الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2021 في لبنان.. بلد يواجه حالة سقوط حر خلال 12 شهرا وسط لامبالاة العالم.. والانهيار الاقتصادي وأزمة قرداحي تزيدان الطين بلة

علم لبنان
علم لبنان

بين اقتصاد متدهور وعملة آخذة في السقوط وفراغ حكومي وخلافات سياسية، لم يكن عام 2021 مختلفًا كثيرًا على مجرى الأحداث في لبنان، إذ شهد تطورات متسارعة وأزمات غير مسبوقة لا تزال تعصف بالبلاد.

ويواصل لبنان معاناته، بينما ينظر العالم إليه في محاولة يائسة للحل، بعد مرور 365 عامًا من أزماته المستمرة التي كشفت التعفن من قمة هرم البلاد إلى القاعدة، التي تحتاج من 6 إلى 7 سنوات من أجل الخروج من بوتقة الانهيار حسبما قال رئيس الجمهورية ميشال عون.

 

وفي التقرير التالي، يرصد "صدى البلد" حصادًا لأهم وأبرز الأحداث التي شهدها لبنان طيلة عام 2021:

1- فشل خارطة طريق ماكرون

هذا العام، أحيا لبنان الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في 4 أغسطس من عام 2020، وتسبب في أضرار لا تُصدق لأحد أكثر الموانئ البحرية ازدحامًا في البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف.

وحسب تقرير لمجلة "فوريس بوليسي" الأمريكية، كان هناك أمل في أن الكارثة يمكن أن تحفز التغيير السياسي، خاصة مع إجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة للعاصمة كأول زعيم يحتضن سكان بيروت ويقدم الحداد لهم وهم يقفون بين الأنقاض.

خلال الزيارة، أطلق مبادرة طموحة للمساعدة في إعادة لبنان من حافة الهاوية. لكن منذ ذلك الحين "لم يتحقق شيء"، حسب المجلة.

بدت خارطة الطريق الفرنسية للبنان واعدة على السطح، فوضع ماكرون، ورقة للساسة اللبنانيين، تتناول إصلاحات سياسية واقتصادية من أجل السماح بتدفق المساعدات الأجنبية وإنقاذ البلد من أزمات عديدة، كما شجع على تشكيل حكومة جديدة في غضون 15 يومًا، وإجراء انتخابات مبكرة. لكن في النهاية، مكّنت الخطة نفس النخب التي قال العديد من اللبنانيين إنها تسببت في بدء المشكلات.

وذكرت المجلة الأمريكية أن ممانعة فرنسا عن فرض عقوبات قاسية وتكبد النخبة السياسية تكلفة بدلاً من المناشدة لفعل الشيء الصحيح كان ساذجًا تمامًا - ومدمِّرًا في نهاية المطاف".

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لبنان

2- تشكيل الحكومة وأزمة الانعقاد

في 10 سبتمبر الماضي، أُعلن في لبنان عن تشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد عام و3 أشهر من المماطلة وحالة الشلل السياسي التي شهدتها البلاد، عقب استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار المدمر الذي حدث في مرفأ بيروت.

وترأس رجل الأعمال الملياردير نجيب ميقاتي الحكومة الجديدة، في وقت صعب تنزلق البلاد فيه بشكل أعمق إلى الفوضى المالية والفقر.

واستطاع ميقاتي أن ينجح في اقتناص مصادقة معظم الأحزاب السياسية اللبنانية عليه، بما في ذلك حزب الله وحركة أمل الشيعية الرئيسية الأخرى، بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ورغم أن الحكومة أبصرت النور، إلا أن جلسات انعقادها باتت معطلة وذلك بسبب إصرار حركة أمل وحزب الله، على عدم مشاركة الوزراء المنتمين لهما فى اجتماعات المجلس قبل استبعاد قاضى التحقيق في انفجار المرفأ، طارق البيطار بدعوى عدم احترامه للدستور والقانون وتسييس القرارات.

وكانت آخر جلسة لحكومة ميقاتي بكامل تشكيلها (باستثناء وزير الخارجية لتواجده في الخارج إنذاك)عقدت في 12 أكتوبر الماضى برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون فى قصر الرئاسة ببعبدا، وفى اليوم التالى، تم إرجاء الجلسة لأجل غير مسمى.

وفي 22 ديسمبر، أكد الرئيس ميشال عون، أن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء غير مقبول، داعيًا كل وزير أن يقدر خطورة الموقف.

وقال عون إنه يجب انعقاد مجلس الوزراء وتحمل الجميع مسؤوليته، مؤكدًا أنه ليس ملزمًا بالتوقيع وحده على أي قرار، ولا يمكن لأي توقيع أن يعفي مسئولية مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية.

