الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ختام زيارة بلاد البلقان.. مفتي الجمهورية يشدد على أهمية العلاقات مع البوسنة.. يدعو لتوفير بيئات خصبة للحوار بين أتباع الأديان.. ويطالب بتصدير التجربة المصرية للتعايش إلى ربوع العالم

مفتي الجمهورية وسفير
مفتي الجمهورية وسفير مصر لدى البوسنة والهرسك

مفتي الجمهورية من بلاد البلقان:

- نعمل على تعميق الحوار المبني على الخصوصية الدينية والثقافية

- ندعم توفير بيئة خصبة للحوار بين أتباع الأديان

- التجربة المصرية في العيش المشترك بين جناحَي مصر المسلمين والمسيحيين تجربة رائدة لا بد أن تصدَّر للعالم أجمع
- سعي جماعات التطرف والإرهاب لتشويه الدين والوطن باء بالفشل.

- الفتوى أحد أسباب استقرار المجتمع ووحدته.

رئيس غرفة الشعوب بالبرلمان البوسني:

- نتوقع من مرجعيات الإسلام الكبرى مثل الأزهر ودار الإفتاء إيجاد حلول تساعد المسلمين على العيش المشترك في الوقت الحاضر

 

اختتم الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، اليوم زيارته الرسمية الأولى إلى بلاد البلقان، وذلك كأول زيارة تشهد البلاد لمفتٍ مصري، حيث حرص في ختام الأيام الأربع التي قضاه على توجيه الشكر لسفير مصر بسراييفو ياسر سرور، على جهوده في إنجاح زيارته لجمهورية البوسنة والهرسك.

رسائل عديدة حرص المفتي على تدعيمها كان أبرزها تعزيز العلاقات مع البوسنة وتحصين أئمتها ومواصلة تدريبهم وإمدادهم بالتعاليم الإسلامية السمحة التي عليها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، ودعمها في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وإرساء دعائم السلام، ومواجهة العنف والفوضى.

وأثنى مفتي الجمهورية على الترتيبات العالية المستوى، وما شملته الزيارة من لقاءات مهمة نظَّمها السفير، ولا سيما مع عضو المجلس الرئاسي عن البوشناق شفيق جعفروفيتش، ورئيس غرفة الشعوب بالبرلمان البوسني باقر عزت بيحوفيتش، إلى جانب لقاءه بالشيخ حسين كفازوفيتش، رئيس المشيخة الإسلامية والمفتي العام للبوسنة والهرسك، وزيارته لمكتبة غازي خسرو بك العريقة.

تعزيز العلاقات بين البوسنة ومصر

وأكد علام في ختام زيارته، على أهمية مواصلة الجهود في سبيل تعزيز العلاقات بين البوسنة ومصر، خاصة في مجال الشأن الديني مثمنًا دَور المشيخة الإسلامية ورئيسها سماحة الشيخ الدكتور حسين كافازوفيتش في نشر صحيح الدين والارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين.

 

نموذج فريد في الحوار والتعددية

أكد علام خلال زيارته أن مصر تعيش نموذجًا فريدًا في الحوار والتعددية واحتضان كل الأديان بتسامح، لافتًا النظر إلى أن الحوار بين أتباع الأديان انتصار حقيقي على التطرف والإرهاب، مشددًا على ضرورة تحويل الحوار بين أتباع الأديان إلى برامج حقيقية تساعد على التعايش والسماحة.

وأشار إلى الحاجة الماسة لتعميق الحوار المبني على الخصوصية الدينية والثقافية، مؤكدًا أنه من دون الحوار لا يحدث تقارب بين الشعوب والثقافات، وأن التركيبة المصرية للتعايش تعد تجربة ثرية لا بد أن يتم تدريسها بشكل معمق، ففي مصر يوجد المسجد بجانب الكنيسة في أماكن كثيرة، مشيرًا إلى أن توجه الدولة المصرية الآن هو إنشاء المسجد إلى جوار الكنيسة في كثير من المدن الجديدة، حيث افتتح الرئيس السيسي في العاصمة الإدارية مسجد الفتاح العليم بجوار كنيسة ميلاد المسيح.

