطبيعية، كما أنه يوفر بيئة مناسبة لنمو العوامل المُمرِضة وانتشارها، ويضر بالحياة البحرية، وتتوافر أدلة عالمية أيضًا على إمكانية تسرُّب البلاستيك إلى السلاسل الغذائية، ما قد يتسبب في أزمات صحية متنوعة.
2025 جميع رحلات أوروبا نظيفة
وفقا لتصريحات الطيار محمد أبوالعينين رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، والذي رافق وزير الطيران، في الرحلة الأولى على مستوى القارة الأفريقية بخدمات صديقة للبيئة، ليقودها في طريق العودة من باريس إلى القاهرة، قال إن الشركة تخطط مستقبلا أن تكون جميع رحلاتها صديقة للبيئة مما يؤكد ريادة مصر للطيران في صناعة النقل الجوي كونها أول شركة طيران أنشئت في أفريقيا والشرق الأوسط وسابع شركة علي مستوي العالم.
وأضاف رئيس مصر للطيران، أن الشركة الوطنية تستهدف أن يكون العام الجاري 2022 بداية لانطلاق العديد من "مبادرات التنمية المستدامة"، حيث تم وضع جدول زمني لتكون جميع الرحلات إلي أوروبا بمنتجات وخدمات صديقة للبيئة بحلول عام 2025، على أن يتم تعميمها على جميع رحلات شبكة الخطوط الجوية تباعًا.
وأكد وزير الطيران المدني، أن استراتيجية الوزارة فى مجال البيئة تأتى انطلاقاً من توجيهات القيادة السياسية وجهود الدولة المصرية، التى تولي ملف البيئة اهتماما كبيرا فى كافة المحافل الدولية لمواجهة ظاهرة التغيرالمناخى ومواكبة رؤية مصر 2030، معتبرًا أن نجاح هذه الرحلة بخدمات ومنتجات صديقة للبيئة سيكون بداية لتعميمها مستقبلا بما يتواكب مع خطة وزارة الطيران لمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية من خلال وجود نظام بيئي متكامل ومستدام يطبق كافة التوصيات والتشريعات المحلية والدولية فى مجال الطيران المتعلقة بحماية البيئة والحد من التلوث.