الرئيس اللبناني يجتمع بحكومة ميقاتي

3- لبنان وهجرة الطاقات

أصبح الأشخاص المهمين في نهضة لبنان هم أنفسهم الذين يغادرون البلاد بشكل جماعي خوفًا على سلامتهم وسبل عيشهم.

ودفع التضخم الكبير في لبنان إلى صعوبة شراء المواطنين المواد الغذائية والضروريات الأساسية مقابل تضاؤل الرواتب وعدم انتظامها.

وحسب تقرير مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فإن 20 % من الأطباء اللبنانيين غادروا بالفعل أو يخططون للمغادرة منذ عام 2019. وكشف استطلاع حديث أن 77 % من الشباب يريدون المغادرة - وهي أعلى نسبة في المنطقة.

ورسم التقرير الخطوط العريضة لليأس المنتشر بين اللبنانيين والذي يتمثل في: "الغضب أولاً، ثم اليأس، والآن الهروب.. إنهم لا يأملون في تحقيق العدالة ولا في أي تغيير في ظل أي حكومة مع نفس الطبقة السياسية المسؤولة ".

وكانت مؤسسة "الدولية للمعلومات" ذكرت في وقت سابق، أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين، منذ بداية عام 2021 وحتى منتصف نوفمبر 2021، وصل إلى 77,777 فردًا، مقارنةً بـ 17,721 فردًا في عام 2020.

واعتبرت المؤسسة المعنية بالأبحاث والإحصاءات العلمية ومقرها بيروت، أن الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها لبنان، أدت إلى ارتفاع كبير في أعداد المهاجرين والمسافرين، بحثًا عن فرصة عمل يفتقدونها في وطنهم، أو عن خدمات حياتية أساسية أصبحت شبه معدومة من الكهرباء والمياه والصحة والنظافة.

وكتب فيصل عيتاني وعظيم إبراهيم، مديرا معهد نيولاينز للاستراتيجيات والسياسات، أن الهجرة الجماعية للبنانيين تخاطر بحدوث أزمة لاجئين كارثية محتملة في أوروبا، خاصة أنها استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين ومن دول أخرى، في وقت يظل المشهد درامتيكيًا على البلاد.

4-  انهيار الاقتصاد وأزمة العملة والوقود

في يونيو الماضي، وصف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية في لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم"، وصنفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.

واحتل لبنان الذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة هذه المرتبة، بعد تراجع ناتجه المحلي الإجمالي من 55 مليار دولار في عام 2019، إلى 33 مليارا عام 2020، في موازاة تراجع دخل الفرد بنسبة 40%.

كما شهد لبنان، أسوأ أزمة مالية له على الإطلاق، إذ فقدت العملة حوالي 90٪ من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، لتصبح مدخرات المواطنين عالقة في البنوك.

وفي 14 ديسمبر، سجلت الليرة اللبنانية انهيارا قياسيا وغير مسبوق في تاريخ لبنان، حيث وصل سعر الصرف أمام الدولار 28 ألفا.

كما تواصلت أزمة المحروقات في لبنان بشكل غير مسبوق، لتتحول البلاد إلى "طوابير" طويلة من السيارات، وسط شبه انقطاع لمادتي المازوت والبنزين، ما أدى إلى شن الجيش حملات لعدم تهريب الوقود.

أزمة المحروقات في لبنان

وجاءت الأزمة أيضًا مع إبلاغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المجلس الأعلى للدفاع في أغسطس الماضي، عدم قدرته على دعم شراء المحروقات.

ووسط هذا شهدت البلاد انقطاع للتيار الكهربائي نتيجة انخفاض القدرة الإنتاجية ونفاد مخزون الوقود المشغل للتيار في معاملها.

وأكدت مؤسسة كهرباء لبنان أنه من شبه المستحيل المحافظة على ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية في ظل الظروف التشغيلية الصعبة، مما ينذر بانهيارها الشامل في أي لحظة وعدم إمكان بنائها مجد

ويتوقع أن ترتفع الأسعار بشكل كبير مرة أخرى في الأسواق، مما سيكبد اللبنانيين أعباء إضافية، حيث أصبح الحد الأدنى للأجور يساوي أقل من 25 دولارا أمريكيا.

5- أزمة قرداحي ودول الخليج

عقب أكثر من شهر على تشكيل الحكومة اللبنانية بقيادة نجيب ميقاتي، شهدت البلاد أزمة سياسية كبيرة مع دول الخليج، على إثر تصريحات بُثت لوزير الإعلام السابق جورج قرداحي بشأن حرب اليمن، مؤيدًا ما يفعله الحوثيون.

وعلى الفور، استنكر رئيس حكومة لبنان تصريحات قرداحي، قائلا: إن "كلامه يندرج ضمن مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه".

وأكد ميقاتي أن التصريحات "لا تعبر عن موقف وزارته خاصة فيما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديداً في السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".