بيئة خصبة للحوار بين أتباع الأديان

كما تطرَّق المفتي إلى الحديث عن مبادرة بيت العائلة المصرية كنموذج لمجالس الحوار بين الأديان، التي يرأسها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ٦ أشهر ، والبابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية 6 أشهر، مؤكدًا أن هذه المبادرة قد حققت امتزاجًا حقيقيًّا ووفرت بيئة خصبة للحوار بين أتباع الأديان.

مخطوطات مكتبة غازي خسرو بك

تفقد مفتي الجمهورية، المخطوطات النادرة في مكتبة غازي خسرو بك التاريخية، مثمناً الدَّور الهائل الذى تقوم به وما تزخر به من كتب ومخطوطات تاريخية تمثل ذاكرة الشعب البوسني؛ حيث تضم خلاصة إنجازاته الثقافية والحضارية متمثلةً في كمٍّ هائل من المخطوطات القيمة، مؤكدًا على دورها الثقافي الهام وتاريخها الذي يعود إلى ألف عام، واعتبارها أيضًا في مصافِّ كبريات المكتبات التراثية في أوربا.

تدريب أئمة البوسنة

وقال المفتي: "إن مصر تربطها علاقات دينية طيبة بالبوسنة والهرسك، وعندما عقدنا أول مؤتمر أنشأنا بعده الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، كان للبوسنة تمثيل مشرف وحضور كبير في الأمانة، حيث انضمت البوسنة ممثلة في الشيخ حسن كازوفيتش والشيخ مصطفى سيرتش". 

كما أكد المفتي أن التواصل والتعاون مهم في الفترة القادمة بين المؤسسات الدينية في البلدين، منوهًا بقيامه بدور كبير في تعميق الحوار بين البلدين وتدريب أئمة البوسنة في دار الإفتاء المصرية، مشددًا على أن الفتوى تعد أداة لتحقيق الاستقرار في المجتمعات؛ كونها محركة وموجهة إلى البناء والعمران، أو قد تكون سببًا في الهدم، ودورنا أن نتصدى للفتاوى التي يتم استخدامها كأداة للهدم.

إنقاذ سفينة العالم من الخرق

المفتي أشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علمنا أن نعيش في سفينة واحدة، وأن لدينا مسئولية مشتركة في حماية هذه السفينة وعدم خرقها حتى لا نهلك جميعًا.

سبيل استقرار المجتمع 

وقال المفتي: "جئت من مصر بلد الأزهر الشريف، الذي حرص على مدى تاريخه أن يعلم المسلمين في مختلف دول العالم دينهم بشكل صحيح، بعيدًا عن التشدد والتعصب"، مؤكدًا على أهمية التعاون بين المؤسسات الإسلامية الكبرى لنشر الوسطية والدين الصحيح.

وأضاف أن دار الإفتاء المصرية لديها خبرات متراكمة في العمل الإفتائي منذ عام 1895م، وهي تعمل وَفق منهجية منضبطة نابعة من إيماننا بأن الفتوى محركة للأحداث كما أنها أحد أسباب الاستقرار المجتمعي ووحدتها والتي ينبغي أن تكون المظلة الحقيقية للفتوى، لذا لا بد أن تكون منضبطة.

وأكد المفتي أن التدريب والتأهيل هو الأساس للعملية الإفتائية، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء لديها برامج تدريبية وتأهيلية وضعت بشكل خاص للعاملين في مجال الفتوى من أجل بناء القدرات.

وأبدى مفتي الجمهورية استعداد دار الإفتاء المصرية الكامل لتقديم كافة أشكال الدعم الإفتائي والتدريب لأئمة البوسنة والهرسك وبناء قدراتهم الإفتائية، مؤكدًا أن التعاون بين دار الإفتاء والبوسنة مهم جدًّا في المرحلة القادمة، وتعد خطوة مبدئية في تعزيز التعاون الديني والإفتائي.

وأضاف أننا نريد في هذه الأيام أن نظهر الإسلام بصورة حضارية، ونركز على قيم التراحم، كما نحتاج إلى بذل الجهود الكبيرة من أجل التواصل والتعاون بين الهيئات والمؤسسات الدينية والإفتائية المختلفة على مستوى العالم.

 فشل جماعات التطرف والإرهاب 

وفي لقاء الجالية المصرية أكد الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، أن الجاليةَ المصرية في مختلف دول العالم خيرُ سفراء لمصر الكنانة، التي خصَّها المولى عز وجل بمكانة سامية في كل الكتب المقدسة والقرآن الكريم، حيث ذكر سبحانه مصر تصريحًا وتلميحًا أكثر من ثلاثين مرة، كما أورد الإمام السيوطي في كتابه: "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة".

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قد بيَّن لنا أن لمصر مكانة خاصة عند جنابه الشريف، فقال: "إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرًا فإن لكم منهم صهرًا وذمة". كما وصف جنود مصر بأنهم خير جنود الأرض، وهي بشرى كبيرة لمصر وأهلها، ونصر أكتوبر شاهد على ذلك، مؤكداً أن التجربة المصرية في العيش المشترك بين جناحَي مصر المسلمين والمسيحيين هي تجربة رائدة لا بد أن تصدَّر للعالم أجمع، مشيرًا إلى أن سعي جماعات التطرف والإرهاب لتشويه الدين والوطن باء بالفشل بفضل وعي أبناء مصر.

وأوضح أن المصري بطبعه مرتبط بوطنه عاشق له، فحب الوطن غريزة فطرية أودعها الله سبحانه وتعالى في القلوب، وقد عبَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حبه لوطنه في رحلة الهجرة النبوية عندما نظر إلى مكة وقال: «واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إليَّ، ولولا أن أَهْلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجتُ». فهو صلى الله عليه وآله وسلم علمنا حب الأوطان وخاض حروبًا دفاعًا عن حِمى الوطن، وهو ما يؤكد أنه لا يوجد تناقض بين الإيمان وحب الأوطان، بل إن حب الأوطان من الإيمان.

وتابع: "سُئلنا من المصريين في الخارج عن نقل الزكوات والصدقات إلى مصر، وقلنا: إن هذا الأمر جائز شرعًا، ودعمنا الفتوى بالأدلة الشرعية المعتبرة، ولاقت قبولًا بين المصريين في الخارج". 

تهميش الفكر المتطرف

وقد أعرب صافت سوفيتش، من جانبه، عن تقديره لزيارة المفتي للبوسنة والهرسك، ناقلًا امتنانه لهذه الزيارة بصفته رئيسًا للعلاقات الخارجية بالبرلمان ورئيس المجلس التشريعي، حيث قال: "أنتم ضيف لجميع الشعب، وزيارتكم سوف ترسل إشارات إيجابية نحو دفع العلاقات الثنائية -خاصة في المجال الديني- إلى الأمام".

كما أكد أن لديهم مسئولية أخلاقية لتهميش الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية بما لديها من خبرات كبيرة تمتلك القدرة على إسكات الأقلية المتطرفة ونشر المنهج الصحيح.

 

أهمية التعاون الديني والتدريب

توجه باقر عزت بيجوفيتش -رئيس غرفة الشعوب في برلمان البوسنة والهرسك- بالشكر إلى المفتي على زيارته، مبديًا اتفاقه الكامل على أهمية التعاون الديني والتدريب، خاصة وأن بعض المسلمين في مرحلة كبيرة كانوا عرضة للجهل والتطرف، وشرعوا في الانتماء إلى الحركات الراديكالية وتحول فكرهم إلى أعمال إرهابية بتفجير المساجد والكنائس.

وأضاف أنه لكي يستقيم الأمر فلا بد لعلماء الدين الوسطيين أن يعلموا الناس دينهم بطريقة صحيحة، فنحن بحاجة إلى تفسيرات جديدة ومعاصرة توصل المسلمين بدينهم بطريقة عصرية.

وتابع: "نتوقع من مرجعيات الإسلام الكبرى مثل الأزهر ودار الإفتاء المصرية إيجاد حلول تساعد المسلمين على العيش المشترك في الوقت الحاضر، ولا بد أن يكون هناك وعي حقيقي بالتحديات الحالية"، مؤكدًا أن الأزهر ودار الإفتاء تمثل غالبية المسلمين بوسطيتهم، ولا بد من التعاون معهما وهو ما يحرص عليه الشعب البوسني

وشدد أن زيارة مفتي مصر وهو شخصية دينية مرموقة ستفتح آفاقا جديدة للتعاون بين بلدينا.