كما تبرأت وزارة الخارجية اللبنانية من تصريحات قرداحي، وأصدرت الرئاسة اللبنانية بيانًا تؤكد فيه أن حديث وزير الإعلام كان قبل توليه الوزارة، ما يعني أنها لا تعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية الحالية، التي تحرص على القيام بكل ما يساعد على وقوف السعودية بجانب الشعب اللبناني، خاصة في هذه الظروف الراهنة والصعبة.

إلا أن التصريحات أثارت جدلًا واسعًا، ما أدى إلى إعلان السعودية استدعاء سفيرها في بيروت للتشاور ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال الـ48 ساعة، ووقف جميع الواردات اللبنانية إلى المملكة.

واتخذت الإمارات والكويت والبحرين خطوات مماثلة للسعودية رفضا لتصريحات قراديح، فيما وجهت اليمن رسالة احتجاج واستنكار، إذ هدد هذا التوتر الدبلوماسي بتفاقم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان حاليا.

 وزير الإعلام السابق جورج قرداحي

وبسبب هذه الأزمة، طلب رئيس الحكومة من قرداحي تحكيم ضميره لمصلحة لبنان واللبنانيين، كما تدخل البطريرك الماروني بشارة الراعي، لكن وزير الإعلام السابق تعنت وتمسك بموقفه ورفض تقديم استقالته.

لكن في 3 ديسمبر، أعلن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، استقالته من منصبه، مؤكدا أنه "لم يقصد بكلامه عن حرب اليمن الإساءة لأي أحد".

6- فقد أحد الأعمدة الصحفية المستقلة

في أكتوبر الماضي، أغلقت "ديلي ستار" أقدم صحيفة لبنانية تصدر باللغة بالإنجليزية، أبوابها بعد مسيرة حافلة استمرت قرابة 70 عامًا.

وقبل ذلك في فبراير عام 2020، توقفت الصحيفة التي تأسست عام 1952، عن طباعة نسختها الورقية لأسباب مالية، بعدها سرحت جميع موظفيها من العمل، وعلقت تحديث موقعها الإلكتروني لـ"ظروف خارجة عن إرادتها"، ليفقد لبنان بذلك ركيزة من ركائز الصحافة المستقلة.

وقال حسين عبد الحسين، مدير التحرير السابق للصحيفة: "لقد تحولت مكاتب الصحيفة التي كانت تعج بالطنين في يوم من الأيام إلى أرشيفات يتجمع عليها الغبار"، مضيفًا: "قصتها هي قصة لبنان، الذي تحول في أقل من 15 عامًا من دولة واعدة إلى فاشلة".

7- تعثر التحقيق في قضية انفجار المرفأ

لا يزال ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت متعثرًا، ويعاني من تأخير واتهامات متبادلة، مما يحول دون تحديد الطرف المسؤول عن الكارثة.

يأتي ذلك بسبب المطالبات الخاصة من قوى سياسية على رأسها حزب الله وحركة أمل باستبعاد قاضى التحقيق، طارق البيطار بدعوى عدم احترامه للدستور والقانون وتسييس القرارات، ليتم تعليق الملف عدة مرات.

وأدى الاحتجاج ضد القاضي الرئيسي، طارق بيطار، إلى اشتباكات عنيفة قتل فيها سبعة أشخاص، في أحداث الطيونة.

ويوم الخميس الماضي، علق المحقق العدلي، طارق بيطار، مجددا التحقيق في الانفجار، وذلك بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزيران سابقان يطلبان نقل القضية إلى قاض آخر.

وأكد البيطار، في وقت سابق، أن "الضغوطات أو التهديدات" لن تثنيه عن التقدم في التحقيقات بهذا الملف، لافتا إلى أنه لن يتراجع عن الأمر إلا إذا تم استبعاده بالسبل القانونية المتاحة".

انفجار مرفأ بيروت

8- ملف كورونا

لا يزال لبنان يواجه أزمة فيروس كورونا، وسط تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية، ما يؤثر بشكل كبير على النظام الصحي في البلاد.

وسجلت السلطات الصحية في لبنان، 711259 حالة كإجمالي إصابات في البلاد، فضلا عن 9027 وفاة.

ووصل المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" بشكل سريع إلى البلاد، فسجل مختبر تشخيص كورونا بالجامعة اللبنانية، 433 حالة إصابة بلبنان منذ 3 ديسمبر الجاري.

وفي 16 ديسمبر، أصدرت وزارة الداخلية اللبنانية، قرارًا تضمن تقييد حركة التجول على جميع الأراضي اللبنانية من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحًا لغير الملقحين بجرعة واحدة على الأقل من اللقاحات المعتمدة ضد فيروس "كورونا" ولغير الحائزين على نتيجة سلبية لفحص (PCR) لا تتعدى مهلته 48 ساعة، وذلك حتى 9 يناير المقبل.